facebook
twitter
Youtube
Ammon on Apple Store
Ammon on Play Store
مواعيد الطيران
مواعيد الصلاة
rss
  • اخر التحديثات
  • الأكثر مشاهدة




الروائية ابو شرار تكتب رسالة إلى صديقة


08-10-2013 12:05 AM

صديقتي العزيزة:
أخط كلماتي هذه لك وحدك فقط ، لم ولن أقولها لأحد غيرك. بالأمس شربنا القهوة معاً تحت ظلال دالية العنب ، بكيتِ وشكوتِ لي قسوة زوجك وعناد أولادك وكنت تعتقدين أن هذه القسوة وهذا العناد هما أصعب ما في الحياة. وأنا شكوت لك فقري وعدم قدرتي على تسديد أقساط مدارس أولادي وأنه بعد وفاة زوجي أصبحت الحياة صعبة جداً .
وحين أنتهينا من الشكوى بدأنا بالضحك والحديث عن أشياء أخرى تافهه ولكنها جميلة ، مثل الفستان الرخيص الذي أشتريته بالأمس وقولك لي بأنني لا يجب أن اشتري فساتين لأنه لا يوجد من ألبسها لأجله ، ربما امراة أخرى كانت لتحزن من تعليقك ولكنني لم أحزن لأن ذكرى زوجي رائعة وتكفيني لعمري كله ، لطالما كان لطيفاً وكريماً وحنوناً لذا ألبس الفساتين كما لو كان موجود ، لقد ترك لي من السعادة والدفء ما يكفيني لعمرى كله ، لذا أرتدي الفساتين كما لو كان موجود ، إنه حبي الحقيقي ، لأننا لم نتصارع ، لم نتجادل بل أحبني ببساطتي وأحببته لطيبته رغم فقره ورغم كل الظروف الصعبة .
والآن ، وفي غرفة ما في مستشفى ما ، أجلس أمام رجل غريب يسمى طبيباً ليقول لي بأنني مريضة بمرض عضال ، وأن رحلة الشفاء صعبة جداً وربما أموت بسبب هذا المرض . صمت أمامه ولم أتفوه بكلمة ، لأنه يتحدث عن انسانه أخرى ليست أنا ، بل انسانه بإنتظار الموت .
قال لي الطبيب بأنني لا بد أن أتحدى الموت وأن أكون قوية فأجبته بصوتٍ داخلي لا يسمعه هو : ومن يتحدى الموت ، نحن ننتظر الموت ولكن لا نتحداه . وللحظة تذكرت بأننا جميعاً سوف نموت ، فلماذا أحزن ؟ ولكنني تذكرت أولادي فأنتابني الفزع وبدأت أسأل الطبيب عشرات الأسئلة لأنني يجب أن أحيا لأجل أولادي .
خرجت من المستشفى ، لفحتني نسمات صيفية رائعة ولكنها أصبحت نسمات ميتة تؤلمني عوضاً عن أن تُسعدني ، شعرت بدفء أشعة الشمس على وجهي ، ولكنني تجاهلت ذلك الدفء لأنه لم يعد يعنيني فهو يعني أولئك الأصحاء .
اليوم يا صديقتي أبدأ تاريخ جديد من المرض والأدوية ومراجعات طبيب يقبل بكشفية زهيدة لأنه متدين ويساعد الفقراء مثلي. اليوم يا صديقتي أعلم أن أنبل من في الأرض طبيب يقبل أن يعالج ليس لأجل المال بل لأجل الانسانية جمعاء .
إن كان هناك شيء واحد إيجابي في مرضي فهو أنني عرفت قيمة فنجان القهوة معك تحت الدالية الخضراء وحديثنا عن مشاكل حياتية نعتقد أنها نهاية العالم ولكنها في الحقيقة هي الوجود وهي حركة الحياة في العروق ؛ لذلك يا صديقتي وحين أراك في المرة القادمة أرجوك أن تحدثيني كثيراً عن مشاكل لا قيمة لها أمام المرض والموت .
ثم أرجوك رجاء آخر هو أن تحبي زوجك وتحبي أولادك ، وأن تتناسي القسوة والعناد وأن تتذكري وبكل يوم بأنك قد لا تريهم غداً وأن تدركي بأنك لست معهم لتفرضي قوانينك ، بل أنت معهم لأجل الحب في الدنيا والآخرة ، لذلك وحين نجلس معنا أخبريني بأنك بدأت بمحبتهم من جديد وأنك في ميلاد جديد مع الحياة ، مثلما أنا في رحيل مؤجل عنها .
أجل …شيء آخر ، لا تعتقدي بأنني قد أموت قبلك لأنني مريضة ، فربما تموتين أنت قبلي أو أي أحد ممن نحب ، لأنه ليس سبب الموت المرض دائماً ، لذلك ، ياصديقتي الحبيبة ، أحبي من حولك بقوة وصدق كمن يغادر غداً وسريعاً .
وأخيراً ، صديقتي ، كل ما كتبته لك كان من نسيج خيالي ، لأنك دائماً تتذمرين وتعيشين حياة على حلبة المصارعة وليس في بيتٍ آمن ومستكين ، ولم تردي على نصائحي بأن تهدئي وأن تدعي الحياة تمر كما هي وأن تتوجهي بالدعاء لله تعالى بإصلاح زوجك وأولادك ، لذلك كان لابد أن أكتب لك هذه الرسالة ، كي تستيقظي وتعلمي أن هناك من البشر من تبدو حياتهم معاناة يومية ولكنهم يحمدون الله ويصبرون ويبتسمون ، فعيشي مع الحمد لله تعالى ، وابتسمي ارجوك ..





  • 1 من خلود الطيب 08-10-2013 | 12:09 AM

    مقال رائع رغم حجم الالم فيه


تنويه
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة عمون الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة عمون الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط .
الاسم : *
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق : *
بقي لك 500 حرف
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :