من يتوكل على الله، فهو حسبه، ومن يتق الله، يجعل له من كل ضيقٍ فرجاً ومخرجاً، وهذا ليس مجرد كلام وحسب، وإنما هو "عقيدة" لا بد وأن تكون راسخة متجذرة في نفس المتوكل والمتقي، وإلا فالكلام غثاء ولغو يضر ولا ينفع أبداً!، وشتان بين الحالتين، ففي الأولى راحة للضمير والنفس والروح، وفي الثانية شقاء وتيه وضلال!.
في هذه الحياة الدنيا نشير إلى فلان بأنه "مدعوم" وله ظهر يسنده ولهذا فقد وصل وحقق المتبغى من المال والجاه والسلطان، وإلى فلان آخر بأنه بلا ظهر أو سند ولذا فلا سبيل أمامه إلا الخنوع والقبول بما هو فيه!، والدعم والظهر والسند هنا هو إنسان آخر مثله ساقته أقداره إلى سلطة وقوة يملك معها أن يأخذ بأيدي الآخرين إلى حيث يريدون!.
الأمر الناجز بين هذا وذاك، هو أن إرادة الله خالق الكون ومدبر أمره، فوق كل إرادة، وفوق كل جاه وسلطان وجبروت مهما تعاظم شأنه، فالله سبحانه هو المعطي وهو النافع والضار، ولا سلطان فوق سلطانه جل جلاله، لا بل أن التوكل على سواه شرك بيّن وكفر بعظمة سلطانه
لا إله إلا هو.
لو ندرك كبشر كنه هذه الحقيقة العظيمة، لانتهت من حياتنا سائر مظاهر الشرك والتهافت على الدنيا بما فيها من مغريات زائفة، ولعرفنا كيف نعيش كما أراد لنا الله جل جلاله، إذن لارتحنا وأرحنا، لكن الدنيا جرفتنا وبأيدينا إلى حيث المهالك والحياة غير الفضلى!.
نسأله تعالى أن يردنا إلى حيث يشاء لنا، حيث العلاقة الطيبة بين العبد وربه بأبسط ما فيها من قيم جليلة، وحيث لا وجود لطوائف أو فوارق أو ملل وتزاحم واقتتال على الغنيمة بين الإنسان وأخيه الإنسان، وحيث الحياة في أصدق تجلياتها، عندما يكون "الإيمان" الخالص هو أسُّها وأساسها.
والله من وراء القصد.