سوريا .. التسوية هي مفتاح الحل ..
فارس الحباشنة
23-10-2013 02:20 AM
منطقة الشرق الاوسط مفتوحة أمام حملة مواقف مترددة و منقلبة من الازمة السورية ، تحولات مفاجأة بمواقف دول كبرى لاعبة في المنطقة ، الكل يبحث عن سبيل للخروج من مأزق الازمة السورية ، التراجع والتردد في هذه اللحظة لا يكفي .
الامريكان تخلو عن خيار الحل العسكري ، ومفاوضاتهم المفتوحة مع الروس حول تسوية الازمة السورية أحرجت بلد عربية كبرى كان لها موطيء قدم واضحة في تطوارات الصراع العسكري على الاراضي السورية ، موقف واشنطن لم يتنبه كثيرا لمصالح حلفائهم بالمنطقة بقدر ما راعى و احترم مواقف بقية
الفرقاء الدوليين .
كل الملاحظات العابرة و المستقرة ، تقول أن الاشتباك القادم حول الازمة السورية سيكون دبلوماسيا بحت ، و أن اللاعبين من الصعب أن يتواجهوا مجددا الى خيار الحل العسكري ، ما يفتح الباب أمام دول مفصلية في المنطقة لاعادة النظر في موقفها من الازمة السورية ، قبل أن تتحول التسوية السياسية الى واقع حال ، لا يحتمل القفز من فوقه أو المغامرة بغيره .
لربما أن سوريا و نظامها في دمشق ظهر بنوع ما متنازلا في ملف "الاسلحة الكيماوية " ، رضخ لارادة الامريكان بما يتعلق بملف تعطيل الاسلحة ، ولكن ثمة تفاصيل غامضة ومعقدة للغاية في أسرار الصفقة الامريكية -الروسية ، فهي خطوة تموضعت بها أدارة أوباما بضمان توفير الحماية لحليفها الاستراتيجي
في المنطقة أسرائيل .
قبل الاقتراب من جنيف 2 ، لابد من الانتباه الى أن حمام الدم لن يتوقف ، و أن النيران الحرب الملتهبة في سوريا المسعورة ستصل الى ذروتها لخطف رهانات السيطرة على الميدان بين النظام و المعارضة ، فاطرفان يسعيان الى تحقيق مكاسب كبرى قبل الدخول الى غرفة المفاوضات في جنيف ، ولربما تكون هي اللحظات الاخيرة للحرب .
في مطالعة الموقف الامريكي من الازمة السورية وتبنيها لخيار التسوية السياسية ، فانها تربط بين ملفات المنطقة الكبرى بعضها ببعض ، فيبدو أنهم يفكرون بتسوية شاملة ، لذا فان خيار التسوية تعاظمت من حوله مواقف روسيا و أيران و العراق ، و أوقع دول الخليج مرة جديدة في شباك التحالف الرخو مع " الغرب " ، الامريكان عيونهم تتوسد في النظر الى أنهاء الصراع العربي -الاسرائيلي ، و أنهاء أزمة الملف النووي الايراني .
التسوية المنتظرة القادمة على الشرق الاوسط ، ستكون دمشق عتبتها ، ولا يعني أنها ستحصل بخطوة واحدة ، وكل الحطوات الجراحية لازمات المنطقة ستكون متتالية و مترابطة ومتداخلة ، ما يعني بصراحة و شفافية
أن واقع سياسيا جديدا ينتظر المنطقة ودولها ، صحيح أن هناك واقعا جديدا فرضه ما يسمى الربيع العربي ، ولكن يبدو أننا نغدو الى زمن شرق أوسطي مليء بمفاجأة أكبر و أعمق ، وهذه المرة من صناعة الدبلوماسية وليس الثورات الشعبية .
فضاء التسوية المنتظرة ، سيجبر دول كبرى في المنطقة على التنازل عن مصالح ونفوذ أستراتيجي عميقة كرسته خلال عقود طويلة بسطوة المال ، المنطقة ودولها ستكون أمام مفترقات صعبة و محيرة ومقلقة أيضا ، خاصة أن الازمة السورية أنقلت تأثيرها على دول المنطقة بدء من الاردن و تركيا و لبنان و العراق ، ومن الخفة أن يفكر في شأنها في أطار سوري بحت .
وربما أن ما يزيد من تعقيدات الازمة السورية تلك الجماعات العسكرية الارهابية التي أستوطنت الارض السورية ، و حملت سلاحها بوجه النظام في دمشق ، فسيكون صعبا ومعسيرا التفكير في أي تسوية للازمة السورية دون الالتفات الى حل ظاهري و عميق للجماعات المسلحة ، ولا سيما ان بعض مواقف دبلوماسية تذهب الى تحميل كلف أجتثاثها الى الدول التي أنتجتها وصدرتها الى سوريا ، وهذا ما يضصعنا أمام نسخة جديدة لازمة التنظيمات الارهابية بعد حرب أفغانستان و أحدات 11 سبتمبير .