العرب بين «فكي كماشة» الخطر النووي!
د. سحر المجالي
12-10-2013 03:01 AM
لم يكن ذلك اليوم « الآبي» من عام 1945 يوماً عادياً في حياة الأمة اليابانية، بل في مجمل تاريخ البشرية بأسرها. فقبل ثمان وستين عاماً، تحول حلم أطفال مدينتي «هيروشيما وناغازاكي» اليابانيتين، إلى أطلال وأشلاء ودمار بسبب لا أخلاقية الحرب ومنهج سباق التسلح الذي ما زلنا نعاني منه حتى هذه اللحظة، بل سيكون مصير أجيالنا القادمة رهن إشارة الحقد والكراهية بين بني البشر والتي تغنى بها «هنتنجتون» وطالما بشر بها، ونادى بصراع الحضارات وليس بحوارها.
كانت الحرب العامية الثانية على وشك أن تضع أوزارها، وكانت اليابان على قاب قوسين أو أدنى من الإستسلام والإعتراف بالهزيمة وقبول مرارتها. ولم تكن اليابان هي العقدة الأساسية في إنتهاء الحرب، بقدر ما كانت ألمانيا هي المحطة الأخيرة أمام دول الحلفاء لوضع حد للحرب العالمية الثانية ومآسيها.
إلا أن صانع القرار السياسي الأمريكي آنذاك وجد الفرصة مواتية للإنتقام من الإمبراطورية اليابانية، ووضع حد لطموحاتها التوسعية في المحيط الهاديء وجنوب شرق آسيا، والثأر لدماء الأمريكيين التي سالت في ميناء «بيرل هاربر» الذي قصفه اليابانيون أثناء الحرب، وتدميرهم للبارجة « أريزونا»، بالإضافة إلى هدف تجربة هذا السلاح «الجديد» شديد التدمير واللا أخلاقي، على شعب أسيوي- بوذي، ليس من ضمن شعوب « الحضارة المسيحية الغربية».
لقد قتل واحرق في مدينة « هيروشيما» وفي الدقيقة الأولى من الإنفجار 80 ألف مواطن، في حين كانت حصيلة ضحايا مدينة» ناغازاكي» في الدقيقة الأولى 200 ألف مواطن ياباني!، ناهيك عن عشرات ألآلاف من القتلى والجرحى التي جاءها قدرها في الأيام التالية، وما زال مواطني هاتين المدينتين، وبعد 68 عاماً من الكارثة، يعانون من تأثير الإشعاعات النووية.
لكن الأهم من كل ذلك والأخطر، هو الجرح الذي خلفه هذا الدمار الشامل بين حضارات وشعوب الشرق والغرب، والهوة السحيقة التي حدثت بين بني البشر، والتي لن تمحوها من ذاكرة الإنسانية، كل الأنخاب التي ترفع وتترع في ردهات الأمم المتحدة وكواليس السياسة والمال وما يسمى بحقوق الإنسان والنظام الدولي الجديد.
وإذا كنا اليوم نستذكر بحسرة ما حصل للشعب الياباني في عام 1945، فإننا نستذكر كذلك ونعيش ما حصل ويحصل للعراق بشعبه وتاريخيه وتراثه ودوره الإنساني العظيم، فقد وجهت لصدور أطفاله وشيوخه ونسائه أضعاف ما تلقى اليابانيون في آب 1945.
و ما قامت إسرائيل وتقوم به من تدمير وقتل للإنسان العربي وتشريده في فلسطين وغزة ولبنان، اكبر بكثير مما حصل للشعب الياباني في مأساتي «هيروشيما وناغازاكي»، بل ما زالت إسرائيل هي الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي تملك السلاح النووي، وتجعل من ليل ونهار العرب والمسلمين وحضارتهم وتاريخهم «كابوسا مرعباً».
وفي الوقت الذي تلتزم فيه الأمة العربية بمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، فإن إسرائيل، بالإضافة لإيران، من الدول المعدودة، التي ما زالت ترفض التوقيع على معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، متحدية بذلك كل القيم الإنسانية والأعراف والتقاليد الدولية وشرعيتها. بل توظف تأثيرها على البيت الأبيض وتؤلبه على الأردن، وتقف حجر عثرة أمام حق الأردن المشروع في إستخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية !!
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، ما هو مصير الأمة العربية بين «كفتي كماشة» الرعب النووي الإسرائيلي القائم من الغرب، والطموحات النووية الإيرانية القادمة من الشرق، وأين قادة وعقلاء وحكماء وغيارى العرب على مصيرهم وأجيالهم القادمة، وأخيرا أين دور النفط والمال العربي في حماية الأمن القومي العربي؟. وهل سنعود إلى أيام صراع كسرى وقيصر على حساب مصيرنا وشرفنا وكرامتنا ودورنا ونحن مهمشين على قارعة الطريق؟
والسؤال الأخير الذي يطرحه كل إنسان عربي على نفسه، إن لم يكن في العلن أو في السر، ففي عقله الباطني.. أين نحن، معشر العرب، من كل هذا وذاك، وما زالت عقلية «داحس والغبراء» هي التي تقودنا.. وقطعاً ستقودنا إلى حتفنا !!
(الرأي)