النائب نايف الليمون يكتب : الحراكات النيابيه والأهداف المنشوده
mohammad
18-10-2013 12:55 PM
لم يعد خافيا أن المهمة التي يضطلع بها مجلس النواب الأردني في هذه المرحلة ؛ تستدعي الحرص والدقه والمسؤولية الكبيره نظرا لخصوصية المرحلة سواء في الشأن المحلي أو الاقليمي أو العالمي .
فهناك من الظروف الضاغطة التي ولدت حالة من الاستنفار والتحفز للعمل تحت الضغط والمتابعه ومجهرية المراقبه , بل والاجتهاد في تصيد الأخطاء لدى البعض , اذ أن الأخطاء مطلوبة عند فئة من المراقبين والمتابعين أكثر من الانجاز والنجاح .
وليس خافيا أيضا أن التحدي الذي يواجهه هذا المجلس الغني بالكفاءات والخبراء والطاقات الشابه فيما مضى من عمره في دورتيه غير العاديه والاستثنائيه كان عسير الهضم , وحاد النصال وخشن الملمس ومع ذلك نجح المجلس نجاحا مرضيا في انجاز دوره التشريعي والذي تبلور من خلال القوانين المهمه والجدليه والتي لها مساس كبير بالرأي العام وتعامل معها مجلس النواب بمسؤولية مستحقه وخرجت من غرفته متزنة ومتوازنه وشهدت المرحلة تعاونا كبيرا بين غرفتي البرلمان تجسيدا لكون الجميع يسعى للمصلحة العليا للدولة الاردنيه دون افراط أو تفريط وبعيدا عن المناكفة أو الحسابات الخاصه , أو المزايدات الشعبويه التي لا مكان لها في ظرف الخروج من عنق الزجاجه .
ومارس المجلس دوره الرقابي بشكل جيد وتمثل ذلك في عقد الكثير من جلسات المناقشة العامه والتي بلغت تسع جلسات من أصل أربع وستين جلسه في الدورة غير العاديه وكذلك تخصيص خمس جلسات لبند ما يستجد من أعمال وتوجيه 1165 سؤالا نيابيا خلال دورته عير العاديه المزدحمه بجدول أعمال ومهام كثيره وكبيره .
وواجه المجلس ويواجه فنتازيا سياسيه ممن لهم رأي مسبق ووجهة نظر من الانتخابات والعملية السياسيه بمجملها واستحضروا كل امكاناتهم و خيالاتهم لاثبات عجز المجلس وقصوره عن القيام بدوره ومهامه الدستوريه , وأجلبوا عليه بخيلهم ورجلهم لمحاولة صنع رأي عام ضاغط باتجاه حل مجلس النواب وإثبات نبوءاتهم وتعزيز مواقفهم والحشد لصحة وجهات نظرهم وسيبقوا على هذه الحال الى أن تنقضي عقدة السنتين الحرجه من عمر المجالس اذا قدر لها ذلك . وسينتقلوا بعدها الى الاعداد والاستعداد الى مرحلة ما بعد المجلس السابع عشر .
وواجه المجلس أيضا تحديا كبيرا من الحكومة التي - وللأسف – أظهرت رغبة جامحه –رغم كل ما يتم إعلانه – في اضعاف المجلس وتدجينه لمصلحتها وعمدت الى محاولة تفكيك أوصاله وإلحاقه في ركبها دون إعتبار أن هيبة المجلس وقوته مصلحة وطنيه ينبغي الحرص عليها وتعزيزها , وحاولت الحكومه أن توصد كل الابواب في وجه مجلس النواب لكشف ظهره ظنا منها أنها بذلك تستخدمهم درعا واقيا لها ولم يكن لها ذلك ولم يتأت لها التحصين الذي أرادته لنفسها فتحملت أوزارا اضافيه وحاق بها مكرها .
وأما التحدي الاقتصادي فهو ما يواجه الاردن بكل مستوياته وقد نجم عنه ألم اجتماعي تبرز ملامحه من خلال كثير من المظاهر التي تعد من متلازمات الفقر والبطاله وتآكل الدخول وارتفاع نسبة التضخم وغلاء الاسعار وانحسار حجم الطبقة الوسطى , وقد فاقم من حجم التحدي الاقتصادي ظروف الاقليم والأزمة السورية على وجه الخصوص التي خلقت ظرفا استثنائيا في الاردن ليس بمقدورنا تحمله وتلقي تبعاته . وقد تقزم دور الحكومة في توصيل وشرح موقف الاردن وبيان حاجاته ومستلزماته لمواجهة هذا الظرف وركنت تماما الى جهود جلالة الملك في نقل الهم الاردني إلى المجتمع الدولي للقيام والاضطلاع بمسؤولياته تجاه هذه الازمة المتفاقمه .
وقد كان لكل هذه التحديات والظروف والتداعيات ما يستلزم من مجلس النواب أن يتحرك جديا ومن منطلق دوره الدستوري ومسؤوليته الوطنيه وانفاذا لرؤى وتطلعات وتوجيهات جلالة الملك وبعد تعديل نظامه الداخلي الذي توشح بالارادة الملكية الساميه نحو مأسسة كتله البرلمانيه وتفعيل دورها في الرقابة والتشريع والتهيؤ لمرحلة الحكومات البرلمانيه التي تستند الى أسس راسخة إن أثبت هذا المجلس جاهزيته لها .
وها قد بدأت الكتل تأخذ شكلا آخر من التوافق بين أعضائها بعد أن توضحت التوجهات والأفكار والإمكانات ولعل ما جرى من تعديلات على النظام الداخلي لمجلس النواب سيساهم بفعاليه في تأطير الكتل وينظم عملها مع ضرورة استكمال ذلك من خلال اجراءات اداريه لازمه تساعد في ذلك ومن أبرز ما هو مطلوب أن يكون للكتل مكاتب وسكرتاريا و مستشارين.
ولعل الائتلافات النيابيه التي تتشكل الآن بين الكتل هي مؤشرات ايجابيه وسيتم البناء عليها حتى لو تعثرت في بعض الجوانب في البدايات وهذا لربما يكون متوقعا رغم الحماس الكبير الذي تبديه الكتل وأعضاؤها نحو توسيع الأطر وتوجيه الجهود نحو أهداف كبيره ترتقي بالعمل البرلماني وتدعم دوره المنوط به لكي يكون عند حسن ظن المنصفين على الأقل .
وإن هذه الائتلافات النيابيه ستكون على المحك وتحت الاختبار من قبل الجميع وعليها رهان بأنها ائتلافات وهميه لإجتياز معركة رئاسة المجلس ومكتبه الدائم ولجانه فمن سيكسب الرهان يا ترى ؟!
النائب .
م . نايف الليمون