رأي و رؤيه للمشهد الاردني
أ.د. هيثم العقيلي المقابلة
14-10-2013 05:10 PM
رأي و رؤيه للمشهد الاردني
د. هيثم العقيلي المقابله
ان اي عملية احتجاج او حراك او اعتصام او ثوره هي بالنهايه شراره لتحقيق الاهداف المعلنه عادة مثل العداله الاجتماعيه, سيادة القانون, ضبط الفساد و المساواه امام القانون. اي ان اي عملية تغيير ليست هدف بحد ذاتها بل محرك لاليه عمل لتحقيق الاهداف المذكوره.
اسوق هذه المقدمه لاقول ان تلك الاهداف اذا تم الوصول لها او لجزء منها من خلال عملية اصلاح هادئه فانها ستجنب البلد الفوضى و النعرات و الاستغلال الخارجي و اصحاب الاجندات. و هذا بالتاكيد ما نريده في الاردن و للاردنيين, اصلاح بدون دماء و احقاد و فقدان امن و انتقام حتى لو كانت هذه العمليه بطيئه و يعتريها بعض الاخطاء حسب اجتهاد البعض.
اسمحوا لي ان ساناقش هذا الموضوع في هذه المقاله من خلال عدة محاور طارحا رؤيتي و اجتهادي بدون مجامله و حسب ما تراكم عندي من الفهم و الدروس من محيطنا العربي و ما اؤمن به. اما المحاور فهي الحكم, الدوله, الحكومه, البطانه السياسيه, الشعب, قيادات الطبقه الوسطى ومنظمات الحقوق.
اما الحكم, علينا الاعتراف بان النظام الاردني لم يكن يوما دمويا او متصلبا او صداميا مع الشعب بل امتاز بالتسامح حتى مع من اساء و تطاول و اعتدى و اعاد النظر عدة مرات في سياساته الداخليه وفق المراحل المختلفه و عادة ما قاد العمليه الاصلاحيه من الداخل. لذا اعتقد كما السواد الاعظم من الشعب الاردني بان العائله العاشميه ممثله بجلالة الملك عبدالله الثاني هي صمام امان و نقطة التقاء للاردنيين و يجب ان لا يؤخذ عليها اخطاء من اختباؤا بعبائتها. كما ان مصلحة القياده و الشعب تلتقي بحفظ الاردن مستقرا, امنا ضمن التوازنات الداخليه و الخارجيه.
اما الدوله الاردنيه و هنا بالتحديد المؤسسات الامنيه فيجب الاعتراف بدورها التاريخي في حفظ الاردن و هويته. كما ان نظرتها بعيدة المدى في قضايا كثيره داخليه و خارجيه كانت فيها اكثر وعيا و بعد نظر من الاحزاب و العامه و تصرفت دوما وفق مصالح الاردن و ليس العواطف الشعبيه و الشعارات. لقد تحملت هذه الاجهزه الاسائه و التخوين و التطاول في مراحل عديده و لم تتراجع عن المصلحه الاردنيه. و حتى ان ظهر فيها فساد لبعض الافراد فهذا لا يعيبها و يجب دعمها لاجراء الاصلاح من داخلها.
اما الحكومات فهي بالنهايه سلطه تنفيذيه لادارة شؤون المجتمع و اما المطالبين بحكومه برلمانيه فهل حقا يريدون وضع البلد في مهب الريح و هل وصلنا لمرحلة نضج سياسي و احزاب راسخه ذات برامج تنمويه ام ان الاحزاب ما زالت كالكثبان الرمليه تغير مواقفها و تحالفاتها و اشخاصها و فق اتجاه الريح. ثم كيف يمكن لاحزاب لم يتغير امينها العام و قياداتها لسنوات طويله ان تطالب بديمقراطيه و حكومات برلمانيه هي لا تمارسها اساسا. اعتقد ان الحكومات يجب ان تشكل في المراحل القادمه من الشخصيات الوازنه ممن شاب شعرها في العمل العام و ان تراقب من خلال البرلمان لضبط ادائها و منع القرارات غير الضروريه التي تمس حياة المواطن و جيبه و تضع البلد برمتها على صفيح ساخن. و البعد عن الاقتصاد المنزلي بتعويض العجز من جيب ذوي الدخل المحدود بل البحث عن بدائل حقيقيه من استغلال افضل للثروات الطبيعيه و دعم الجامعات للاستثمار بالطاقه البديله.
اما البطانه السياسيه و التي تمثل همزة الوصل بين القياده و الشعب فاعتقد هي التي تحتاج لاصلاح حقيقي في الاردن. فقد شكلت في المراحل الاخيره حاجزا بين القياده و الشعب و قدمت مصالحها الفرديه على المصلحه العامه و مارست الفساد مختبئه تاره بالعبائه الملكيه و تاره بالغطاء العشائري و تارة اخرى بغطاء المكون و الاصول و المنابت و منها من احتمى بشعارات التحضر و التمدن و المجتمع المدني لنكتشف في الاخير انها باعتنا بضاعه فاسده و سياسات مستورده معلبه بشعارات التمدن و التحضر و لحاق الركب العالمي مستهتره و متجاهله لخصوصية البلد و الشعب. و جزء اخر من تلك البطانه هو من راكم الحنق و الشعور بالتهميش و الاقصاء و فقدان الامل عند قطاعات الشعب و ذلك من خلال توارث المناصب و تقديم ابناء الدلع و استسهال الفساد و تقديم اهل الثقه على اهل الخبره. طبعا هذا لا ينفي وجود نسبه من البطانه من الوطنيين و الرافضين لتلك السياسات و لكن ايديهم مغلوله. و البلد التي انتجت وصفي و هزاع و شرف و غيرهم قادره على العطاء مرة ثانيه و ثالثه و عاشره.
اما العامه او الشعب فقد انقسمت على نفسها فالغالبيه العظمى اثبتوا حبا لوطنهم و وعي عميق بالمخاطر التي تتهدده و اهمها فقدان الامن الاجتماعي. و رغم الاستفزاز الحكومي المتكرر برفع الاسعار فما زالوا يعضوا على النواجذ و يأملون بغد افضل لهم و لابنائهم. و بالمقابل هنالك نسبه محدوده ممن استغلوا الوضع لتحصيل مكاسب فرديه او فئويه و للاستقواء على المواطنين الصالحين تحت غطاء العشيره او المجموعات غير المنظبطه مستشعرين حتى و لو وهما ضعف هيبة الدوله و سيادة القانون طامحين بان تسود الفوضى و شريعة الغاب ليكونوا مجموعات زعرنه و سرسره و قطاع طرق. و تاه القسم الاول و هم الغالبيه العظمى المحبين لوطنهم المؤمنين بالمؤسسات في التعامل مع القله المعتديه المستغله لازمة البلد.
اما الاكاديميين و قيادات الطبقه الوسطى فقد اغرقت في المثاليه مبتعده عن الواقع و بدل العمل على ان تكون فاعله في مجتمعها لرفع الامل و توجيه الطاقات و تخفيف الاحتقان فقد دخلت في النقاش البيزنطي النظري فيما يجب ان تكون عليه الدوله و الشعب و كاننا نملك الترف الافلاطوني لتطبيق نظريات الدوله الفاضله و كاننا ليس محكومين باعاصير اقليميه و امواج تتلاطم من حولنا. و اصبحت معظم هذه القيادات غير مؤثره في مجتمعها و غير قادره على التواصل مع الشعب و القيادات السياسيه فطرف يتحدث بالواقع و اخر يتحدث في النظريه.
اما جمعيات حقوق الانسان و الاسره و المجتمع المدني فقد اغرقتنا بالنظريات المستورده المعلبه و التي في معظمها نظريه و لا تطبق في اوطانها في الغرب خصوصا عندما يصبح الامن الاجتماعي و السياده على المحك. لنكتشف في النهايه ان هؤلاء ممن اغرقونا بالمثل يعتاشون على خراب المجتمع بتمويل اجنبي ينتهي عندهم. و لنكتشف ان الحقوق في النهايه هي حقوق لحماية الخارجين على القانون الذين اعتدوا على اموال الناس و حرياتهم و امنهم. و لنكتشف ان التمادي في عمل هذه الجمعيات هو تهميش لتطبيق عقوبات رادعه بحق المجرمين و تكبيل لايدي الاجهزه الامنيه التي وقعت بين مطرقة الواجب في حماية الناس و سندان هذه الجمعيات الهلاميه و الشكل الجديد للعشائريه بالوقوف مع المعتدي من ابناء العشيره بعدما كانت العشائر ركيزه للدوله تعلي الاخلاق الحميده و ترفع من شأن اصحاب الاخلاق العاليه.
قد اكون اطلت في هذا المقال و لكن لا بد ممن يقرع الجرس و يقول نعم لاصلاح من الداخل و نعم لاعادة هيبة القانون و نعم لاعادة صلاحيات الاجهزه الامنيه كامله و نعم للقيادات ذات العمق الشعبي و نعم للاعتزاز بالعشيره ان عادت تنصر المظلوم و تلفظ الظالم و لا كبيره للمطالبين بتخفيض صلاحيات جلالة الملك او الاجهزه الامنيه و لا لمن يستقوون على الوطن و المواطن بعضلاتهم او جرائمهم او عصبتهم و لا لمن يعتاشون على الامنا بتمويل اجنبي فنحن ما زلنا دوله في العالم الثالث لها خصوصيتها و عندما نصبح مثل سويسرا فاهلا بهم. و الله من وراء القصد.
ادام الله الاردن عزيزه مستقره في ظل قيادة هاشميه و محميه بسياج اجهزتها الامنيه و جيشها العربي وادعه في قلوب المخلصين من ابنائها و ما اكثرهم.