السلط تسجل رقماً قياسياً في المناسف
المحامي محمد الصبيحي
24-10-2013 08:31 AM
يقول أحد المختصين في الشؤون المناسفية أن عدد المناسف التي أريقت في السلط هذا الصيف تجاوز أربعين ألف منسف!
قبل عامين أو ثلاثة كان في مدينة السلط متعهد واحد أو أثنان لمناسف المناسبات الكبيرة (أعراس.. وفيات وانتخابات وغيرها)، أما هذا الصيف فقد أكتشف كثيرون أنها تجارة رائجة مربحة فقد أستفحلت في المدينة وجوارها روح التفاخر وفرد الكرم أجنحته في سمائها فأصبح في المدينة عشرة متعهدين يستطيع كل واحد منهم تجهيز ثلاثمائة منسف خلال أربع ساعات، ولدى كل منهم عددا وفيرا من العمال المدربين والمعدات من (قدور) ضخمة وأوان ومواقد، وأشتهر بعضهم حتى وصلت شهرته العاصمة وأصبح ينافس المطاعم الكبرى المشهورة.
المسألة تتبع العرض والطلب وما دام الطلب على أشده فالعرض جاهز لتلبية الطلبات والسوق مفتوح لطباخين جدد في مهنة كان السلطيون قبل عشرين سنة ينظرون اليها على أنها عيب أجتماعي لأنها من أختصاص النساء فقط.
لم يعد أسم السلط مقرونا بالعنب السلطي الفاخر والتين ( المعسل ) فقد تضاءلت كروم العنب والتين وارتحل الاجداد والاباء الذين كانوا يعتنون بها كعنايتهم بأطفالهم، الى الرفيق الاعلى وهجر الابناء الفلاحة، حتى أصبح أسم المدينة الان مرتبطا بالمنسف السلطي اللذيذ.
لا نلوم ولا نعيب في ذلك أحدا ولكن المفجع ما قاله لي أحد متعهدي الطبخ بأن الناس يسرفون الى درجة لا تصدق وعلى سبيل المثال فقد جاوز عدد المناسف في مناسبة واحدة لمواطن ثمانماية منسف فأكل المدعوون وأطفال ونساء القرية - في ضواحي المدينة وبقي ما يقارب مائة منسف لم تفتح ولم يعرف صاحب الدعوة ما يفعل بها.
ويضيف بأن بعضهم يسرف من سعة أنعم الله بها عليه غير أن المؤسف أن هناك من يسرف من قلة وضيق حال فيلجأ الى الاستدانة أو بيع قطعة أرض اذ يشعر أنه مجبر ألا تكون دعوته أقل شأنا من دعوة فلان وغيره من أبناء عشيرته أو بلدته.
ويحتفظ طباخو السلط بدفاتر يومية مسجل بها بالتفصيل الدقيق تاريخ وعدد المناسبات وأسماء أصحابها وعدد المناسف التي أوصى عليها كل منهم-وأرجو ألا يلفت ذلك نظر ضريبة الدخل - وليس متاحا لمثلي الاطلاع على تلك الدفاتر وأجراء عملية أحصائية ولكن ربما يمكن لباحث أجتماعي نشط أن يفعل ذلك فيكشف أمامنا الحقيقة الصادمة.
ومع ذلك يقدر أحد هؤلاء أن عدد المناسف التي أريقت في السلط وضواحيها هذا الصيف تجاوز أربعين الف منسف ويرى أخر أنه تجاوز الخمسين الفا بسبب الانتخابات النيابية.
اذن فقد أصبحت وثيقة السلط الشعبية، ذلك العقد الاجتماعي الرائع في خبر كان والمؤلم أن واضعيها مازالوا أحياء يشاهدون ويتألمون ولا يملكون ما يفعلون أو يقولون بازاء ما يرون من أسراف لا مبرر له وتفاخر مذموم لا يكسب صاحبه مجدا ولا رفعة.
الموضوع يستعصي على التعليق ولكن كلمة أخيرة أختم بها وأقول لو كان للخراف أن تشتكي لوصلت شكواها الى مجلس الامن الدولي ولسمعنا أحتجاجات منظمةالاغذية والزراعة الدولية.
(الرأي)