مصدر الديانات السماوية الثلاث، الحق تبارك وتعالى، وبناء على ثبوت المصدرية الواحدة لهذا الثالوث الإلهي فأنا تلقائيا مزيج من هذا كله، ويحق لي أن أفكر من خلاله وبه، دونما أي حساب لقوة التطرف التي تسعى لتفكيك نسيج الوحدة الربانية هذا.
قد تختلف التفاصيل هنا وهناك، وهذا من طبع الأشياء وسر ديمومتها، في اختلافها وتنوعها، وليس هناك أدنى شك أن الإسلام العظيم والرسول الحق محمد صلى الله عليه وسلم النبي الخاتم، قد جمع في ثنايا رسالته كل ذلك، والشاهد قول الحق تبارك وتعالى في آخر سورة البقرة الآية (285) "آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير". وفي الحديث الصحيح في مسند الإمام أحمد عن أبي ذرالغفاري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش، لم يعطهن نبي قبلي".
هذه الشواهد ليست من باب لزوم ما لا يلزم، ولكنها لتأكيد حقيقة جوهرية، على أن المسيحيين جزء أصيل ومكون أساسي من مكونات المجتمع العربي، ولنا في سيرة عمر بن الخطاب، المثال الأبرز عندما ساوى العرب المسيحيين، بالصدقة مثلهم مثل العرب المسلمين ولم يجرٍ عليهم الجزية، فقد استثنى عمر بن الخطاب قبيلة تغلب المسيحية من دفع الجزية وقال "لا تذل العرب وخذ منهم الصدقة".
هذا الموقف إلى جانب مواقف غيرها للعديد من الخلفاء؛ يؤكد على أصالة هذا المكون في المجتمع العربي، ولكن ما حدث ويحدث في العالم العربي وخصوصا في سورية ومصر والعراق التي أصابتها نكبات الإرهابيين، وعملاء المشروع الغربي، قد ساهم في تحقيق المسعى الغربي لتفريغ بلادنا من العرب المسيحيين، فقد تداعت الدول الغربية بحجة حماية المسيحيين لقبول عشرات الآلاف من العرب المسيحيين من سورية والعراق ومصر، لتحقق خرقا في نسيجنا التاريخي العربي.
فالعرب سابقون على المسيحية وعلى الإسلام، ولكن تم عن قصد تغيير التسمية من العرب المسيحيين إلى المسيحيين العرب، رغم أن منبت المسيحية كما اليهودية كما الإسلام بلاد العرب.
وعلى هذا الأساس "الأقلوي"، نسج الغرب حكايات وبكائيات للتهجير، وهذا ما لم نسمعه عندما تم احتلال فلسطين من قبل العدو الصهيوني. فقد سعى الغرب بكل قوته لتفريغ فلسطين المحتلة من المسيحيين ولم ينبس ببنت شفة على حجم الاضطهاد الذي تعرضوا له ويتعرضون طالما أن الهدف يخدم مشروعهم.
تهجير العرب المسيحيين كارثة قومية، يستوجب علينا كعرب مسلمين ان نعلن مسيحيتنا على الملأ، لوقف هذا التهجير الممنهج الذي ساهم في خروجه عن إطاره الطبيعي، ما يسمى الربيع العربي الذي يقوده المتطرفون والذين يخشون فكرة التنوع في أطار الوحدة!
(الغد)