ربما لست متخصصا في القانون الإنساني الدولي إنما ليس من العيب أن نسأل وان نرجع إلى مراجع القانون لنتعرف على غزة الحالية من منظور القانون الإنساني الدولي الذي لطالما تحمله إسرائيل والولايات المتحدة كالعصا المسلطة على رؤوس العرب الذين صرت اعتقد أنهم لا يعرفون القانون الإنساني الدولي أو أنهم مشاركون في صناعة هذه العصا المسلطة على رؤوسنا.انه قانون عادل لكن الهيمنة الأمريكية الأحادية الجانب على مجلس الأمن الدولي تجعل منه غير عادل.انه ينص صراحة على انه لا يجوز استخدام التجويع كسلاح ضد الإنسان مهما كان الظرف.وبهذا فان إسرائيل بحصارها وتجويعها لأهل غزة تخترق هذا القانون عنوة و لا احد يستطيع أن يوقفها عند حدها.كما أن القانون الإنساني الدولي يحمل مصر المسؤولية إذا هي لم تفعل ما فعلته من فتح للحدود إذ أن القانون ينص صراحة على انه لا يجوز للدول المجاورة أو التي لها علاقة بالمشكلة أن تقف مكتوفة الأيدي أمام سياسة التجويع وها نحن نرى أن مصر التي تطبق القانون بفتحها المعبر وتأبى أن تشارك في تجويع المدنيين تلاقي ضغطا دوليا وإسرائيل التي تخترق القانون لا احد يحاسبها بل أن ذلك وصل إلى حد تبرير أن ذلك دفاع عن النفس.
يتسائل البعض في المجتمعات الغربية ومن يغردون في سربهم من العرب بان السبب في هذا الحصار والتجويع هو صواريخ القسام التي تطلق على مستوطنة سديروت وان إطلاق هذه الصواريخ هو خرق للقانون الإنساني الدولي.ترى هل يعلمون أن القانون الإنساني الدولي يمنع المعاملة بالمثل وذلك على فرض أن هذه الكتل الحديدية التي لا تسمن ولا تغني من جوع التي تسقط على إسرائيل من غزة هي خرق للقانون الإنساني الدولي.أي أن على إسرائيل التي تلوح بالشرعية الدولية والقوانين الدولية أن لا تخرق القانون الإنساني الدولي بتجويع المدنيين وسياسة العقاب الجماعي التي يرفضها القانون نفسه وكافة المواثيق الدولية حتى وان خرقته صواريخ حماس.
ربما بخطوة فتح معبر رفح تخترق مصر الاتفاقية الموقعة بينها وبين إسرائيل والسلطة الفلسطينية حول تشغيل المعابر لكن لابد من الإشارة إلى أن هذه الاتفاقية لم تعد قائمة مادام الفريق الفلسطيني الممثل بسلطة محمود عباس والفريق الأوروبي قد انسحبوا بعد سيطرة حماس على غزة.أي أن مصر وحماس هما من تقرران مصير معبر رفح وغيره من المعابر.
غريب هذا الذي يحصل في مجلس الأمن الدولي تجاه غزة إذ انه يتحرك بخجل وتثاقل تجاه الخروج بأي قرار حتى وان كان ضمن الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة.وذلك على عكس قراراته الرشيقة بحق لبنان والعراق والتي اتخذها بكل ما لديه من قوة ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
إن ازدواجية المعايير تبدو واضحة في ميثاق الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي الذي يتعامل مع أي قرار ضد العرب ضمن الفصل السابع والذي يعني إلزامية القرار وان على الدولة المتخذ بحقها القرار التنفيذ فورا وان لم تنفذ فان المجلس يستخدم بحقها العقوبات التي قد تصل إلى مستوى التدخل العسكري.
أما إسرائيل الابن المدلل لأمريكا صاحبة الهيمنة على المنظومة الدولية فان اتخذ المجلس بحقها قرارا فانه يأتي ضمن الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة والذي يعني أن أي قرار يتخذ فهو غير إلزامي للدولة التي لها الحق في عدم تنفيذه دون أن يكون عليها أي تبعات أو عقوبات.ولم يشهد تاريخ مجلس الأمن الدولي أن اصدر أي قرار بحق إسرائيل ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
يحق لمصر التخوف من محاولة حماس تصدير الأزمة الداخلية إلى العمق العربي أو زج مصر في تفاصيلها وهذا ما ترفضه مصر على لسان رئيس الجمهورية محمد حسني مبارك الذي أعلن أن مصر لن تسمح بتجويع الفلسطينيين ولن تسمح بزجها في الخلافات الداخلية الفلسطينية.
إلا أننا إذا عدنا إلى القانون الدولي مرة أخرى فان إسرائيل هي من تحاول تصدير المشكلة والتنصل من مسؤولياتها كدولة محتلة مطالبة بان تحمي المدنيين الذي يقعون ضمن الأراضي التي تسيطر عليها ومنها قطاع غزة وبتوفير المواد الأساسية لهم من الماء والكهرباء والأغذية بل توفير فرص العمل لهم أيضا.
على العرب أن يستغلوا هذه الفرصة الذهبية لإعادة صياغة العلاقة مع إسرائيل من جديد لان الكرة الآن في ملعب إسرائيل وأمريكا التي تتطلع بشغف إلى الدعم العربي لها في مواجهة إيران وهذا يعني تلاقيا لم يسبقه مثيل للمصالح العربية الرسمية والأمريكية بضرورة إيقاف طموح إيران النووي.وهنا يمكن الضغط على إسرائيل بالعودة لتحمل مسؤولياتها الأخلاقية التي يفرضها عليها القانون الدولي كدولة تحتل شعبا اعزل.
يبدو الأفق القادم قاتما للعرب أنظمة و شعوب إذا لم تستغل هذه الفرصة التي هي جزء من الفوضى الخلاقة التي ابتكرتها الولايات المتحدة في المنطقة والتي اكتشف أمريكا أنها هي الخاسر الوحيد منها وان الرابح الأكبر هي الحركات الإسلامية وحركات المقاومة.