بمناسبة الحديث عن الترهل!
جميل النمري
14-10-2013 03:07 AM
أمّا وأن جلالة الملك قالها، فقد انفتحت قريحة الجميع للتعليق على الترهل الإداري، والتثنية والثناء على تقييم الملك السلبي لحال الإدارة الأردنية.
لست متفائلا بهذه الصحوة، إلا إذا ارتبطت على مستوى الدولة بالإقرار بالذنب الكبير تجاه الإصلاح السياسي؛ الحاضنة الأم لكل الإصلاحات.
إذ جرى النكوص عنه بنسبة 90 %، وبالنتيجة عن الإصلاح المؤسسي للسلطة ولمرافق الدولة. ويمكن ببساطة أن نلاحظ كيف أن قوى المحسوبية والفساد والامتيازات هي بالذات قوى الشدّ العكسي التي وأدت الإصلاح السياسي.
ويمكن أن نرى كيف أن إرادة الإصلاح التي تركزت على بعض المرافق حققت تقدما فريدا، مقابل العجز والشلل في مرافق أخرى. والتحديث الجذري في بعض المرافق، أعطى نموذجا على سبل القضاء على المحسوبية والواسطة بنفي الحاجة إليهما.
إذ عندما تُقدّم الخدمة بطريقة جيدة وسريعة ومنظمة وخالية من التعقيد والإعاقات، فإن أحدا لا يحتاج، مثلا، إلى الواسطة لتجديد رخصة السيارة، ما دامت تُنجز بشفافية وسرعة وبساطة.
لكن لنذهب إلى مثال كارثي من هذه الأيام، كدليل على الفشل في الإقدام الشجاع على التغيير، وأقصد القبولات في الجامعات حيث تبدأ الخطوة الأولى للحياة في سن النضج. إذ ما تزال نسبة 65 % تقريبا من القبولات الجامعية تقوم على الاستثناءات.
وقد كنا خطونا العام قبل الماضي خطوة إيجابية مهمة بإلغاء أي قوائم لا تستند إلى أسس محددة، وبقيت المكارم الملكية للقطاعات المختلفة، كأبناء العسكريين أو المعلمين وغيرهما من الفئات، والتي تقوم على القبول التنافسي بين أبناء تلك الفئات على المقاعد المخصصة لكل منها، ومن دون أي تجاوز بالنسبة للمعدلات بينهم.
وقد فهمنا أن مكرمة العشائر التي لا تقوم على أي أساس تنافسي، قد ضمت إلى المدارس الأقل حظاً، والتي تقوم على أساس تنافسي واضح.
لكننا فوجئنا هذا العام أنه قد تم تجاوز الأعداد المقررة على أساس تنافسي للمدارس الأقل حظا، فصدرت قوائم إضافية من تحت الطاولة للقبول في شتى المجالات، بما في ذلك الطب وطب الأسنان والصيدلية. وشكا رؤساء جامعات لي من هذا الوضع، وقد فاضت الكليات بأعداد فوق الحد المقرر بكثير، ما يربك الجامعات ويطيح بخطط التنظيم والتطوير، هذا قبل أن نتحدث عن الأثر السلبي الخطير على المجتمع؛ بانهيار الثقة وترسخ الاعتقاد بأن الواسطة والمحسوبية هما كل شيء في حياة البلد، وما عدا ذلك كذب ودجل.
وقد قبلنا الاستثناءات المنظمة على أساس تنافسي لدرء ما هو أسوأ. لكن يراجعني بمرارة ذوو طلبة يرون كيف أن أبناء العاملين في الجامعات يحصلون على مقاعد بمعدلات تفرق أكثر من عشر درجات عن أقرانهم ضمن القبول الموحد.
وكمثال فاقع، حصل أبناء عاملين بمعدل بين 82 و83 على قبول صيدلة ودكتور صيدلة، بفارق أكثر من دزينة من العلامات عن أقرانهم في القبول الموحد والموازي التنافسي.
(الغد)