جرائم أصحاب الياقات البيضاء
25-01-2008 02:00 AM
قيل في الشعر :
* 1 للخلق في نصب الفخاخ طرائق ولآخرين مذاهب في كشفها
وقيل أيضاً في المحتالين :
* 2 ماكنت أعلم أنه مختال حتى رأيت دراهمي تغتاللم يعرف المشرع الأردني الاحتيال ، ولكن الفقه اجتهد وعرفه بأنه الاستيلاء على مال الغير بالحيلة والخدعة .حيث يؤخذ المجني عليه حيث يدري أو لا يدري ويقوم بتسليم ماله طواعيةً إلى الجاني (المحتال ) .وكلما أتقن المحتال اخراج الوقائع تتعزز ثقة الضحية واطمئنانها. فالمحتال يظهر أمام ضحيته بمظهر المنجد الذي سيخلص ضحيته من مشكلة ما أو ايجاد الحلول لها أو حتى يغريه ليسلمه ماله لتعود عليه مبالغ طائلة من وراء أمر لا حقيقة له كاستخراج كنز مدفون منذ سنوات في مكان ما!)
من هنا تُفرض أهمية الحديث عن تلك الوقائع والمُتمثلة بوسائل الاحتيال التي يسلكها المحتال لكي يوقع بفريسته على اختلاف درجة وعي وثقافة تلك الفريسة وحاجتها ، فلكل فريسة طريقة وأسلوب للايقاع بها هذا من جهة ، كما أن لملكات المحتال الذهنية والتي تتطور عبر الزمن على خلاف السارق الذي تخور قواه الجسدية مع مرور الوقت ، دوراً مهماً في مدى حبك الوسيلة الاحتيالية .فمن المشاريع الكاذبة والمكاتب الوهمية والديكورات والسيارات الفخمة التي ليس لها إلاّ الوجود المادي دون أي توثيق قانوني أو حتى توثيقاً مزيفاً لغايات الاحتيال كالأسماء البراقة والصفات غير الصحيحة فضلاً عن توظيف آلة الدعاية والاعلان ، والعبث بعقود التأمين، وكما أسلفنا سابقاً فإن الوقائع التي يخرجها المحتال تختلف باختلاف المحتال عليهم بدرجات الوعي وعلى قيمة الشيء المُسّلم من قبل المحتال عليه فقد تتراوح الوقائع من اتخاذ اسم أو صفة كاذبة إلى ايجاد الشركات وجوداً مادياً –دون الحصول على التراخيص الازمة لعملها بشكل أصولي وقانوني- كالأسواق الوهمية وشركات البورصة وتدوال الأسهم وبيع وشراء النفط والعملات التي يتطلب تسجيلها أصولياً لدى الجهات المختصة عالمياً . وأيضاً من الأمثلة في هذا السياق عقود المشاركة العقارية أو البيع على الخريطة -كما تعرف بإحدى البلدان المجاورة – والتي ينتج عنهما حالات عديدة من الاحتيال ، حيث يحكى عن متعهدين جنوا أموالاً طائلة ولاذوا بالفرار – دون أي غطاء قانوني- من مشترين كثر لذات العقار ، تاركين وراءهم مآسي اجتماعية ، بحيث يعجز الشاري عن تحصيل الأموال التي دفعها كدفعة أولى للشقة المزعومة . وهذا ما يفعله بعض المتعهدون المحتالون عند عجزهم عن الوفاء بعقودهم مع مالكي العقارات .لهذا ينصح دائماً بتسجيل العقود الأولية في حالة الوعد بالبيع لدى دائرة الأراضي والمساحة .
يعتبر الاحتيال من العوائق الكبرى أمام مسيرة التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستثمارية ، فهو ينال من عملية التنمية من خلال تشويه سيادة القانون واضعاف الأسس المؤسسية التي يقوم عليها النمو الاقتصادي في الدول .لهذا ولكل ما ذكر. ولأن درهم وقاية خير من قنطار علاج فلا بد من ايجاد آلية ذات فاعلية أكبر من الآليات المطروحة للتوعية بأساليب المحتالين بشكل عام ، وعمل الدراسات الخاصة بهذا النوع من الجرائم وصفات وخصائص شخصيات مرتكبي تلك الجرائم . ولربما العمل على ايجاد إدارة معنية متخصصة في النظر بجرائم الاحتيال لما لهذه الجريمة من آثار سلبية على أموال الناس من جهة وعلى الاقتصاد الوطني والعملية الاستثمارية من جهة أخرى .
.............................
الكاتبة محامية متدربة
*1 الشاعر أبي عبد الله سويد الدمشقي.
*2الشاعر أبي ليلى الشامي .