إصلاحنا مصدر قوتنا .. والتسويف ضياع
جهاد المنسي
13-10-2013 03:21 AM
بعض دوائر القرار الداخلي تعتقد أن; الأردن خرج من "عنق الزجاجة" وبات ما يعرف بـ"الربيع العربي" اثرا بعد عين، وأن مرحلة تحقيق إصلاحلات جريئة وغير مسبوقة ولّت، وباتت من الماضي.
وتأسيسا على ذلك؛ تعتقد تلك الدوائر أن ما تحقق من إصلاحات في مجالات سياسية ودستورية، يكفي للمرحلة الحالية ومراحل مقبلة، ولا يوجد ما يدفع لتقديم إصلاحات أخرى.
ويرى أولئك أن زخم الشارع المطالب بالإصلاح تراجع بشكل لافت، وأن القوى السياسية التي كانت تتسيد المشهد بعضها انكفأ على ذاته بعد الضربات المؤلمة التي طالت امتداداته الخارجية، وبعضها الآخر بات غير قادر على تحريك الشارع إثر ما جرى في المحيط العربي، وما آلت اليه بعض الثورات العربية في المحيط، وخاصة في ضوء ما جرى في مصر وسورية وليبيا من تشتيت للأهداف، وتفرعات غير ديمقراطية رافقت تحركات الشعوب.
صحيح; أن ليبيا وما يجري فيها حاليا من تفتيت وضياع للدولة شوه صورة الصحوة العربية، ولكن الأمر لا يقاس على ليبيا فقط؛ فالربيع الليبي ابتدأ أميركيا وانتهى بإحكام قبضة الأصوليين ومن والاهم على الوطن الليبي الذي يعاني. وفي مصر ما تزال حركة الشعب المصري نشطة وقادرة على تغيير دفة الأمور في أية لحظة، وما جرى للرئيس المعزول محمد مرسي خير دليل على ذلك.
أما في سورية فإن ربيعها لم يبدأ ابدأ، وسرقت أحلام الشعب السوري وتطلعاته نحو الديمقراطية من قبل عصابات مسلحة آثرت أن تحول الأرض السورية إلى مكان لأطماعهم، ومخزن لأفكارهم المتشددة والمذهبية، وهؤلاء لا يؤمنون لا بربيع عربي ولا بخريف، وإنما ينفذون أجندات خاصة بهم حينا، وأحايين كثيرة أجندات خاصة بدول أخرى محورية وإقليمية.
لذا فإن الكلام عن ربط حركة إصلاحنا الداخلي بما يجري في الإقليم كلام يجافي الصواب والحكمة، اذ إن واقعنا في الأردن كان مختلفا عن واقع شعوب عربية أخرى، وما يزال مختلفا حتى الآن، ولا علاقة له من قريب أو بعيد بما يجري في الإقليم.
وإذا ما سلمنا، كما كان يقول ساسة وحكوميون، أن الربيع الأردني بدأ قبل أن يبدأ ربيع الشعوب العربية الأخرى بعقود، وأنه بدأ نهاية ثمانينيات القرن الماضي، فإن من حقنا تأسيسا على ذلك أن نسال، عما تحقق طوال تلك الفترة، وسبب عدم تحقيق كل الأمنيات والتطلعات والأفكار التي طرحت، وسبب مراوحتنا في المكان عينه حتى اللحظة، وسر تمسكنا بقوانين أثبتت التجربة أنها لا تصلح لكي نمشي معها باتجاه الديمقراطية إلى الأمان، وأبرزها وأهمها قانون الانتخاب (الصوت الواحد) الذي شوّه صورة مجالس النواب المختلفة، وقسم البلاد والعباد، وما نزال ندفع فاتورة التقسيم حتى الآن.
وبناءً على ذلك، فإن من يعتقد أن حركة الشارع اضمحلت وبالتالي يتوجب عدم الإقدام على إصلاحات حقيقية وجذرية، والتوقف عند ما حصل باعتباره غاية الأمنيات، مخطئ بحق نفسه، وبحق البلاد بشكل عام.
حركة الشارع التي كان أساسها المطالبة بإصلاحات سياسية، باتت تتحول رويدا رويدا حاليا لحركات مطلبية وخدمية واقتصادية على وجه الخصوص.
وبالتالي فإن ربط التراجع الذي جرى بتراجع سياسة المكاشفة وكشف مواطن الفساد والإفساد، سيدخل البلاد في حركات مطلبية أعنف نحن في غنى عنها، سيما وأن ذلك متزامن مع ارتفاع تكاليف المعيشة واضمحلال قدرة المواطن الشرائية والمالية، وغلاء الأسعار الذي بات حديث كل بيت أردني من العقبة حتى الطرة.
ربط الإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي بتقلبات الإقليم رهان في غير مكانه، فالبلاد تكون أقوى وأشد تماسكا إن حققنا الإصلاح المنشود، وذهبنا صوب قانون انتخاب حقيقي، وقانون أحزاب يؤسس لمرحلة مستقبلية يمكن البناء عليها، وسياسة اقتصادية لا تقوم في أساسها على جيب المواطن، وانتظار المساعدات العربية والدولية، وسياسة اجتماعية تعزز محاربة الفساد وتمكن المجتمع من تحقيق شفافية عامة في كل مفاصل الدولة تراعي في الأساس قيم المواطنة وتنبذ المحسوبية والواسطة إلى الأبد.
الأمل أن تعي كل مفاصل الدولة أهمية السير في الإصلاحات جمعاء إلى الأمام والإيمان أن الإصلاح هو السبيل الوحيد لتقوية جبهتنا الداخلية.
(الغد)