يا زمان الوصل بالقد س .. !!
عودة عودة
19-10-2013 05:47 PM
في السادسة .. و من الصباحات الصيفية لعمان العام 1963 من القرن الماضي، وصلت من بيتي في جبل الأشرفية الى كراجات العبدلي، متوجها الى القدس بالحافلة من شركة الباصات الوطنية التي لا ادري كيف انتقلت الى رحمته تعالى بعد حرب حزيران على الرغم أنها كانت كبرى شركات النقل توصل ركابها بانتظام وبسرعة من عمان الى القدس ورام الله والخليل وبيت لحم ونابلس وجنين و غيرها .
سبب هذه الرحلة الصباحية من عمان الى القدس , فقد تم تعييني في اليوم السابق لها معلما في محافظة القدس، واذكر ان وزير التربية والتعليم حينذاك المرحوم حسن الكايد سأل كل واحد منا (وكنا مُنسبين للتعيين من ديوان الموظفين) من اي بلد انت؟! وقد قام بتعييننا كل في دياره وكنا حوالي ثلاثين شاباً يحمل معظمنا التوجيهي والآخرين سنة او سنتين من جامعة دمشق وبالانتساب.
لم اكن اسافر كثيراً الى القدس بعد هجرتنا الاضطرارية العام 1954 من القرن الماضي الى عمان من القدس حيث كان العمل متوافراً اكثر في عمان وبخاصة لأصحاب الصناعات والمهن وكان والدي يرحمه الله واحدا منهم و في مجال البناء .
في الساعة العاشرة صباحا كنت وزملائي في مديرية تربية القدس خارج اسوار المدينة المقدسة بحي الثوري، وكانت تتبع للمديرية مدن واقضية رام الله وبيت لحم والخليل اضافة الى القدس.
واذكر ان شابا دون العشرين مثلي دخل قبلي ليقابل مدير التربية آنذاك طيب الذكر المرحوم عبد اللطيف عابدين، وبعد دقائق قليلة سمعنا الاستاذ عابدين يوبخ ذاك الشاب ثم قام بطرده من مكتبه طالباً منه الانتظار، ثم نادى عليّ باسمي ودخلت وقابلت رجلا جهما مُطربشاً وكنت واقفا وخائفا من ان يحدث معي مثلما حدث مع زميلي , وسألني بعد ان عدّل طربوشة: هذا الشاب الذي سبقك عينته في قرية قبية التي لا يعرف عنها اي شيء أي شيء ، فهل تعرف اية معلومات عنها فقلت: انها من قضاء رام الله وحدثت فيها مذبحة قام بها العدو الصهيوني العام 1954، ثم قال كفى كفى : من اين جئت بمعلوماتك هذه فقلت له: من كتاب التوجيهي الذي درسناه هذا العام , وهنا اشتاط غضبا على ذاك الشاب ليصفه بأبشع الاوصاف، ثم ناداه قائلا له وبصوت فيه عتاب: وطنك ولا تعرفه؟! مضيفا انت سأعينك في قرية قطنة هل تعرف اين تقع؟ قلت في محافظة القدس وعلى الخطوط الامامية و سألني بما تشتهر : أهلها مشهورون بالدبكة .. بعدها انفرجت أسارير الأستاذ عابدين ثم خاطب زميلي قائلا : أُصر على تعيينك في قبية واذكر انه بقي فيها حتى تقاعده وتزوج واحدة من بناتها !؟.
انتظرنا جميعا اسئلة الاستاذ عابدين والمدارس التي عُينا فيها ثم خرجنا فرحين جذلين الى شوارع القدس واسواقها فتغدينا في واحد من مطاعمها داخل السور لم اجد اشهى منه رغم انني زرت مدنا كثيرة في العالم، ثم زرنا المسجد الاقصى وكنيسة القيامة وحضرنا فيلما في سينما ركس صراع في الوادي لفاتن حمامة وعمر الشريف عندما كانا شابين يافعين .. وعصرا غادرنا القدس كل الى مدرسته من موقف الحافلات بباب العامود وفي الصباح كنا امام طلابنا وهم ينشدون نشيدي موطني و عائدون عائدون ..!؟.