المسلمون السُّنة وغياب المرجعية!
شحاده أبو بقر
07-10-2013 02:45 PM
مشكلة إن لم يكن معضلة المسلمين السُّنة على امتداد الكوكب، أنهم بلا مرجعية عقدية مؤسسية ذات بعد سياسي، ولهذا فهم متفرقون لا جامع بينهم مؤسسياً، سوى أنهم يعتمدون إيمانياً كتاب الله سبحانه، وسنة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه، وتلك قاعدة إيمانية عظيمة لا تدانى، لكن الظروف السياسية السائدة في عالم اليوم، باتت تقتضي وجود جهة أو هيئة مؤسسية عقدية تمثل مرجعية كبرى للمسلمين السنة في شتى أرجاء المعمورة، تكون مهمتها تقديم الإسلام العظيم إلى العالم الآخر كما هو، دونما زيادة أو نقصان، وبعيداً عن أية اجتهادات عرضة للخطأ في التعبير عن حقيقة هذا الدين!.
للمسلمين الشيعة مرجعيتهم العقدية بأبعادها الفقهية والسياسية، ولا شك في أن وجودها بات أمراً فاعلاً في هذا العصر، خاصة وأن الجمهورية الإسلامية الإيرانية مركز الثقل الأول والأكبر للوجود الإسلامي الشيعي، هي من تحتضن وتمثل هذه المرجعية التي تقول وتتصرف وتفتي وما على الأتباع إلا السمع والطاعة، وسواء أكنا نتفق أو نختلف مذهبياً مع مخرجات تلك المرجعية، فإن الأمر الناجز هو أنها موجودة ولها أتباعها الكثر الذين يتصرفون إيمانياً وحتى سياسياً وفق اجتهاداتها وفتاواها.
المسلمون السُّنة هم الأغلبية الساحقة، ومع ذلك فما زالوا يفتقرون إلى هكذا مرجعية باتت ضرورة ملحة، ولهذا تتعدد بينهم الفِرق والاجتهادات والسلوكيات وبعضها ولسوء الحظ، يعطي انطباعاً للعالم الآخر بأن "الإسلام العظيم" دين عنف أو إرهاب كما يقولون، وهو من ذلك براء، بل على العكس من ذلك تماماً، فلو طبق الإسلام كما أرادته السماء وكما جاءت به سنة الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه، لما كان هناك شقي واحد على وجه البسيطة، ولساد العدل والسلام والتسامح أرجاء الكوكب، ولكان عالم اليوم مثالياً بكل ما في اللفظ من معنى!.
غياب المرجعية الإسلامية السنية بات أمراً ضاراً بالإسلام والمسلمين معاً، في عالم يتطور ويتغير كل يوم، وفي زمان يتصيد فيه أعداء الإسلام وخصومه وجهلة الأرض الأخطاء والسلوكيات الشاذة واعتبارها كما لو كانت من صلب العقيدة الإسلامية السمحاء، ولا حول ولا قوة إلا بالله!، فمن يتوكل على الله ويعلق الجرس وينبري وبقوة ستلقى القبول والحماس للالتفاف حولها من سائر مسلمي الأرض، ويؤسس وبحكمة ترضي الله جلت قدرته، اللبنة الأولى للمرجعية الإسلامية السنية التي تتسع حاضنتها لكل البشر، طوعاً لا كرهاً، وعلى قاعدة بناء القدوة الحسنة والانموذج المؤثر الذي يستقطب القلوب والعقول حول عظمة الكتاب والسُّنة، والله من وراء القصد.