على أثر مشروع الضربة الأميركية لسوريا التي جرى إحباطها ، أخذ الكثيرون على الرئيس الأميركي باراك أوباما أنه رئيس متردد أو ضعيف لأنه لم يأمر القوات المسلحة الأميركية بضرب سوريا بالصواريخ بالرغم من اعترافه بأنها اجتازت الخط الاحمر الذي كان قد رسمه في العام الماضي.
قوة وضعف المسؤول الأول لا تتقرر على ضوء اتخاذه قرارات عصبية بشن الحروب بدون حساب ، وإلا فإن الرئيس الاميركي السابق جورج بوش يعتبر من أقوى الرؤساء. قوة الرئيس الحقيقية تتقرر على ضوء نفوذه الأدبي وقدرته على تحقيق النتائج المطلوبة بأقل كلفة ممكنة وبدون اللجوء إلى القوة.
في وقت ما صمم أوباما على تنفيذ الضربة العسكرية لسوريا ، وهيأت له وزارة الدفاع وسائل تنفيذها في البحر الأبيض المتوسط ، كما تم تحديد الأهداف والمدى المحدود الذي ستذهب إليه العملية العسكرية ، ولكنه تراجع لأسباب منطقية.
في المقام الاول دلت استطلاعات الرأي على أن 72% من الرأي العام الاميركي كان يرفض الضربة مستذكراً الحروب الفاشلة التي شنتها أميركا على أفغانستان والعراق والتي كلفت الكثير من المال والدماء ، ولم تحقق شيئاً سوى تدمير بلدان وتشجيع الإرهاب فكان المستفيدون من حروب بوش هم القاعدة وطالبان وإيران.
وفي المقام الثاني أظهر 89% من أعضاء الكونجرس رفضهم منح الرئيس تفـويضاً بالحرب على سوريا. والمفروض أن الكونجرس هو السلطة الحاسمة ، وليس من مصلحة الرئيس أن يخالف قرارات الكونجرس حتى عندما تكون لديه صلاحية قانونية لذلك.
وفي المقام الثالث تبين أوباما بأن المستفيدين الحقيقيين من الضربة هم القاعدة وجبهة النصرة وباقي المنظمات الإرهابية.
وفي المقام الرابع قامت روسيا في الوقت المناسب بإنقاذ أوباما من الورطة التي اوقع نفسه فيها ، ومكنته من تحقيق الهدف المقصود دون عمل عسكري. وإذا كان هدف الضربة الأميركية الحد من قدرة سوريا على استعمال السلاح الكيماوي ، فإن من شأن الخطة الروسية إلغاء السلاح الكيماوي كلياً وتدميره ، فضلاً عن تجنب تداعيات الحرب والهزات الارتدادية في المنطقة التي لا يمكن التنبؤ بها.
الذين ينتقدون أوباما لقراره بعدم الضرب هم الذين يريدون أن يستعملوه كأداة لتحقيق أهدافهم في سوريا ، فقد أفتى الشيخ يوسف القرضاوي بأن الله يسخر أميركا لخدمة مصالح الإسلام!.
أوباما ليس ضعيفاً والعناد في غير محله ليس قوة.
(الرأي)