ما يجري في غزة ، هو مقدمة لما سيجري في الضفة الغربية ، فاسرائيل لن تسمح بقيام دولة فلسطينية ، في نهاية المطاف.استهداف غزة ، بذريعة وجود حماس في الحكم ، واطلاق صواريخ على المستوطنات الاسرائيلية ، يخفي خلفه المخطط الاكبر ، فقتل هؤلاء الابرياء ، ومحاصرة القطاع ، وقطع الكهرباء عنه ، في الوقت الذي يذهب فيه محمود عباس الى مفاوضات شكلية ، يستهدف ايضا اسقاط السلطة الوطنية ، التي لن تستطيع ان تفاوض ، واسرائيل تمارس ابادة جماعية في غزة ، واذا كانت السلطة تعترض دوما على حركة حماس ، فعليها ان تعرف ان عناد حماس مفيد لها ، في حال التفاوض ، اما..والقصة باتت هكذا فان اسقاط حماس ، وحصار غزة ، سيقودان بالضرورة الى سقوط السلطة الوطنية الفلسطينية ، ولن يجرؤ احد من رموزها على التفاوض بشأن القدس وحقوق اللاجئين والنازحين. كل هذا يعني ، نتيجة محددة ، هي عدم قيام دولة فلسطينية ، وقد قلت في وقت سابق ، ان اسرائيل لا تريد اصلا قيام دولة فلسطينية ، ولن تقبل بها ، بجوارها ، مهما بلغ بها الضعف والاستسلام ، ولن تقبل بوطن صغير للشعب الفلسطيني ، تتركز عليه وفيه امال الفلسطينيين في العالم ، والوعد الامريكي بقيام دولة فلسطينية ، هو وعد كاذب ، فاليهود يعتبرون الضفة بمثابة يهودا والسامرة ، ولن يسلموها لاحد ، ولن يسلموا جزءا من القدس لاحد ، وغير هذا الكلام ، هو حراثة في البحر كما يقولون ، وضحك على ذقون الناس.
لن يجد الشعب الفلسطيني ، حلا ، سوى العودة الى انتفاضة جديدة ، واذا كان فلسطينيو 48 سكتوا ستين عاما ، حتى لا يخسروا وجودهم في مناطقهم ، فانهم بعد قصة يهودية اسرائيل سيجدون انفسهم ، في ذات موقف اهل الضفة وغزة ، واذا لم يتحرك هؤلاء ويكونون شركاء في الانتفاضة الجديدة ، اذا حدثت ، فسيتم التخلص منهم ببساطة ، ولن ينالهم سوى خطيئة السكوت لستين عاما ، كانت نتيجتها ، استهدافهم مثل اهل الضفة وغزة والقدس.
اولئك الذين يخافون من قيام دولة فلسطينية ، كثرة ، بين العرب ، قبل الغربيين والاسرائيليين ، واذا كانت الحلول كلها تتحدث اليوم ، عن عام صعب ومأساوي على الشعب الفلسطيني ، هذا العام ، ويشير بعضهم الى ان اسرائيل تريد ان تحكم مصر غزة ، ويحكم الاردن الضفة الغربية ، فان هذا مجرد حلم جميل ، فاسرائيل لن تعيد الضفة الغربية الى الاردن ، ولن تعيد غزة الى مصر ، وهي تريد هذه المناطق ، لتسوية مشاكلها الاخرى ، مثل مشكلة اهل الثمانية والاربعين ، باعتبار ان الضفة وغزة ، ساحات خلفية ، لاسس وبداية المشكلة والقضية الفلسطينية ، واسرائيل قد تخطط اليوم ، الى جعل الضفة وغزة ، مستودعا بشريا ، ترحل اليه اهل الثمانية والاربعين ، لتنقية عرق الدولة اليهودية ، وتطهيرها من الاثم العربي والدم العربي. كل هذه التشوهات في حال العرب ، وما يجري في القضية الفلسطينية ، سببه اخراج القضية الفلسطينية ، من اصول تفسير هذا الصراع ، فهو صراع ديني ومصيري ، واما نحن او هم ، وغير ذلك ، هو قفز في الخيال والاوهام ، واضاعة للوقت ، فأي سلام يتحدث عنه البعض ، مع من غدروا الانبياء ، اساسا ، وهل العرب والشعب الفلسطيني ، اليوم ، اكثر حكمة وذكاء وحماية ، من الانبياء الذين لاحقهم العدو عبر الاف السنين.
لن تقوم دولة فلسطينية ، ولن تتنازل اسرائيل ، عن الضفة وغزة ، لاحد ايا كان ، لا فلسطينيا ولا اردنيا ولا مصريا ولا دوليا ، وكل ما تريده اسرائيل اليوم ، تحويل الضفة وغزة الى مستودع بشري ، على شكل قفص كبير ، يحيط به الجدار العازل ، ويتم عبره حل مشاكل اسرائيل اخرى. ما جاء في سورة الاسراء ، لن يغيره احد ، فلا بد من حرب كبيرة مقبلة ، ولا بد لاسرائيل ان تزول ، ومن ينسى..فنسيانه من فعل يديه.
m.tair@addustour.com.jo