في رثاء مَن أكله الذئب ونحن عُصْبَةٌ
أ.د مصطفى محيلان
04-10-2013 02:34 AM
تناقلت وسائل الإعلام مؤخراً خبر وفاة طفل «محظوظ سلباً عقلياً»، وذلك إثر نهش لحمه «الطري» المحرم أيذائه شرعاً، الواجب رعايته وحمايته وتغذيته لا التغذية عليه.
يحصل ذلك مع الأسف الشديد داخل مدن أردنية، وليس في الغابات أو الصحارى المقفرة، وهي ليست المرة الأولى وكم اتمنى لو كانت الأخيرة ولكن :
فما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
والمقصود بغلابا في هذه الحالة هو:
أن يتم تثقيف الأسر التي أكرمها الله بوجود فرد أو أكثر لديها محظوظ سلباً سواء أكان ذلك عقلياً أو غيره، بكيفية التعاطي مع تلك الحالة، سواء جسدياً أوعاطفياً أوغيره، وبالذات فيما يتعلق بمخاطر تركه وحيداً أو بالقرب من حيوانات أو شوارع خطرة، وكم يستغرِب الواحد منا عندما يصادف طفلا أو شخصا بالغا يعاني من «مرض عقلي»، يجوب الشوارع والزقاق مُشَكِلا بذلك خطراً على نفسه وعلى الآخرين.
تثقيف الأسر دينياً، حتى يكون كل شخص منهم مسؤولا عن رعيته شخصياً، ويعلم أنه محاسب عنهم أمام الله قبل القضاء الذي يمكن له أن يخفي عنه ما هو مخفيه، إلا أن يكشفه الله وكفى بالله شهيدا.
زيارة ذوي الحاجات الخاصة باستمرار في مواقعهم، للتأكد من سلامة بيئتهم.
وإتخاذ الإجراءات العقابية بحق أولياء أمورهم في حالة وجود إهمال يؤثر على سلامة القاصر، والقاصر هنا هو كل فرد لا يملك رشده أو زمام أمره مهما بلغ سنه. وهنا يحضرني موقف حصل معي أثناء دراستي خارج الوطن الحبيب، وهو أنني وأثناء خروجي في الصباح من مسكني، صادفني أحد صغار جيراننا، يقرع باب منزله وهو حافي القدمين، باكياً، متوسلاً، مرتجفاً دون أن يجيبه أحد، طبعاً تأثرت لما رأيت وأصدقكم القول بأني أكملت المسير اعتقاداً مني بأن والديه سيفتحون له الباب إن كانا بالداخل أو بعد عودتهما لو كانا بالخارج، ولكنني بعد عودتي في المساء كان الطفل لا يزال واقفاً، مرتجفاً، باكياً، مبتلاً، متوسلاً بالدخول إلى منزله.
في الحقيقة لم أتردد بتاتاً عندئذ في الإتصال بالشرطة، فالطفل لا يتجاوز سنه الخمسة أعوام والفصل شتاء، وشتاؤهم بارد قارص! أخبرتهم بما شاهدت، وأخبروني بأنهم سيتحركونمباشرة بعد أن أخذوا المعلومات اللازمة، لم تمضي دقائق حتى كانوا في منزلي، ولا أنسى ذلك الحوار:
السيد مصطفى محيلان؟
نعم.
هل أنت من أبلغ عن حالة الطفل الباكي أمام شقته في بنايتكم؟
نعم.
نشكرك على تصرفك، تم احضار سيدة مسؤولة معنية بالتعامل مع الأطفال للتعامل مع الحالة، تم وضع الطفل في مكان آمن، سوف يتم إتهام والده عند عودته لمسكنه إذ أنه يعيش فقط مع والده، سوف يتم استدعائؤك كشاهد في حالة تجريم والده.
وانصرفوا، وبعد بضعة أيام تم استدعائي كشاهد للمحكمة، وقبل دخولي قاعة المحاكمة بدقائق أبلغت من قبل الحرس بأن والد الطفل قد أعترف بذنبه وعليه فأنه لا داعي للأستماع لشهادتي، وعرفت لاحقاً بأن والد الطفل قد عوقب بما يستحق حسب قانون تلك الدولة، التي إشتهرت بعدالتها وحرصها على إنسانها الأغلى فيما تملك.
كم أجدنا بحاجة ماسة لإيقاع عقوبة الإهمال بحق كل من تسبب بأذية أسرته.ومن واجب أجهزة الدولة كل حسب إختصاصه، أن تحمينا وأولادنا من مصادر الأذى، سواء كان بسبب دابة أو غيرها، إذ أنه ليس من الحكمة أن يقتني كل واحد منا سلاحا مرخصا لحماية أسرته أو حتى «حيواناته.
رحمك الله و»إنا إذا لخاسرون».
(الرأي)