الوازع هو اسم فاعل من وزَعَ، وهو مانع داخليّ يَرْدَع عن شيءٍ ما ويحول دون ارتكاب سلوك معيَّن، والوَزَعة هُمُ الولاةُ المانعون من محارم الله تعالى، المدبرون لأمور الغير، الزاجرون، الرادعون, وتأتي أيضاً بمعنى: إجراءات يتّخذها بلد أو حليف لمنع اعتداء بلد آخر عليه.
ما يهمني هنا هو معنى وتأثير الوازع في الحفاظ على الوطن، إذ قد يكون:
الوازع ديني، ويعرف هنا بأنه الكفّ عن الشيء وحبَسه كما في قوله تعالى }وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ{. فيكف الشخص عن أي امر لا يخدم الوطن ولو كان مقدار حبة من خردل.
أو قد يكون وازع إجتماعي وهو هنا قائم على مجموعة المعايير والقيم التي تتحكم بالعادات والتقاليد والأعراف التي تصبغ المجتمع، مثل الدفاع عن الوطن «بالفزعة له» وحمايته ومنع التعرض له قولاً أو فعلاً.
أو يكون الوازع أخلاقيا أساسه التربية وتهذيب الطبائع لتسمو بأفعالها، فلا يرضى أحدنا بأن يلوث سماء الوطن ولو ذرة غبار أو يسلب من أرضه مثقالها تراب.
أو وازع قانوني، وهو الضبط الناجم عن معرفة تبعات الأقوال وعواقب الأفعال، صغرت أم كبرت، وعن قصد أم سهواً ومقدار العقوبة المناسبة لكل منها في حال إرتكبت بحق الوطن أو المواطن.
أو وازع عقلي وهو الذي يحسب الأمور من منطلق المصلحة والمضرة، الربح والخسارة، أهمية التقديم أو التأخير، إستراتيجية القرار والموقف وهكذا..
إلا أن الوازع الوطني هو المانع الجامع، فهو المكَوَن من بعض وربما كل ما ذكر أو يزيد، هو الصائغ، الدامج، المولج لكل ما سبق بعضه ببعض، والدليل على ذلك أن فداء وحب الأوطان ليس مرتبطا بعقيدة معينة، ولا بقومية محددة، ولا بأيديولوجية خاصة، وإنما تجده لدى من شعر بالمواطنة وحرص عليها وآمن بها ومارسها، والأمثلة على ذلك كثيرة، وهو حالة خاصة تسكن فينا رغماً عنا وبرغبتنا، تدفعنا للحفاظ عليه ما استطعنا إلى ذلك سبيلا، وبرأيي هو الخوف على الوطن بسبب وبلا سبب، والشعور بأن لا شيء يفوقه سوى حب خالقه، وأن الإنتماء له هو مانعه من كل سوء، وأن يُقدَم كل شيء فيه صالحه ويؤخر عنه ما عدا ذلك.
هذا ما نعيشه ونشعر به في وطننا الحبيب، فرغم تواجد أكثر من معتقد «بتعايش فريد»، وإختلاف في الأصول والمنابت والمشارب، والتعدد والتنوع الفكري المسؤول الذي ننعم به، وحرية الرأي الموزونة التي تميزه عن العديد من الدول في محيطه، ألا أن الفرد والكافة قد التزموا بثوابت حبه فكان هو الضابط لتصرفاتهم، ديدنهم ودافعهم فيه هو الإخلاص والولاء والانتماء «والهيبة» وللأوطان هيبة وازعة.
فالحفاظ على وطننا والاستقرار الحالي الحاصل والدائم بحمد الله، نابع وناتج من استناده إلى الوازع الوطني وعقلانية القيادة وانتباه قوات الأمن ويقظتهم وحرصهم على وطنهم من أي عابث أو مستهتر أو مغرض، وإن إستقرار الوطن كان وما زال باعثاً أيضاً على الاستقرار الإقليمي والدولي في أن واحد، فالمملكة الأردنية الهاشمية الحبيبة في هذا العالم نقطة ارتكاز، وهي دوماً واحة أمان لأهلها والمقيمين بها ولقاصديها، وما أحتكمت في يوم سوى لصوت العقل والحكمة والمنطق والعدالة في التعاطي مع امورها المحلية أو الدولية.
النتيجة وطن آمن مطمئن، وسط محيط غاضب ملتهب يئن.
وكل عام والوطن والملك والمواطن والعالَم بخير
(الرأي)