لماذا لا تفرض الحكومة ضريبة اضافية على فائدة الودائع؟
10-10-2013 12:34 PM
عمون – كتب المحلل الاقتصادي عبد المنعم عاكف الزعبي - فيما تستمر الحكومة في البحث عن حلول ترفد خزينة الدولة ويفترض ألا تؤثر على محدودي الدخل من الأردنيين، تتبادر الى الأذهان فكرة فرض ضريبة اضافية على فائدة الودائع في البنوك المرخصة. فعوضا عن 5% يمكن للحكومة استيفاء ضريبة قيمتها 10% (اقل او اكثر بحسب ما تراه مناسبا) على فائدة ودائع العملاء الافراد و الشركات لدى البنوك.
هذه الفكرة يمكن ان ترفد خزينة الدولة بـ 30 مليون دينار سنويا بينما لا تمس الا بجزء زهيد من الفائدة المتحققة على ودائع المدخرين لدى البنوك، طبعا دون المساس بأصل قيمة الوديعة بأي شكل من الاشكال.
من حيث الانصاف، ما من شك بأن الضريبة الاضافية المقترحة منصفة.
فالضريبة المقترحة لا تمس ذوي الدخل المحدود، بل اصحاب المدخرات ممن يمكن ان يتجاوز دخل فوائدهم السنوي ألاف الدنانير.
كما ان فائدة الوديعة نوع من انواع الدخل الذي يدفع عليه المودع ضريبة 5%، رغم ان انواع الدخل الاخرى من اجور وارباح تخضع لنسب ضريبة لا تقل عن 14 بالمئة بالمعدل.
و المفارقة هنا ان يدفع العامل المنتج او الشركة الرابحة ضريبة دخل تتجاوز ال 14 بالمئة بينما يدفع المودع على فائدة مدخراته ضريبة دخل ب 5% فقط دون اي جهد انتاجي و بمخاطرة قريبة الى الصفر.
من حيث الاثر الاقتصادي، لا يتوقع ان يكون للضريبة المقترحة اثر سلبي، هذا اذا لم تؤثر ايجابا على سير عجلة الاقتصاد.
ذلك ان ضريبة الفائدة قد تدفع الافراد المودعين الى البحث عن ضروب استثمار اخرى اكثر انتاجية، تماما كما يسعى تخفيض الفائدة الى تحفيز المدخرين على الاستثمار خصوصا في دورات التباطؤ الاقتصادي و التي يعاني الاقتصاد الاردني منها حاليا.
كما انه لا يوجد امام المودع الاردني فرصة للإيداع افضل من تلك المتوفرة محليا، سواءا من حيث معدلات الفوائد او من حيث استقرار العملة و متانة النظام المصرفي.
أما من الناحية الفنية و جانب كفاءة التحصيل، فتعتبر نسب تحصيل هذه الضريبة من الاكثر كفاءة على مستوى العالم، حيث يقوم البنك باقتطاعها مباشرة من الفائدة المدفوعة للعميل ليتم تحويل المبلغ المقتطع بشكل فوري الى خزينة الدولة.
من الفوائد الاخرى التي يمكن للاقتصاد جنيها بواسطة هذه الضريبة قيام المودعين بتمديد اجل ودائعهم بهدف تأخير دفع الضريبة (خصوصا اذا ما خفضت هذه الضريبة للآجال الطويلة)، و هو ما سيعزز من سيولة البنوك الاردنية و التي يعاني معظمها من تركز الودائع للآجال القصيرة، مقابل قروض تمتد اجالها لسنوات.
هنالك جملة من القضايا الممكن اخذها بالاعتبار عند تبني فرض ضريبة اضافية على فوائد المودعين.
فمن جهة يمكن ان تستثنى الضريبة على العملاء فوق سن الستين عاما، نظرا لاعتماد هذه الفئة على فوائد مدخراتهم لتأمين تقاعد كريم يتناسب و مستواهم الاجتماعي.
و من جهة اخرى، يجب ان تشمل الضريبة الفائدة على ودائع الدينار و ودائع العملات الاجنبية على حد سواء، و ذلك بغية الحفاظ على هامش الفائدة بين الدينار و الدولار.
الضريبة المقترحة ضمن هذا المقال لا تخرج عن السياسات الضريبية المألوفة عبر العالم، حيث يدفع المودعون عبر مختلف الدول ضريبة على فائدة الودائع بنسب معظمها أكثر من تلك المدفوعة في الاردن.
ففي ايرلندا تصل هذه الضريبة الى 35% و في الولايات المتحدة تتجاوز ال 10% و تصل الى اكثر من 20%، بينما تجري المحاولات في لبنان لرفعها فوق مستوى 5%.
قد يكون من شأن فرض هذه الضريبة بعض التذبذب في اسعار الفائدة على المدى القصير.
بيد ان تجربة فرض هذه الضريبة لأول مرة في الاردن عام 2003 و بواقع 5% توحي بأن مثل هذا التذبذب يتلاشى على المدى المتوسط و الطويل.