حمل الربيع العربي من ضمن مجموعة متطلباته التأكيد على ضرورة تجديد النخب, فلم تعد الشعوب, خاصة الشباب منهم, تؤمن بالنخب التي اوصلتهم وبلادهم إلى هذا الأوضاع المزرية.
فالنخبة تعني الأقلية المنتخبة أو المنتقاة, ومن حيث اللغة تعني "اسم يطلق على من يتبوأون مراكز عليا في المجتمع لما يتفوقون به على غيرهم من صفات حقيقية أو مزعومة".
قد تكون النخبة اجتماعية أو سياسية أو دينية.. ويرى البعض بأنها مجموعة تتحكم بتوزيع المصادر المادية واللامادية, بحكم الولادة و/أو الثروة مما يساعدها على السيطرة والهيمنة على الآخرين واحيانا تهبط هذه الفئة بالبارشوت على مجتمع لا يعرفونه ولا يعرفهم, بحكم البيئة المصطنعة التي نشأت بها. ففي أحيان كثيرة يحصل افرادها على تعليم بسهولة من خلال بعثات في الغالب لم يسعوا لها بقدرما سعت لهم, ولم يشاطروا المجتمع معاناته وتطلعاته ولم يشاركوا بمؤسسات المجتمع المدني ليكونوا وسطاء حق بين المواطن والمسؤول.
لم يخلُ مجتمعنا من هذه الظاهرة، وعندما سئل احد المسؤولين من قبل مجموعة من طالبات إحدى كليات المجتمع عن جدوى التوريث المناصب , كان الجواب بأن من ينشأ في هذه البيئة تكسبه الخبرة اللازمة ولكن نقول أن هذه الخبرة التي إكتسبها كانت ملائمة لزمن مضى، كانت له ظروفه ومتطلباته، ولم تعد ملائمة لمجتمعات يتسارع فيها التغيير, وتغذيها التكنولوجيا ووسائل الإعلام والإتصال السريعة. ومن هذه النخبة, ما سمي «بالديجتال» وحُمل وزر عدد من السلبيات في الأداء.
قد يكونون إجتهدوا, ولكن انفصالهم عن مجتمعاتهم الحقيقية, لم يساعدهم في تفهم الظروف ومتطلبات التغيير. فالنجاح كما يقولون يقف كالقدر على قاعدة من ثلاث, العلم, والفرصة, والشخصية. لعلهم إكتسبوا العلم وحصلوا أو توارثوا الفرص, ولكنهم إفتقدوا للشخصية المتمرسة بالعمل والكد والتواصل مع المجتمعات, بكافة أطيافها ومستوياتها. فالمعلقة الذهبية التي نشأوا عليها لم تشفع لهم عند التجربة, لكونها لا تكفي بالقطع.
ونستطيع القول إن المصطلح لا يحمل دوما المعنى السلبي, ففي أحيان كثيرة تبنى النخبة على الجهد والمثابرة الشخصية إلى جانب الكفاءة العلمية, فقد رفع هذا البلد دوما شعار «الإنسان أغلى ما نملك», منذ عهد الإستقلال, بمعنى الإستثمار بالأساس كان بالإنسان, ايا كان.
لذا, فإن البلاد تزخر بالعديد من الكفاءات التي يمكن أن تتفهم وتستوعب نبض الشارع, وتترجمه إلى سياسات ومبادرات ومشاريع, تعود بالفائدة على الجميع دون تمييز, وتعبر بصدق وامانة عن المطالب العديدة التي حفل بها الربيع العربي, وعن تطلعات وآمال الشباب, أمل المستقبل وحامل لوائه.
* خبيرة في الحاكمية الرشيدة/ التنمية المستدامة