حوار الحكومة مع الأحزاب إلى أين؟
د غازي أبو عرابي
07-10-2013 04:39 PM
بدأت الحكومة قبل أيام حواراً مع الأحزاب السياسية حول مسيرة الإصلاح، وتم الإعلان عن مبادرة زمزم كرؤية إصلاحية لمجموعة من الشخصيات الحزبية وبتأييد حكومي، وهذا بلا شك خطوة إيجابية، لكن تعلم الحكومة الحالية والحكومات السابقة أن الأحزاب الأردنية تواجه تحديات وصعوبات عديدة أدت إلى عدم فاعليتها في الحياة السياسية وتقزيم العمل الحزبي.
وتعود هذه التحديات بالدرجة الأولى لضبابية الرؤية الحكومية للأحزاب السياسية ولدورها في الحياة السياسية، والبعض الآخر من هذه التحديات سببه الأحزاب نفسها.
فالحكومات المتعاقبة رغم وجود قانون للأحزاب يسمح بالعمل الحزبي، ومديرية خاصة للأحزاب في وزارة الداخلية، ثم أنشئت وزارة متخصصة للتنمية السياسية إلا أن الأحزاب ما زالت في نظر هذه الحكومات عبارة عن ديكور لتجميل وجه الحياة السياسية الأردنية، لأنها لم تعترف لها بحق الوصول إلى السلطة بالوسائل السليمة المشروعة باعتبارها الغاية التي تسعى إليها جميع الأحزاب في كل العالم، وهذا بالطبع ما يميز الحزب عن باقي التنظيمات المشابهة له كالجمعيات والنقابات المهنية.
كل هذا يحدث من حكوماتنا رغم وجود إرادة قوية من مؤسسة العرش لإنشاء حياة حزبية وطنية واعية لقيادة البلد في المرحلة المقبلة.
أن العداء للأحزاب إنما يخفي وراءه عداء للديمقراطية ذاتها، حيث لا يمكن ممارسة الديمقراطية بدون تنظيم، والأحزاب هي التي تتولى هذا التنظيم.
إن نجاح الأحزاب السياسية في القيام بدورها الوطني وتعميق الوعي الجماهيري يحتاج من الحكومة إلى إعادة النظر بجميع القوانين ذات العلاقة بالعمل الحزبي وتطويرها بما يساهم ويساعد في خلق مناخ عام من الحرية، وإزالة كل العقبات أمام العمل الحزبي ووضع حوافز حقيقية مادية ومعنوية لكل حزب يعمق ثقافة الانتماء والولاء للوطن ولقيادته، ويعمل على تغيير الصورة المشوهة عن الأحزاب والتي تم رسمها على مر السنوات الماضية في ذهن الناس خاصة بعد منع العمل الحزبي عام 1957 ولغاية 1992، تحت ذريعة أن هذه الأحزاب لا تعمل لخدمة الوطن وأنها ذات توجهات خارجية.
لذلك على الحكومة أن لا تظل تراقب العمل الحزبي من نافذة ضيقة بل عليها ن تتابع بكل جدية الأحزاب للعمل على تطويرها إذا أرادت تنمية سياسية حقيقية، وهذا لا يتحقق إلا بقانون متطور يعالج مشكلة انتخاب الأمين العام في الحزب، بحيث يمنع أي أمين عام من الترشيح لأكثر من دورتين منفصلتين أو متصلتين، وذلك لإتاحة الفرصة لقيادات جديدة من الشباب ولوضع حدٍّ للقيادة الأبدية للحزب، ثم أن كثرة عدد الأحزاب في الأردن يعيق الحركة والعمل الحزبي، حيث يوجد لدينا حالياً أكثر من ثلاثين حزباً مرخصاً، وبالتالي يمكن تقليل العدد بضرورة النص صراحة على أن كل حزب لم يحصل على نسبة معينة من الأصوات أو المقاعد في الانتخابات البرلمانية أو البلدية ليس أمامه إلا الحل أو الدمج مع حزب آخر طالما ليس له قاعدة شعبية.
أما الأحزاب فمطلوب منها لتطوير الحياة الحزبية أن تكون لديها أيديولوجية واضحة وصادقة ذات أهداف وطنية وبرامج إصلاحية قادرة على تقديم حلول واقعية لمشاكل الناس وتطوير الوعي السياسي لدى الجماهير.