الأيام المقبلة ستضع حدا لحالة الترقب التي عاشتها أوساط وصالونات سياسية، في انتظار التغييرات المرتقبة والتشكيلات التي يجري الحديث عنها في دوائر صنع القرار، وأبرزها ما يتعلق بالأعيان، إضافة إلى مواقع أخرى جرى الحديث بكثرة عن تغييرات مرتقبة فيها.
أبرز تغيير مرتقب خلال أيام، هو إعادة تشكيل مجلس الأعيان. وفي هذا الصدد كثر عدد المترقبين والطامحين والحالمين بإدراج أسمائهم ضمن التشكيلة الجديدة للمجلس.
تشكيلة الأعيان المرتقبة يُتوقع أن تكون مختلفة؛ تشمل أسماء أعيان جدد يتمتعون بحضور شعبي على مستوى الوطن، وبدراية عالية في التشريع والرقابة، وتمثل الطيف السياسي في البلاد، وتبتعد عن الطابع المناطقي والجغرافي، وتضم خبراء في مجال التشريع والاقتصاد وذوي دراية عالية بالعمل العام.
الصالونات السياسية تترقب تشكيلة الأعيان، وترقب إماطة اللثام عن تغييرات أخرى جرى الحديث عنها بقوة خلال إجازة عيد الأضحى المبارك. ولكن حديث الصالونات السياسية يبقى مجرد حديث وأمنيات، ما لم يجرِ الإعلان عنها رسميا.
أما غرفة التشريع الأولى؛ مجلس النواب، فإن يوم الثالث من الشهر المقبل سيكشف عن اسم رئيس المجلس في الدورة العادية الأولى، وهو الموقع الذي يتنافس عليه حتى الآن 8 مرشحين، فيما يتوقع أن يستمر منهم حتى يوم الانتخاب ما بين 3-4 مرشحين فقط.
ما يدور في البيت النيابي ما يزال حتى الآن في طور الخداج، ومن المبكر الكشف عن اسم الرئيس المقبل للنواب، خاصة أن خريطة التحالفات القائمة غير واضحة، ولا تتضمن بوصلة معينة.
وبطبيعة الحال، فإن أي تغييرات في أي مكان رئيس في مؤسسات الحكم سيكون له أثر واضح في تركيبة المكتب الدائم لمجلس النواب، واسم رئيس النواب المقبل.
وكما كان للسلطة التشريعية، نوابا وأعيانا، نصيب من "نميمة" المجالس والصالونات، فإن نصيب الحكومة كان أوفر بكثير. ففي الوقت الذي يتوقع فيه البعض رحيلها قريبا، يرى آخرون أنها مُقدمة على تعديل، وهي باقية حتى منتصف الثلث الأول من العام المقبل؛ مستندين في ذلك إلى استحقاقات أخرى في انتظار الحكومة لم تقدم عليها، أبرزها تسعيرة المياه والخبز.
بحسب المعطيات التي سبقت تشكيل الحكومة وتكليف رئيسها، فان الحكومة الحالية مختلفة عن حكومات سابقة؛ فهي جاءت عبر مشاورات نيابية خلصت في نهاية المطاف إلى تكليف الرئيس الحالي د. عبدالله النسور. ورغم كل ما قيل وما سيقال لاحقا عن تلك المشاورات، وما اعتراها من إرهاصات وكلام بأن مجلس النواب الحالي كان في مرحلة التشكيل، وأن كتله لم تكن قوية بالدرجة الكافية، إلا أن الحكومة في نهاية المطاف جاءت من رحم تلك المشاورات.
وبالتالي، فإن الكلام عن رحيلها بشكل مباغت لا يستقيم مع السياق الذي جاءت به الحكومة، لاسيما أننا تغنينا طويلا بأننا فتحنا بابا واسعا لمجلس النواب لأخذ دوره في تشكيل الحكومات، وبالتالي لا يستقيم أن نعود فورا عنه، وإنما يتوجب رعايته وتعزيزه.
القطع بشأن مصير الحكومة يبقى دربا من التنجيم؛ فلكل وجهة نظر وجاهتها وأسسها التي تستند إليها. فمن يعتقد بقرب رحيل الحكومة، يستند إلى حجم السخط الشعبي عليها، وما لاقته خلال الفترة الماضية من انتقادات واسعة وشاملة على كل المستويات؛ سواء شعبية أو سياسية أو حزبية أو حتى من قبل دوائر صنع القرار، وبالتالي فإن هؤلاء يرون أن بقاء الحكومة لفترات أطول يعني بقاء حالة الاحتقان الشعبي ضدها.
ذاك لا يعني الجزم ببقاء الحكومة أو رحيلها، وإنما هذا سيكون مرهونا بمدى توافقها وتناغمها مع مجلس النواب، ومدى قدرة المجلس على تحمل حجم الضغط الشعبي والسخط على الحكومة، وخاصة سياستها الاقتصادية التي ساهمت في إفقار المواطن وتجويعه.
(الغد)