تطورات الأحداث في السودان
د.رحيل الغرايبة
03-10-2013 04:29 AM
الأحداث في السودان تسير في منحنى سوداوي، وربما تتطور إلى مستويات غير محمودة والمصادمات التي أدت إلى سقوط (35) قتيلا وعدد كبير من الجرحى مؤشر خطير ودلالة غير مرضية على مجمل الأوضاع السياسية والاقتصادية، ولا تنبىء بمستقبل آمن للشعب السوداني.
الحزب الحاكم في السودان يميل دائماً إلى محاولة التهوين مما يجري في الأقاليم السودانية، ويحاول أن يقلل من خطورة الأحداث إلى درجة لم تعد مقبولة، ولا مقنعة وتعود بالضرر عليهم أولاً، كما تعود بالضرر بشكل أولى على مجمل الدولة السودانية.
ما نسمعه من الشخصيات المسؤولة بالسودان يكاد يكون نسخة مطابقة لكل ما كان يصدر عن الأنظمة العربية الهالكة والزائلة، وتكاد تكون التبريرات ذاتها التي يتم اطلاقها في كل أزمة وفي مواجهة كل انتفاضة شعبية، ولذلك فهناك مخاوف حقيقية من انجرار السودان إلى مستنقع العنف والفوضى والانقسام، إذا لم يحسن الحزب الحاكم قراءة المشهد السياسي على مستوى السودان وعلى مستوى الإقليم كله.
المطلوب من الحزب الحاكم في السودان أن يصنع خطة سليمة وبرنامج عمل متكامل لإنقاذ السودان، وليس لإنقاذ الحكم، وأن يعمل على نقل السودان إلى الديمقراطية الكاملة التي تتيح لكل الأحزاب والقوى السياسية السودانية الفاعلة المشاركة الفعلية في تحمل المسؤولية، وأن يعمل على إرساء مبدأ تداول السلطة، وأن يقوم بإصلاحات دستورية تحدد ولاية الرئيس بفترتين فقط، وأن يتم التخلص من كل الأزمات المتفاقمة في إقليم دارفور وفي الغرب وفي الجنوب، بطريقة إصلاحية ديمقراطية إصلاحية تجعل من سكان الأقاليم مشاركين في إدارة مواردهم وشؤونهم السياسية والاقتصادية، والعمل على إحداث تنمية حقيقية للتخلص من الفقر المدقع الذي ما زال يضرب بقوة في مختلف الأصقاع السودانية.
ينبغي على أهل السودان أن يعتبروا مما جرى ويجري من حولهم بطريقة استباقية ذكية، بحيث يطوروا تجربتهم السياسية بعيداً عن استنتساخ التجارب الديكتاتورية العربية، والابتعاد عن تجربة الحزب الواحد الأوحد الذي يمسك بكل مفاصل الدولة متفرداً، ويجب الابتعاد عن منهج الغطرسة والاستغفال الذي كان منهجاً للأحزاب العربية الحاكمة التي ما زالت تغرق بلدانها بالحرب الداخلية التي عملت على زج الجيش في معركة خاسرة مع شعوبها.
يجب أن يبتعد الحزب الحاكم على الاختباء خلف الواجهة الإسلامية، ويجب أن يعلم أن هذه الواجهة لا تشكل حصناً له من الانهيار، إن لم يتم العمل على ارساء معالم ديمقراطية حقيقية تقوم على أسس المواطنة والحرية والعدالة والمشاركة الوطنية الواسعة التي تحقق الاستقرار والأمن الشامل، والرفاه الحقيقي.
(الدستور)