بالأمس وأنا أقلب صفحات الجريدة قرأت خبرا حول تعرض عن ستة زملاء يعملون في التلفزيون الأردني لحادث سير مؤسف في منطقة وادي عربة اثنان منهم في حالة خطرة، وآخر بحالة متوسطة، فيما حالة الثلاثة الآخرين جيدة، فقررت لخظتها أن أكتب مقالا عن حجم مشكلة حوادث السير في بلدنا.ولكني تريثت حتى تستقر حالتهم، ولم اكن أعلم أنه، ومع تقدم عقارب الساعة سأكتب عن أربعة آخرين كان أحدهم ابن خالتي الذي أصيب بأربعة كسور في ركبته، وشج عميق في رأسه، في حين أصيب أحد أصدقائه بكسر في منطقة الحوض، وآخر في قدمه.
سبب الحادث لم يكن تهور أو طيش الشباب الأربعة الذين كانوا باتجاه منطقة الغور الجنوبي، بل من شخص تجاوز بصورة مخالفة، ما أدى إلى اصطدام المركبتين بصورة كادت تودي بحياة أربعة شباب "يعول عليهم مستقبل بلدنا"، ليذهبوا ضحية للرعونة، وعدم التقيد بقوانين السير، وأنظمتها.
كل ذلك، يعطي مؤشرا عن حجم تفاقم مشكلة حوادث السير في بلدنا، الذي فقد زهاء 71 ألف أردنيا، في وقت تجاوز فيه عدد الجرحى 175 ألف جريح خلال السنوات العشر الأخيرة، وفق أرقام رسمية.
قضية حوادث السير باتت قضية بحاجة إلى "حل جذري" لا يتعلق فقط بتشديد العقوبات الواردة في قانون السير، بل بمدى تطبيقه على المتهورين من حملة رخص القيادة، وغيرالمؤهلين أصلا لها دون تساهل.
كل الصرخات التي تعالت من أجل الحد من هذه الحوادث "لم توقظ ضمير هؤلاء المستهترين بحياة الناس" وبقيت عيونهم قاصرة عن رؤية آلام غيرهم.
فكم من أم فقدت ابنها نتيجة لهذا التهور، وكم من أب تألم حسرة على فلذة كبده وكم من شخص فقد شخصا يحبه بسبب هذا الطيش الذي تؤكد الدراسات أنه يسبب 99.4% من إجمالي الحوادث.
ليس هذا فحسب بل تشير الدراسات إلى أن مجموع الخسائر المالية للملكة نتيجة الحوادث المرورية خلال السنوات العشر الماضية وصل إلى زهاء 1580 مليون دينار، منها 285 مليون دينار العام الماضي.
ألا يكفينا؟ والله لقد تعبنا من إزهاق الأرواح على الطرقات بالمجان، وكأننا في حرب لا تبقي، ولا تذر، فـ "الخطر كبير" وعلينا التنبه لحجم المشكلة، والتعاون من أجل حلها، وإلا سنفقد أكثر فأكثر.