اللوزي: عقدنا مع الفوسفات كان بقيمة 119 ديناراً سنوياً
07-10-2013 12:53 PM
عمون - تعد مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني من أقدم المؤسسات الحكومية العاملة في الأردن حتى اللحظة، مستمدة من ذلك التاريخ تطوير ذاتها بما يتواكب مع التكنولوجيا الحديثة.
ذلك الخليط ما بين عبق التاريخ، و الوسائل الحديثة في عالم السكك الحديدية و القطارات كان بجهد ذاتي ، و بتوازن محسوب بدقة تبعا لميزانية المؤسسة التي أصبحت حاليا في أفضل حالاتها.
وكان للجانب الاستثماري الذي اتخذته المؤسسة نهجا ، الجانب الأبرز في تسديد العجز الذي كانت تعاني منه المؤسسة ، لتقوم بالانفتاح على الدول المتطورة في مجال القطارات مستفيدة من تجاربهم.
ميزانية متهالكة وعهد جديد
قال مديرعام مؤسسة الخط الحديدي الحجازي الأردني صلاح اللوزي « ان الوضع المالي للمؤسسة كان متواضعا جدا ليبلغ مقدار العجز في الموازنة في نهاية عام 2011 (105) ألاف دينار ليتم تسديده خلال الثلاثة اشهر الأولى من خلال إعادة النظر بالعقود ما بين المؤسسة و المؤسسات العامة و الخاصة و التي تم توقيعها منذ فترات زمنية طويلة».
ويدلل على إعادة النظر بالعقود القديمة خلال مقابلة مع صحيفة (الرأي) بعقد شركة الفوسفات الموقع منذ (30) عاما و البالغ (119) دينارا في العام لقاء نقل مادة الفوسفات ليتم إنهاؤه في عام (2011) ليصبح بمقدار (43) ألف دينار سنويا، مضيفا « هنالك الكثير من الشركات على غرار هذا العقد و تم إنهاؤها لتصبح ميزانية المؤسسة مليون و (800) ألف مقارنة مع العام السابق التي بلغت (934) ألف دينار.
اعتداءات يومية وثغرات قانونية
وعن أبرز المشاكل التي تواجه المؤسسة يقول اللوزي إن الاعتداءات شبه اليومية على مسار الخط من قبل المؤسسات العامة أو الأفراد تعد معضلة لم تجد الحل حتى هذه اللحظة و المتمثلة بالبناء على مسار السكة ، لافتا إلى أن المؤسسة تعاني بشكل يومي من هذه المشكلة و أن هنالك استقواء من قبل المواطنين على المؤسسة.
بلغت حالات الاعتداء على مسار الخط خلال الأشهر الستة الأخيرة (189) حالة اعتداء ، ليستخدم المعتدون الثغرات القانونية في الاستمرار باعتدائهم .
ومن الأمثلة على هذه الاعتداءات يقول « من إحدى الاعتداءات أن أحد المواطنين في محافظة الزرقاء أقام كشكا تجاريا داخل حرم السكة منذ عام (1996) و عند محاولة المؤسسة إزالة الاعتداء يذهب المواطن إلى المحكمة و يقوم بتسجيل قضية انتفاع ما يلزم بوقف كافة الإجراءات الإدارية المتمثلة بإزالة الكشك و يقوم بعد مدة من الزمن بإسقاط القضية ليستمر الوضع على ما هو عليه إلى هذه اللحظة».
وأشار أيضا إلى الاعتداءات المتكررة على المحطات و البالغ عددها (8) من قبل المواطنين ، و الحفر في حرم السكة لأغراض البحث عن الذهب و الذي يؤثر بشكل سلبي على البنية التحتية للخط.
ويضيف « تلك الاعتداءات تشكل عبئا كبيرا على ميزانية المؤسسة و تعد هدرا للمال العام إضافة إلى تعطيل العديد من الرحلات السياحية نتيجة تلك الاعتداءات».
الاستثمار لغايات التطوير
وعن الجانب الاستثماري للمؤسسة أشار إلى أن للمؤسسة عدد من الأكشاك في مخيم الزرقاء ليتم إزالتها بحيازة فورية من قبل مجلس الوزراء عند الشروع بإنشاء مشروع القطار الخفيف ، ليقول « تم تعويض أصحاب الأكشاك من قبل الحكومة و لجأ جزء منهم إلى القضاء».
وأوضح اللوزي أن هنالك نظرة شمولية لإعادة تأهيل مكان الأكشاك و بناء أكشاك جديدة لتكون الأولوية للمستفيدين القدامى من الأكشاك التي تم إزالتها ، و الأشخاص الذين قاموا ببناء أكشاك مؤقتة في الموقع ، إضافة إلى أبناء المخيم ، لافتا إلى أن هذا المشروع تم رصد المبلغ المالي له و سيرى النور قبل نهاية العام الحالي.
ويقول أن المؤسسة شكلت لجنة بالتعاون مع دائرة الأراضي و المساحة لأجل تحديد الأراضي القابلة للاستثمار و الواقعة على مسار الخط في محافظة العاصمة و محافظتي الزرقاء و المفرق ليتم طرحها بالقريب العاجل للاستثمار.
تمتلك المؤسسة (8) محطات واقعة على مسار الخط ذات نسق تاريخي ليكون تاريخ بنائها ما بين (1903-1904) ، و يقول اللوزي « لكن لجمالية محطة الجيزة و مكانها المميز بالقرب من مطار الملكة علياء الدولي و مساحة المحطة البالغة (54) دونم هنالك تفكير جدي لطرحها للاستثمار سواء بإقامة المطاعم أو منتجع سياحي ليكون جاذبا للسياحة الداخلية و الخارجية قبل نهاية العام الحالي بالشراكة مع القطاع الخاص أو عن طريق التأجير».
و تابع « قمنا بشراء قطعة أرض الأسبوع الماضي ملاصقة لقطعة موجودة لدينا مسبقا على مدخل مدينة الملك عبد العزيز ال سعود ( الشرق) لتكون القطعة كاملة بمساحة (8) دونمات و سيتم طرحها للاستثمار قريبا».
تستقبل المؤسسة العديد من الوفود ضمن إطار التعاون الخارجي بين دول العالم ،ليقوم وفد تركي بزيارة المؤسسة الشهر الماضي لأجل الإطلاع على واقع مسار الخط فنيا ، وتحديد الاولويات لتأهيله و صيانته ليقدموا دعما ماديا لتأهيل مسار الخط لنقل الركاب من العاصمة عمان إلى محافظة الزرقاء والذي سيتم بعد إصدار التقرير النهائي من الجانب التركي.
ويضيف اللوزي « تقوم المؤسسة بتسيير رحلات سياحية لمجموعات من الخارج أو الداخل خاصة بين محطة عمان وصولا إلى محطة الجيزة بالقرب من مطار الملكة علياء الدولي ، و التي يتخللها برامج ترفيهية لتشكل تلك الرحلات عائدا تشغيليا يقارب (30%) من الميزانية العامة للمؤسسة.
و تملك المؤسسة مذكرة تفاهم مع وزارة التربية و التعليم بتسيير رحلات مدرسية منتظمة بحسب اللوزي الذي يقول « هي رحلات تشجيعية من أجل تحفيز ثقافة القطار لدى أبنائنا الطلبة و استخدامه من اجل المشروع الأهم و هو المشروع الوطني للسكك و التي تنوي وزارة النقل طرحه قريبا و الذي يهدف إلى إنشاء خطوط جديدة بمواصفات عالمية لربط المملكة كاملة مع المملكة العربية السعودية و الجمهورية العربية السورية و الجمهورية العراقية و سيكون منطلقه من ميناء العقبة ما يضع الأردن على خارطة النقل العالمي و الترانزيت».
وزاد أن المؤسسة تمتلك رحلات شبه أسبوعية غالبا ما تواجه المشاكل المتمثلة برشق الأطفال القاطنين بجانب المسار الحجارة على القطار أثناء المسير ما يؤدي إلى تكسير زجاج القطار.
و يضيف اللوزي « قمنا بالاتصال مع مدارس المناطق التي يتم فيها الاعتداء و عملنا رحلات مجانية للقاطنين بالقرب من مسار الخط ليكونوا جزءا من المؤسسة و يحافظوا على القطارات ليتم حل هذا المشكلة نهائيا».
و تهدف المؤسسة لإقامة متحف سككي يليق بمستوى المؤسسة و تاريخها و الإرث الذي تملكه ، متلقية دعما بـ(30) ألف دينار من الوكالة الأمريكية للإنماء الدولي (usaid) كبداية لتأسيس المشروع.
تحديث بجهود ذاتية
تمتلك المؤسسة ستة قاطرات بخارية قديمة شبه (سكراب) ، ليشير اللوزي أن توجها جادا كان من المؤسسة بإعادة بناء هذه القطارات كونها تشكل إرثا حقيقيا و كنزا ثمينا.
ويضيف « تم مخاطبة إحدى المؤسسات الوطنية المعنية بإعادة التأهيل لأجل بناء القاطرات لنفاجأ بالرقم المالي المطلوب حيث كان (247500) دينار لكل قاطرة ،ما يفوق قدرات المؤسسة من الناحية المالية خاصة أن التأهيل مطلوب للقاطرات الست .
الشح المالي للمؤسسة لم يمنع العاملين فيها من تشكيل فريق فني من مهندسي المؤسسة ليأخذوا على عاتقهم إعادة البناء الذي تم في بداية العمل لقاطرتين بكلفة (100) ألف دينار ، و ليستمر العمل حتى اللحظة لإعادة تأهيل باقي القاطرات.
وقامت المؤسسة أخيرا بتطوير مركبتين من نوع (لاند روفر) ذات الموديل القديم لتتمكن من السير على مسار الخط كالقطار تماما ، من أجل الإطلاع على جاهزية الخط و إجراء الصيانة المطلوبة و الحفاظ على مسار الخط من الاعتداءات المتكررة ، و تم تطوير الإطارات لتتماشى مع مسار الخط.
الأزمة السورية و تداعياتها
و حول تأثيرات الأزمة السورية على المؤسسة قال إن الرحلات السياحية التي كانت المؤسسة تسيرها إلى سوريا توقفت جراء الأحداث ما أثر بشكل سلبي على ميزانية المؤسسة .
و أضاف اللوزي « كنا قبل الأحداث قد وقعنا مذكرة تفاهم مع الجانب السوري لنقل مادة الاسمنت و أجرينا رحلات تجريبية لنقل الاسمنت من المصانع في الجنوب إلى عمان و الزرقاء و المفرق وصولا إلى سوريا و كانت التجربة ناجحة بكافة المقاييس سواء على الكمية المنقولة أو جاهزية الخط ما يشكل بداية ليكون هنالك خطط مستقبلية لنقل مادة الاسمنت أو أية بضائع أخرى إلى الجمهورية العربية السورية بعد انتهاء الأحداث التي تمر بها أخيرا.
تحاول المؤسسة جاهدة عقد برامج الشراكة ما بين المؤسسات الأخرى ، إذ تهدف حاليا بتوجيهات من وزير النقل بعقد شراكة مع مؤسسة سكة حديد العقبة لنقل مادة الحبوب من ميناء العقبة لغاية صوامع الحبوب في عمان ، ليؤكد اللوزي أن هذه الاتفاقية لن تؤثر على قطاع النقل البري ( الشاحنات) كون المادة المستوردة تكفي الطرفين.
وعن التطور التاريخي للخط منذ نشاته التي بدأت بمبادرة من عزت العبد وهو عربي من بلاد الشام كان يعمل سكرتيرا ثان للسلطان عبد الحميد والذي أنعم عليه بلقب باشا فيما بعد .
أعلن السلطان عبد الحميد في أيلول عام 1900 عن خططه لإقامة خط حديدي يصل إلى الحجاز، وذلك أثناء الاحتفالات التي أقيمت بمناسبة الذكرى الخامسة والعشرين لاعتلائه العرش ، حيث وجه السلطان بصفته الخليفة نداء إلى كافة الدول الإسلامية والمسلمين في جميع أنحاء العالم لجمع التبرعات لإنشائه، وذلك لتسهيل نقل الحجاج المسلمين إلى الديار المقدسة فقوبل نداءه هذا بالعطف والحماس الشديدين وبالدعم من كافة المسلمين ليبدأ العمل في إنشاء الخط الضيق (105سم) بوزن محوري (10.5) طن وبجانبه خط سلكي للاتصال التلغرافي لربط مدينة دمشق بالمدينة المنورة عبر مدينة عمان بطول (1303) كم ،وانتهى العمل إنشاءه من عام 1908 .
وأشرف على إنشائه المهندس الألماني مسنر والذي منحه السلطان لقب باشا وكان تحت إمرته (17) مهندسا تركيا و(5) إيطاليين و(12) مهندسا ألمانيا (5) فرنسيين (2) نمساويين و(1) بلجيكي و(1) يوناني ، وقد اختار طريق قوافل الحجاج لمسار الخط الحديدي وكانت السرعة القصوى 40كم /الساعة والوزن المحوري 10.5 طن بينما سرعته العادية كانت 25كم / الساعة.
وكان السفر في ذلك الوقت للمدينة المنورة ومكة المكرمة من دمشق إما بواسطة قوافل الجمال وكانت تستغرق من (40ـ50) يوما أو بالبحر وكانت تستغرق من 10-15 يوما وأما بالقطار فأصبحت لا تتجاوز (55) ساعة وقد أفتتح الجزء الأخير الواصل للمدينة المنورة في الأول من أيلول عام 1908 وكان بداية عهد جديد لنقل الحجاج والمسافرين بعيداً عن الأوبئة ووعثاء السفر.
وبلغت عدد محطاته (59) محطة تبدأ من محطة القدم في دمشق على كم (صفر) وتنتهي في محطة المدينة كم (1320.5) وطول الجزء الموجود داخل الأردن حوالي (452) كم وبلغ عدد القاطرات البخارية (130) وعربات الركاب (116) وعربات الأمتعة والبريد (35) وعربة مسجد واحدة والشاحنات (1048) شاحنة من مختلف الأنواع ولقد عمل الخط مدة سبع سنين فقط (1908-1914) وكان أعلى عدد ركاب تم نقله (360657) عام 1914 وأكبر كمية بضائع تم نقلها (112007) طن عام 1913 ، وكانت القطارات تسير بمعدل (3) قطارات أسبوعياً علماً أن طاقة الخط القصوى 10 قطارات يومياً.
وعندما فجر الشريف الهاشمي الحسين بن علي (طيب الله ثراه) رصاصة الثورة العربية الكبرى في العاشر من حزيران 1916 إيذانا بعصر جديد من النهضة العربية ، كان لا بد من تعطيل الخط الحجازي وخاصة في المناطق الواقعة جنوب وشمال محطة معان ، وذلك لمنع استخدامه من القوات التركية ضد الثورة العربية الكبرى ليتم إصلاحه فيما بعد.
واتخذ جلالة الملك عبد الله بن الحسين (الملك المؤسس) عند توقفه في محطة معان لقيادة قوات الثورة العربية الكبرى من أحد أبنية هذه المحطة مقراً له ، يدير الشؤون العامة ويتصل بزعماء القبائل لمواصلة الثورة ، والذي يحمل اسم قصر المغفور له جلالة الملك عبد الله بن الحسين ،وقد كان للخط الحجازي أيضاً شرف نقل جلالته من معان إلى عمان بواسطة أحد قطاراته عام 1921.
وحيث أن دمشق كانت المحطة النهائية الداخلية للخط الحديدي ما بين بيروت ودمشق والذي أفتتح عام 1894 وكانت وسعته (105سم) فقد اختار مسنر نفس الوسعة للخط الحجازي لتمكين الحجاج من السفر من بيروت لمكة المكرمة.
وكانت هناك محاولة فاشلة لإعادة بناء الخط الحجازي عام 1935 ، وفي عام 1965 تم تشكيل هيئة عليا لإعادة تسيير الخط الحجازي مكونة من وزراء النقل في المملكة الأردنية الهاشمية والجمهورية العربية السورية والمملكة العربية السعودية بموجب الاتفاق الموحد الذي صادقت عليه الدول الثلاث ، حيث قامت الهيئة بإحالة إعادة إنشاء الخط الحجازي على الشركتين البريطانيتين مارتن كاولي والدرتون للبناء والذي كان من المتوقع الانتهاء منه عام 1971 بكلفة (15) مليون جنيه موزعة بالتساوي بين الدول الثلاث لكن العمل فيه توقف بعد ما تم إنشاء (129كم) منه فقط.
وفي عام 1980 قدمت شركة دورش كونسلت الألمانية دراسة جدوى اقتصادية لإعادة إنشاء الخط الحجازي لكن عام 1981 قررت الهيئة العليا أن تقوم كل دولة بتمديد الخط الحديدي ضمن أراضيها حسب خططها التنموية.
أما فيما يتعلق بإدارة الخط فبعد انتهاء الإدارة التركية للخط الحجازي عام 1917 تولى الانتداب البريطاني إدارة الخط ممثلاً بسكك حديد فلسطين حتى عام 1948 ثم تولى الجيش العربي إدارته حتى عام 1952 حيث تم إنشاء مؤسسة الخط الحجازي الأردني بموجب القانون رقم (23) لعام 1952 والذي اعتبر الخط الحجازي الأردني وقفاً إسلامياً ومؤسسة عامة ذات شخصية حقوقية واستقلال مالي مرجعها الأعلى رئيس الوزراء.
"الرأي"