الأعراف الأخلاقية تمنع أي شخص من التصويت على موضوع له فيه مصلحة شخصية، ولا يجوز لمثل هذا الشخص أن يشارك في مناقشة مثل ذلك الموضوع.
قانون الشركات مثلاً ينص على أن عضو مجلس الإدارة يجب أن ينسحب من الجلسة التي تناقش امراً يتعلق به، أو له فيه مصلحة مباشرة أو غير مباشرة.
ان المحزن أن مجلس نوابنا الموقر لم يترفع إلى مستوى مجالس إدارات الشركات المساهمة، بل سمح لنفسه بأن يناقش ويصوّت ويقرر ما فيه مصلحة مالية مباشرة للنائب على حساب المصلحة العامة وفي مواجهة صريحة مع إرادة الشعب.
شعبية مجلس النواب السادس عشر كانت مهزوزة من البداية، وكان يؤمل أن يكتسب المجلس شعبية ما نتيجة لحسن الأداء، ولكن بعض النواب ظنوا أن حسن الأداء يقاس بمدى الفظاظة في مخاطبة رئيس الحكومة. وبعضهم الآخر ظن أن حسن الأداء يعني استعمال العضلات وإطلاق الرصاص.
بدلاً من أن يراكم المجلس شعبية تدريجية، قرر الانتحار المعنوي عندما تعلق الأمر بالرواتب والتقاعد، فالنواب يريدون الحصول على المزيد من المال العام دون وجه حق بالرغم مما يعرفونه من ضرورة اتباع سياسة تقشف مراعاة للأوضاع المالية الصعبة.
في بلاد العالم الديمقراطية يجوز لمجلس الوزراء أن يقرر زيادة رواتب الوزراء شريطة أن لا تنطبق الزيادة على وزراء الحكومة التي اتخذت القرار، بل يبدأ تطبيقه على الوزراء القادمين، وينطبق ذلك على مجالس النواب، وبخلاف ذلك يكون الوزراء أو النواب قد ارتكبوا خطيئة تناقض المصالح.
المزايا والمنافع المالية التي قررها النواب لأنفسهم تنطبق على الأعيان أيضاً، ولكن مجلس الأعيان، بما يتحلى به أعضاؤه من حكمة وحس وطني وأخلاقي، سوف يرفضون القرار، وُيفشلون مسعى النواب الأناني مما يجعل النواب الخاسر الأكبر مادياً ومعنوياً. النائب أو العين ليس موظفاً ولا يتقاضى بهذه الصفة راتباً بل مكافأة أو مخصصات مما يجعل موضوع تقاعد النواب غير وارد.
ما قلناه عن النواب له طابع التعميم، وهذا خطأ، فهناك نواب محترمون وقفوا بشجاعة ضد شراهة البعض الآخر، كما أن أي نقد للنواب كأشخاص يجب أن لا يمس المجلس كمؤسسة ديمقراطية تمثل إرادة الشعب وتستحق كل الاحترام.
(الرأي)