حصان «زمزم» أمام عربة الإصلاح السياسي ؟!
ممدوح ابودلهوم
23-10-2013 03:20 AM
أبدأ من حيث انتهت مقالة معالي الاستاذ نصوح المجالي في الثالث من تشرين الجاري، بالاعتراف أولاً بأنني وعلى غير العادة لم اتوقف كما يجب مليّاً بتأنٍ وعمق، أمام الاحتفائية السياسية التي سبقت شعبياً ورسمياً ودافقت مبادرة زمزم في إهاب هذا الكرنفال الوطني، منذ حلقته الأولى المتمثلة في ولادة الفكرة ثم حلقات العصف الذهني التي شارك فيها معظم تلاوين الطيف في البلاد، حتى حلقة الاعلان رسمياً عن انطلاق المبادره..
على أنني ثانياً وقبل أن ألثغ بحرف هذه المقالة المتواضعة الاول، رحت وهذه المرة بتركيزٍ وتمحيصٍ مُعمقين الى ذلكم السيل العرم من المقالات والتحليلات، كي اجمع محتشداً قصارايّ بتقديم قراءةٍ مختلفةٍ فيما ارجو، قد تتراخى فتتوزع على غير وقفة في تجليات هذا المتحول الديمقراطي النوعي تنويراً وتثويراً في آنٍ معاً..
أبعد من ذلك فإن عمليات التحشيد السياسية بل والاعلامية ايضاً، والتي لم يعد سراً أن من يخطط لها اطراف اخرى تبحث عن حصتها في كعكة الخلاف بين الفريقين (!) ناسين أو متناسين أن زعمات المبادرة هم اعضاء في الاخوان وقادتها هم من الرموز في الجماعة والجبهة، لا بل وفي حدود ما اعلم انهم لم يقدموا استقالاتهم أو يعلنوا عن انفصالهم عن تنظيم الاخوان، ففي الاخبار ما زالت تتقاطر تصريحات قادة المبادرة-الغرايبة والكوفحي مثالاً، بأن زمزم هي حالة متقدمة محضنها الجماعة ووسيلتها الوسطية أما غايتها فالصالح العام للدولة الاردنية، ووفق هذه القراءة الشفيفة فأنها باتت أو كادت قاب خطوتين، من القبض على مفاتيح المعادل الموضوعي بين خطاب الجماعة ونظرية المبادرة..
غير أن ذلك كله ما ينبغي له أن يقفز عن هذا الذي تقوم به الجماعة وجبهتها - صقورها تحديداً- ضد زمزم ومفكريها النابهين، ماهو بالقطع ليس بالغريب أو المستهجن منهم فالمتابع الحصيف وفي الوسطين معاً السياسي والاعلامي، محيطٌ لا جدال بهذه الوجيعة الوطنية التي راحت، حناجرَ ومنابرَ، تنال من الاصطفاف الديمقراطي وبتالي الاستقرار السياسي في نهاية المطاف..
أسوقُ ذلك وفي الاخبار اصدار الاخوان اوامرَ للمسؤولين عن الفروع والشُعب وتحديداً العاصمة، لتصوير الذين حضروا حفل اطلاق المبادرة وبخاصة من الجماعة والجبهة ليُصار الى محاكمتهم فمعاقبتهم بتجميد عضوياتهم وبعضهم بالفصل، ما يمُكنة أيّ مراقب سياسي أن يعتبر ذلك كمستصغر الشرر في المعركة التي بدأت بذلك أمّا نهايتها فقد تكون كسر عظم (!) اما الطرف المقابل فيقسم الى فريقين الاول يقدم المشورة والدعم ويرقبُ التجربة بهدوء، ويرى انجاح المبادرة في وضع حصان زمزم أمام عربة المصالح العليا للدولة الاردنية، أما الفريق الثاني فببراءة أو بسذاجة والبعض بحماقة يذكون نار الخلاف انتصاراً للمبادرة، وهم بذلك انما يجسدون حكاية الدب الذي حشم انف صاحبه بغرض طرد الذبابة عن وجهه!
منطق الامور، خلوصاً..وللحديث بقية، يقضي ان يحتكم الفريقان آنفاً الى العقل ما يفضي بالتالي الى الانحياز الى صالح الوطن، اذ لديهم الوقت الكافي للحكم على التجربة وربما محاكمتها فلا ضرار وما من تثريب، فهذه هي الديمقراطية التي نطمح لتمام امرها ونرى نجاح المبادرة فتحاً واعداً من فتوحاتها في مقبل الايام، فما يجري هو بالمحصلة وضع العصي في دواليب المبادرة ويعمل على تأخير اعلانها دستورياً، حزباً سياسياً يُشار له ببنان التقدير والاعجاب يؤتى منه ويبنى عليه مستقبلاً كحلقة رائدة في سلسلة الاستقرار السياسي في الاردن.
(الرأي)