عمون - اعلن البيت الابيض ان اللقاء الذي كان متوقعا بعد ظهر الاثنين بين الرئيس باراك اوباما وقادة الكونغرس للبحث في تسوية حول الموازنة "ارجىء"، من دون ان يحدد موعد جديد.

لكن الرئاسة الاميركية المحت الى ان ارجاء هذا الاجتماع الذي كان متوقعا عند الساعة 15,00 (19,00 ت غ) لا يشكل اشارة سيئة، مشيرة الى انه تقرر "بهدف افساح المجال امام المسؤولين في مجلس الشيوخ لمواصلة احراز تقدم مهم باتجاه حل لرفع سقف المديونية واعادة فتح ابواب الادارات".

وقبل هذا الاعلان مباشرة، اعرب زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد وزعيم الاقلية الجمهورية ميتش ماكونيل عن تفاؤلهما بالنسبة الى امكانية التوصل الى حل الازمة السياسية التي تشل واشنطن منذ اسبوعين.

وقال ريد في مستهل جلسة مجلس الشيوخ "انا متفائل جدا حيال التوصل الى اتفاق معقول هذا الاسبوع لوضع حد لشلل الدولة ودفع فواتير البلاد والبدء بمفاوضات على المدى الطويل لوضع بلدنا على قاعدة مالية صلبة".

وتطرق ماكونيل من جهته الى "تبادل وجهات نظر بناءة جدا (مع ريد) حول طريقة التقدم". واعرب هو الاخر عن "تفاؤله لاننا سنتوصل الى نتيجة ستكون مقبولة من الطرفين".

واستانف ريد وماكونيل قيادة المباحثات طيلة نهاية الاسبوع بعد فشل الاتصالات بين البيت الابيض ورئيس مجلس النواب جون باينر الذي دعي هو ايضا الى اجتماع البيت الابيض.

ويحاول النواب حل مشكلتين في وقت واحد وهما رفع سقف المديونية وتبني قانون مالية لاعادة فتح ابواب الوكالات الفدرالية المقفلة جزئيا منذ الاول من تشرين الاول/اكتوبر بسبب خلافات بشان الموازنة.

وكان اوباما دعا قادة الكونغرس الاميركي الى البيت الابيض الاثنين في تكثيف للجهود لمنع دخول واشنطن في عجز تاريخي عن سداد استحقاقاتها يمكن ان يهز الاقتصاد العالمي.

وقال اوباما قبل بدء الاجتماع ان الازمة يمكن ان تنتهي "اليوم" اذا ما تعاون الجمهوريون.

كما حذر من ان الاغلاق الجزئي للحكومة "غير ضروري بتاتا"، منتقدا استخدام سياسة حافة الهاوية السياسية لانتزاع تنازلات "كبيرة" منه.

ودخلت الحكومة في الاسبوع الثاني من الاغلاق الجزئي الذي اضر بسمعة الولايات المتحدة وسيبدأ قريبا في التاثير بشكل كبير على الاقتصاد الاميركي.

ورغم المخاطر الكبيرة التي تشكلها الازمة على واشنطن والعالم، الا انه لم يتضح بعد مسار واضح لحل الازمة التي قد تكون الاخطر بين اوباما وخصومه الجمهوريين في الكونغرس.

وسيلتقي اوباما جون باينر رئيس مجلس النواب الذي يسيطر عليه الجمهوريون، وميتش ماكونيل رئيس الاقلية الجمهورية في مجلس الشيوخ وهاري ريد رئيس مجلس الشيوخ الذي سيطر عليه الديموقراطيون وزعيمة الاقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ. وقال مسؤول في البيت الابيض ان "الرئيس سيعيد التاكيد للقادة على مبادئنا وهي اننا لن ندفع فدية للكونغرس مقابل اعادة فتحه للحكومة ورفعه سقف الدين".

واضاف ان "الرئيس يواصل حث الكونغرس على المصادقة على مشروع قرار لرفع سقف الدين ويعيد الثقة التي تحتاجها شركاتنا واقتصادنا".

وقبل ثلاثة ايام على الموعد النهائي في 17 تشرين الاول/اكتوبر لرفع سقف الدين، يبدو ان الوضع في واشنطن غير واضح.

وقال السناتور الجمهوري بوب كوركر لشبكة ان بي سي "هذه البيئة مختلفة عن اية بيئة شهدتها في مثل هذا الوضع".

وانعكس الغموض في الوضع على سوق المال حيث ادت المخاوف بشان المواجهة المالية الى انخفاض مؤشر داو جونز ب57 نقطة او بنسبة 0,3% في التعاملات الصباحية.

ويبدو ان السيناريو الاكثر ترجيحا هو التوصل الى اتفاق لاجل قصير لرفع سقف الدين لعدة اسابيع، وربما اعادة الاف موظفي الحكومة الفدرالية الذين تم ارسالهم في اجازة بدون راتب الى عملهم.

واعرب السناتور الجمهوري روجر وينكر في تصريح لشبكة ام اس ان بي سي عن امله في رؤية "تطور مفيد بنهاية اليوم".

وقال "هناك نقاط يتفق عليها الجمهوريون والديموقراطيون".

ولكن وحول العالم تزايدت مؤشرات القلق من الازمة.

فقد دعت الصين واليابان اللتان تزيد ديونهما للولايات المتحدة عن 2,4 ترليون دولار واشنطن الى حل مشاكلها.

واطلقت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ تحذيرا لواشنطن، وقالت "الولايات المتحدة هي اكبر اقتصاد في العالم، ونامل في ان تظهر انها تتحمل مسؤولياتها".

من جهته حذر حاكم البنك المركزي الفرنسي كريستيان نواييه من عواقب تعثر الولايات المتحدة في سداد مستحقاتها مشيرا الى ان ذلك سيثير بلبلة بالغة الشدة في جميع الاسواق المالية في العالم.

وقال نواييه في مقابلة نشرتها صحيفة لو فيغارو الاثنين "في حال واجهنا .. حادثا بشأن الدين الاميركي، فسيكون لذلك كما قال صندوق النقد الدولي وقع الصاعقة في الاسواق المالية، (وسيثير) بلبلة عالمية بالغة العنف والعمق".

واوضح نواييه ان بيان مجموعة العشرين التي اجتمعت في نهاية الاسبوع الماضي في واشنطن ودعت الولايات المتحدة الى العمل للخروج من المأزق، تمت صياغته بحيث "يجعل الرأي العام الاميركي يدرك العواقب الطائلة الكامنة في هذا النوع من العرقلة".

وسجلت الاسواق في كل من سيدني وسيول وسنغافورة انخفاضا بسبب الازمة. اما اسواق طوكيو وهونغ كونغ وجاكرتا فقد كانت مغلقة في يوم عطلة.

وفي اسواق العملات الاسيوية سجل الدولار انخفاضا حيث بلغ سعره 98,25 مقابل الين مقارنة مع 98,59 ين في نيويورك في وقت متاخر من الجمعة.

وصرح وزير الخزانة الاميركية جاكوب ليو في وقت سابق امام صندوق النقد الدولي ان واشنطن تدرك ان سمعتها على المحك.

وسقف الدين هو "خط ائتمان" اقصى يمنحه الكونغرس منذ 1917 للسلطة التنفيذية التي لا يمكنها في اي من الاحوال تخطيه.

غير ان الدولة الفدرالية تواجه عجزا بلغ 3,9% من اجمالي الناتج الداخلي العام 2013 وهي مضطرة الى مواصلة الاقتراض لتجديد دينها وتمويل نفقاتها، سواء لدفع استحقاقات سندات الخزينة او معاشات التقاعد.

ولا احد يعرف بالتحديد متى لا يعود بوسع الخزانة تامين كل مدفوعاتها غير ان هذا قد يحصل في اي وقت بعد انقضاء استحقاق 17 تشرين الاول/اكتوبر وقدر مكتب الميزانية في الكونغرس ان يحصل بين 22 و31 تشرين الاول/اكتوبر.

ويبقى ان تعثرا ولو جزئيا لاول اقتصاد في العالم سيولد فوضى دولية يصعب التكهن بعواقبها ويراقب المسؤولون بقلق في العالم باسره من الصين الى اوروبا اختبار القوة الجاري في الولايات المتحدة. أ ف ب