نانسي عجرم على أسوار مسجد ألاموين .. عيسى الشوابكة
mohammad
10-10-2013 01:11 AM
كلما حزب الامر , وشدد الطبيب نصائحه وتعليماته أعود الى المشي والهرولة , من النطافة على الحدود الشمالية لمدينة السياحة والتاريخ الى الوسية وحواشي غرناطة , حيث العشق الأزلي والبهجة والنور ومبعث الهدوء والراحة والسرور ... تمشي في صباحات مادبا الندية وخريفها المفعم بالرطوبة المبشرة بالخير وأطراف ايلول المبلول .
تبدأ مشوارك الصباحي على يسار الشارع مستقبلا السيارات لا مستدبرا حفاظا على حياتك لكي لا يدهسك " بكم فلت " مستعجل يريد صاحبه أن يلحق النهار من أوله في سوق " الحلال" او سوق "الخضرة" وتحوطا من شاب مدلل سرق مفتاح سيارة والده وطائش لا يرى من الحياة أبعد من أرنبة أنفه ...
تمشي وأنت تتلمس خطاك في الشارع إياه الذي تجاوزه التنظيم ولا زال أهل الخطابية والمتريضون يمشونه عنوة إختصارا للطريق من إشارات النطافة حتى الخطابية ...
وما أن يشقشق الصبح حتى تتضح معالم الطريق المحفرة حتى تحمد الله لأن رجلك لم "تنفكش" ولم "تتدعثر بجورة" عفا عليها الزمن .
تمشي والمتريضون أمامك وخلفك , منهم من حافظ على عادة رياضة المشي وبعضهم وجوه جديدة لا تكاد تميز ما يتحدثون به إلا تلك المرأة التي اصطحبت ابنها , كانت تتحدث عن شيء من الأخلاق والاعتماد على النفس كمفتاح النجاح في دروب الحياة الصعبة .
والناس غارقون حتى اذانهم بكيل الاتهامات للحكومة بأنها مقصره , وأنها متعسفة بتعديل التوازن بينها وبين فقراء المواطنين ... يخطر ببالك أشياء كثيرة وتجادل لتخفف من حدة الهجوم بالصحيح وغير الصحيح ... وكأن البلديات والحكومة لا وظيفة لها إلا توفير الخبز والبنزين والخضراوات والفواكه والكافيار بأرخص الاسعار ... أما الشوارع والمتنزهات وبقية الخدمات العامة فكأنها أشياء ثانوية ليست من اهتمام الناس ولا حاجة لهم بها وهنا تذكرت قول الشاعر :
لحا الله إنسانا مناه وهمه
من العيش أن يلقى لبوساَ ومطعماَ
أمشي وأهرول حتى مدرسة الخطابية التي بناها الألمان لأطفالنا ... لم تعد أسوارها مشققة كما كنت أراها ولا حاويات النفايات على مداخلها من الجهة الشرقية مبعثا للدخان والروائح الكريهة التي كانت تملأ صدور أطفالنا وتوزع أذاها على جيران المدرسة وأهل القرية بل أصبح المدخل زاهيا والأسوار مملؤة بشعارات وطنية "الأردن وطننا" و "كلنا الأردن" كما رسمت على الأسوار مناظر جميلة تحبب لأطفالنا كل جميل فيستقبلوا الحياة مستبشرين ...
تتجاوز المدرسة لتصل الى بقايا الجامع الأموي الأثري في قرية الخطابية , المحاط بسور سميك على مساحة أكثر من ألفي متر مربع وقد تبرع العابرون والمراهقون بالكتابة على سوره " نانسي عجرم " و " زيد أمير الحب مع رقمه الخلوي للراغبين بالاتصال " هذا المسجد الذي بنته وصلت فيه "جيوش الفتح" ودمرته جيوش الغزو التي مرت من هنا ,,, لم يفزع إليه أي من المعنيين بالأثار او الأوقاف ... وقد سمعت احدهم يقترح " كان من الممكن أن يقام على الأنقاض مسجد فتبعث فيه روح الحياة من جديد ويكتب على مدخله "لقد جدد بناء هذا المسجد في عهد الملك عبدالله الثاني ابن الحسين ملك المملكة الاردنية الهاشمية"
أسرع الخطا , وأعود من غير طريق فتمر سيارة رئيس البلدية باكرا وقد أحيا سُنة إختطها المخلصون ممن سبقوه الى هذا الموقع ... يطوف مادبا باكرا يتفقد أحياءها وشوارعها ويسجل ملاحظات ربما تكون الجزء الأهم من برنامج عمله اليومي كما أكد العارفون .
أعود قافلا الى البيت وفي الشارع الرئيسي ألحظ احد إعلانات الانتخابات البلدية الأخيرة وقد غطى لوحة إرشادات السير عند تقاطع هام ويقول الأعلان " مادبا تستحق منا الكثير " وآخر " إبشر بالفزعة يا أبو فلان " .
عيسى الشوابكة
Issa.shawabkeh@yahoo.com