المسؤولية الأخلاقية والقانونية للقنوات الفضائية الغربية
د غازي أبو عرابي
22-10-2013 09:52 PM
تعد القنوات الفضائية فتحاً جديداً للبشرية في مجال تكنولوجيا الاتصال، مما أدى إلى ظهور وسائل جديدة لنقل الفكر الإنساني دون التقيد بالحدود الجغرافية أو السياسية حيث يتم استقبال نفس البرامج المرئية والمسموعة في عدد كبير من الدول في ذات الوقت.
وتتنوع القنوات الفضائية إلى قنوات عامة تقدم برامجَ في مختلف المجالات وقنوات فضائية متخصصة تقتصر على مجال معين كالقنوات الفضائية الدينية والإخبارية والرياضية والتسويقية والاقتصادية وقنوات الأطفال.
صحيح إن هذه القنوات منذ نشأتها قامت بدور رائد وبناء في نشر المعرفة والثقافة وخلق جو من حرية التعبير بل وأضحت الأكثر تأثيراً على الجمهور لذلك حلت محل الإذاعات والقنوات المحلية، فهي تحقق الانتشار المعلوماتي المباشر وساهمت في نشر الوعي بالحقوق القانونية والدستورية وتعميق مفهوم حقوق الإنسان المواطنة والحفاظ على البيئة والممتلكات العامة والخاصة.
ويشهد الإعلام العربي طفرة هائلة في عدد القنوات الفضائية الغربية، إذ بلغ عدها في عام 1993 13 قناة ثم زادت حالياً إلى أكثر من 400 قناة الأمر الذي يتطلب وضع مبادئ وضوابط أخلاقية وقانونية ملائمة لهذه القنوات.
صحيح أن وثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني بالمنطقة العربية لعام 2008 والتي أقرها وزراء الإعلام العرب في اجتماعهم الطارئ بالقاهرة بتاريخ 12 شباط 2008 تعد خطوة مهمة لدعم عمل القنوات الفضائية والإعلام العربي والارتقاء بمضمونه عن طريق تفعيل ميثاق شرف يوازن بين قيمتي الحرية والمسؤولية بما يصون المجتمع العربي من التأثيرات السلبية التي تمارسها بعض القنوات الفضائية العربية والتي للأسف تحولت إلى بوق لبث سموم التفرقة بين أبناء الأمة الواحدة لتحقيق أهداف ومآرب خاصة سواء أكانت مذهبية أو سياسية معينة.
لذلك لا بد من الاتفاق على قانون عربي موحد يضبط عملها وأدائها، وخاصة عند الحصول على رخصة البث الفضائي أو تجديدها من الجهة المختصة في الدولة التي يتقدم إليها طالب الترخيص للسماح له بإنشاء محطة للبث الفضائي أو إعادة البث. كما أن الأمر يحتاج إلى وجود هيئة مستقلة للإعلام العربي تراقب وتتحقق من استيفاء الشروط والضوابط التي وضعتها وثيقة مبادئ تنظيم البث الفضائي الإذاعي والتلفزيوني بالمنطقة العربية، ومراقبة البرامج التي يتم بثها وخاصة الموجهة للأطفال والمراهقين لكي لا تنسلخ الأجيال القادمة عن أمتها العربية.
وعلى غرار ما هو معمول به في الدول الأوروبية نحتاج إلى قضاء متخصص قادر على اتخاذ تدابير عاجلة وسريعة وفعالة لمنع أي إخلال بالقانون وبميثاق الشرف العربي ومنع هذه القنوات من الاعتداء على حقوق الناس بأي شكل من الأشكال. وفي المقابل تمنح القناة الفضائية التي يتم اتخاذ إجراء قضائي بحقها من التظلم والطعن خلال مدة قصيرة يحددها القانون وهذا معمول به في التوجيه الأوروبي الصادر عام 2004 حيث يضمن لكل من يتضرر من البث الفضائي تعويضاً عادلاً يتم بناءً على حكم قضائي بهدف إعادة الحال إلى ما كانت عليه.
الأستاذ الدكتور غازي أبوعرابي
كلية الحقوق – الجامعة الأردنية