أَسْطُرْ عَلى وَرَقْ الخَريفْ
فراس الور
16-10-2013 02:30 AM
قَرًرْتُ اليوم أنْ أُسَجِلْ خَواطِري...و لَكِنْ لَيْس مِثْل كُلْ مَرًة على الوَرَقْ الأَبْيَضْ...بَلْ على وَرَقْ الخَريفْ، فَكَانَ مُبْتَلْ مِنْ نَدَى الصَبَاح بَيْنَ يداي، بَعْضُهُ كَانَ أَحْمَرْ قَدْ فَارَقَ غُصْن الحَيَاة و بَعْضُهُ كَانَ أَصْفَرْ مُعَلًقْ على الأَشْجَارْ مِنْ حَوْلي فَرَوَتْ لي أَلْوانُهُ الكَثيرْ مِنْ الرِوايَاتْ مِنْ النَظْرَة الأولى...و كَأَنًهُ قِصًةْ حُبْ نَشَأَتْ بَيْني و بَيْن جَمَالُهَا لِتَفْهَمْ لَمْسَةْ يداي الحَنونَة عليها و أَفْهَمْ رِوايَاتُهَا الخَالِدَة مُنْذُ الأَزَلْ و التي تُخْبِرُهَا لِلْنَاظِرْ إلَيْهَا، غَابَة سَاحِرْة عَانَقَتْ مُنْذُ بِضْعَةْ أَسَابيعْ فَصْل الخَريفْ بِرِيَاحِهِ البَارِدَة لِتَقولْ لَهُ إشْتَقْت إليكَ بَعْدَ طول غِيَاب...بِسُحُبِكَ الرَطِبَة و أَمْطَارُهَا النَقِيَة و رِيَاحِكَ البَارِدَة...فَإِحْمَرًتْ بَعْض مِنْ اوراق الأَشْجَارْ خَجَلاً حين عَانَقَ غَابَاتُهَا هذا الفَصْل الحَزينْ، و تَلَوًنَتْ بَعْض الأَوْراقْ لِلأَصْفَر بَهْجَتً و سُرورْ لِتَسْتَقْبِل هذا العَريسْ الذي غَابَ عَنْهَا طيلَةَ ثَلاثَة فُصولْ إِرْتَدَتْ فيهمْ حُلَلْ مُخْتَلِفَة و بَهيجَة، أخيرا أتى الخَريفْ و أَحَسًتْ العَصَافيرْ و بَلابِلْ الغَابَاتْ بِسِيَادَتِهْ على الطَبيعَة مِنْ حَوْلَها فَهَاجَرَتْ أَعْشَاشَهَا الصَغيرَة و سَافَرَتْ الى حَيْثُ سَتَتَعَمًدْ بِأَشِعَةْ الشَمْس الدافِئَة...بِرَبيعْ قَدْ يُوَلِدُ حَيَاة و مُروجْ خَضْراء بِغَابَة تُشْبِهْ التي سَكَنَتْ بها لِسِتَةِ شُهورْ مَاضِيَة بِجَانِبِنَا.
أُحِبُكَ يا خَريفْ لِأَنًكَ تُذَكِرُني بِشُجُونْ قَلبي...حُمْرَةْ أَوْرَاقِكَ و صُفْرَتَهَا بَهْجَة خَارِجِيَة مِثْل وَجْهي البَاسِمْ و لَكِنْ تَتَسَاقَطْ أَوْراقِكَ عَنْ أَغْصَانِكَ بِحُزْن يُشْبِهْ ما في قَلْبي...فَيَومْ بَعْدَ يَوْم تَتَعَرى الأَشْجَار مِنْ كِسْوَتَهَا المَوْسِمِيَة و تَمْتَلِئْ الأَرْض مِنْ حَوْلَنَا بِأَوْراقْ يَابِسَة تَبْتَلُ عِنْد هُبوبْ أَمْطَارْ السَمَاء...و الرِيَاح تُبَعْثِرُهَا بَيْن أَرْوِقَةْ الغَابَاتْ و الأَحْيَاء لِنَمُرً بِجَانِبِهَا بِكُلْ صَمْت غَيْر مُكْتَرِثينْ أَنً عَليهَا سُطورْ و رَسَائِلْ حَفَرَتْهَا الطَبيعَة عَليهَا مِنْ غرام الًلحَظَاتْ بِقُدومْ عَريسِهَا الذي سَيَسودْ عَليهَا لِثَلاثَةِ أَشْهُرْ...فَكُلًمَا مَضَتْ الأَيَامْ و عَانَقَ الخَريفْ الطَبيعَة تَسَاقَطَتْ المَزيدْ مِنْ الأَوراقْ و كَأَنًهَا ثَمَرَتْ حُبِهِمَا...و كَأَنًهَا رِوايَة غَرامِيَة تَرْويها الطَبيعَة بهذا الفَصْل المُمَيًزْ و الراقي،
أَمَا شُجونْ قَلْبي فَهُوَ على الحُروبْ التي تَمْلَئْ أَوْطَانِنَا العَرَبِيَة...فَهُوَ على اصوات الحُروبْ التي تُزَلْزِلْ سَلامْ أَحْيَاءْ الأُمَةِ العَرَبِيَة في سورِيَا و مَصْر و تونِسْ و لُبْنَان، فَهَذِهِ رِوايَة حَزينَة أُخْرَى في حَيَاةْ البَشَرْ لِأَنً أوْراقَهَا حَمْراء مِنْ دِمَاء أَوْلادَنَا و نِسَأَنَا...أَحْمَرْ مِنْ دِمَاءْ جُنودِنَا و الحُروبْ الأَهْلِيَة و شَذايَا المَدافِعْ و الرَصَاصْ و هي تُجَزِرْ أَجْسَادَهُمْ بِكُل قَسْوَةٍ...رِوايَة إبْتَدَأَتْ بِأَصْواتْ بَريئَة تُنَادي لِلْعَيْش و العَدالَة و الحُرِيَة و لَكِنْ تَخَلًلَتْهَا حُروبْ أَهْلِيَة طَاحِنَة أَثْمَرَتْ عَنْ آللآف الشُهَداءْ و القَتْلَى...فَبَعْثَرَتْ الحُروبْ جُثَثَهَا مِثْلَمَا بَعْثَرَتْ الريح أَوْراقْ الخَريفْ الحَمْراء على الأَرْض لِتَتَخَضًبْ تُرْبَتَنَا بِدِمَاءْ ذَكِيَة طَاهِرَة لَمْ تَشْهَدْ مِثْلَهَا مِنْ قَبْل...
يا أَسْطُر على وَرَقْ الخَريفْ...تَسَاقَطي...يا نوءْ الخَريفْ أُنْثُريهَا مِنْ حَوْلَنَا كَقِصَصْ شُهَدائِنَا البَريئَة...فَحينَمَا نَسيرْ في شَوارِعِنَا في خَريفِنَا الحَالي و نَرَى وَرَقَةْ خَريفْ تَتَدَحْرَجْ على الأَرْض مَعْ هَبَاتْ الرِيَاحْ...هَلْ نَتَوَقَفْ و نُمْسِكَهَا...فَمَعْ الأَسَفْ قَدْ تُنْذِرْ أَنْ شَهيدْ آخَرْ قَدْ سَقَطَ مَعَهَا على الأَرْض...رُبَمَا في مِصْر أو لُبْنَانْ او سُورِيَا...لِيُصْبِحْ مَكَانَهُ على غُصْن الحَيَاةْ فَارِغْ و لِتَبْكي عَلَيْه أَمْطَارْ السَمَاءْ و تَنوحْ عَليهْ رِيَاحْ الخَريفْ التي تُسَيْطِرْ على الطَبيعَة مِنْ حَوْلِنَا...إِنًهُ خَريفْ حَزينْ في قَلْبي...الحَيَاةْ تَسْقُطْ بِهِ كَوَرَقْ الخَريفْ مِنْ أَوَلْ هَبَة ريح...