الحكومة قررت رفع اسعار المشتقات النفطية ، وستعود مرة اخرى نهاية شهر اذار ، لترفع سعر اسطوانة الغاز نهائيا ، بحيث تصل الى عشرة دنانير ، وستقوم برفع الدعم عن الاعلاف ، ايضا ، مما يعني اننا في شهر نيسان ، سنشهد ، قفزات جديدة في الاسعار.لا نريد ان نناقش القرار ، لكن السؤال يأتي محيرا ، حول سبب ترك كل هذه الثروات الموجودة في البلد ، دون فائدة منها ودون استفادة ، فلماذا يتم تركها ، ونحن نعرف ان مخزون الاردن من النحاس يصل الى مليارات الدولارات ، في جنوب المملكة ، ومخزون الاردن من الصخر الزيتي ، الذي يمكن استخراج النفط منه ، بمليارات الدولارات ، ومخزون الاردن من الماء ، في الديسي واحواض اخرى ، كفيل بحل مشكلة المياه ، ومخزون الاردن من اليورانيوم ، مرتفع جدا ، ومن اعلى النسب في العالم ، ومخزون الاردن من الفوسفات والمعادن ، مرتفع كذلك ، فحتى البحر الميت ، يعد كنزا ، تشربه اسرائيل ، ونحن منشغلون فقط ، بملاحقة صغار المزارعين الغوارنة ، اذا حاول عدم تسديد قسط صغير يتعلق بأرضه ، ولدينا ايضا ثروات اخرى.
ما نشرته احدى الصحف نسبة الى نائب سابق حول انه سأل الحكومة السابقة عن سبب عدم الشروع ، باستخراج النفط من الصخر الزيتي ، فجاء الجواب ، ان الحكومة تلك تلقت نصيحة من خبير امريكي بعدم استخراج النفط من الصخر الزيتي ، وتركه للمستقبل ، يثبت ان النصيحة مسمومة ، وان خلفها ما خلفها ، ولا نتهم هنا احدا ، بأنه يتبنى مثل هذه النصائح ، غير ان السؤال الهام هو...لماذا نبقى نتعامل مع البلد باعتباره بلدا فقيرا ، وهو ليس كذلك ، ولماذا يبقى الناس يعانون من مشاكل اقتصادية ، وبلدهم غني بالثروات ، وهي ثروات قادرة على سداد المديونية ، وانعاش حياة الناس.
سيرد أي لسان حكومي اليوم بالقول ، ان هذه المشاريع بحاجة الى سنوات لتنفيذها ، وهذه المشاريع بحاجة الى كلف مالية مرتفعة ، والجواب هنا مقنع في ظاهره ، غير ان الحقيقة تشي بجواب اكثر من جواب أي لسان حكومي ، فلو بدأت الحكومات المتعاقبة ، باقامة هذه المشاريع منذ سنوات ، لكنا انتهينا منها منذ زمن ، ولو قرروا اليوم البدء بها ، فستخرج الى العلن ، خلال فترة قصيرة ، واما التمويل ، فكلنا يعرف ان ما يزيد عن خمسة عشر مليار دينار اردني مكدسة في المصارف ، قادرة على اقراض الحكومة ، او الدخول في شراكات وطنية كبرى ، عبر الاكتتاب العام ، لاخراج هذه المشاريع ، من عتمتها الى النور.
ربما هناك اشياء ، لا نعرفها ، ولا نفهمها ، غير ان من حق الناس اليوم ، ان لا يعيشوا وسط هذا الضنك وهذه المصاعب وبلدهم غني بالثروات ، ولا احد يفهم كيف ان كل الدول المحيطة بنا ، فيها نفط ، باستثناء الاردن ، ولا احد يعرف ، اسرار المماطلة في اخراج هذه المشاريع واطلاقها ، وجعل هذا الشعب يعيش بحبوحة ، هي من حقه.
لم يولد البلد فقيرا ، ولا يجوز ان نصدق انه بلد فقير ، غير اننا نشهد اليوم بلدا غنيا ، وشعبا فقيرا.
m.tair@addustour.com.jo