في المقال السابق تطرقنا إلى محاولات بعض المستشرقين الأمريكان للوصول لمنطقة الشرق الأوسط وعلى رأسهم المستشرق الامريكي جون ليدبار Jhon Ledbyre وفي هذا المقال سنتطرق الى أثر المستشرقين و وسائل الإعلام والجامعات في رسم صورة منطقه الشرق الأوسط وشعوبها في ذهن وعقلية المواطن الأمريكي , يعتبر الشعب الأمريكي من أكثر الشعوب تأثراً بما يكتبه المستشرقون و ما ترسمه له وسائل الإعلام من صحافه وتلفزيون وانترنت وما الى ذالك من وسائل الإعلام.
لقد أستمد المجتمع الأمريكي صورة الشرق الأوسط وشعوبه من عدة مصادر أولها الكتاب المقدس ( الإنجيل ) The Bible فالإنجيل يرسم في أذهان إتباعه بأن الشرق الاوسط هو عبارة عن واحات متناثرة في الصحراء ذات الرمال الذهبية The Golden Sand ,و الجمال , و الأغنام و الخيام والنساء ذات البراقع .
كذالك فأن الكتب القصصية عن العرب كانت تركز على الخرافات والملذات فعلى سبيل المثال فأن كتاب ( إلف ليله وليله ) يعتبر المزود الرئيسي للفكر الغربي عن حياة العرب والمسلمين فقد قدمه المؤرخ الفرنسي أنتوني غلان Antoni Glan الى أوروبا عام 1704 ثم نقله ريتشارد بيرنون Richared Bernon الى امريكا وقد ذكر المؤرخ الامريكي لبندوارد Lendward في مقدمه كتاب إلف ليله وليله . بأن كتابه عبارة عن صورة عن حياة العرب , فهي تعبر عن العادات والتقاليد في المجتمع العربي وهي حياة تميل إلى البحث عن الملذات . وكذلك فإنها تصور العربي على انه بطل يعيش في غموض ومحاطا بالنساء الجميلات ,,مؤمن بالخرافات والجن ,وقصص البطولة والشجاعة ويكره العمل وتحيطه الجواري بة من كل جانب.
اما الكاتب نيبور Newpoor فقد وصف العرب واخلاقهم وعاداتهم ولغتهم فقد وصفهم بأنهم شعب ذو عواطف قوية , لدية إصرار على أخذ الثأر , يحب الصخب والضوضاء , وهم لصوص يميلون إلى الخداع والكذب, إما عالمة الانثروبولوجي الفرنسية إيزابيل بيرون Elezabth Beron فقد وصفت أهل مصر بالقذارة وسلاطة اللسان وهو شعب يميل إلى الطمع وهم يؤمنون بالقدر والخرافات كالجن وتعزو ذالك الى تأثير الإسلام في عقول الناس.
اما دودلي وارنر Warner فقد وصف وضع المرأة في العالم العربي بانه مزري ومخيف ولا يوجد احترام لها بل هي تتلقى الإهانات وكل ذلك بسبب تعاليم الإسلام, أما توم ديفيد David فقد هاجم الشعوب القاطنة في فلسطين واعتبرهم متخلفين ومتعصبين وأن حضارتهم متخلفة وأن التغيير لا بد أن يكون سريعاً إن لم يتم بالسلم فلا بد أن يكون بالسيف .
وليس بعيدا عن الكتب والمؤلفين فقد كان تأثير السينما والتلفزيون واضح في تشويه صورة العربي والمسلم ففي معظم الأفلام فقد تناولت الشخصية العربية بشكل سلبي ومشوه فقد وصفت الشخصية العربية بحبه للنساء , وتسلطه وأهانته للمرأة وحبه للشر والتعصب وعدم التسامح وخير مثال على ذالك الفيلم الأمريكي ( أبن الشيخ ) للممثل الأمريكي روبرت فالنتو Robert Valenteno.
اما على مستوى الجامعات فكان لها دور في تشويه صورة الإنسان العربي حيث صدرت مؤلفات كثيرة منها كتاب (العربي) الذي صدر عام 1981 حيث أشار المؤلف إلى إن العرب في علاقتهم الاجتماعية يظهرون درجه عاليه من العداء ,فهم عدائيون ويفسر المؤلف ذلك إلى اعتناقهم الإسلام وهم عاطفيون لذا من الصعب التشاور معهم بهدوء فالعربي يرى نفسه دائما على حق .ولقد كان لحب المظاهر والمبالغة والزهو دورا كبيرا في اظهار الشخصية الازدواجية في حياته الخاصة والعامة . كذالك فقد أشار الكاتب بأن العربي يعد بما لا يستطيع إن ينفذ ومتقلب ومتغير المزاج ولا ىمكن توقع تصرفاته وهو متمركز حول الذات . وينعدم لديه الوعي الجماعي و يحركه الدافع القبلي. وفي دراسة قامت بها ماكلين McLean 1987 في جامعه فلوريدا الحكومية Florida State University عن وجه نظر طلبة الدراسات الاجتماعية نحو العربي تكونت عينة الدراسة من مئه وستون طالبا وطالبه ولقد أشار معظم ألطلبه إلى إن الإنسان العربي (قذر Filthy )وصاحب أبار (بترول Oily ) ويميل الى (تعدد الزوجات (Womanizer وصاحب عقل جامد Stubbed) )وعنيد, ومتقلب المزاج Moody) ) .
عزيزي القارئ لا بد ان نكون منطقيين فى طرحنا فهنالك عدد قليل من المستشرقين والإعلاميين ممن انصفوا العرب فى أطروحاتهم فمنهم على سبيل المثال المؤرخ البريطانى أرنولد توينبى Twenbee الذي أشاد بالحضارة العربية الإسلامية واعتبرها واحدة من أسس الحضارة الغربية , وان حضارة العرب فى الأندلس كانت من ازهي الحضارات , إما الصحفي الاسترالي المولد البريطاني الجنسية جون بجلر Begleer فقد كان من اشد مناصري القضية الفلسطينية فقد أشار إلى إن سياسة الغرب بشكل عام وسياسة أمريكا بشكل خاص قد أساءت لقضية الشعب الفلسطيني وان هذا الشعب يستحق الحياة وإقامة دولة له مثله مثل بقية شعوب الأرض .
ان نظرة الغرب السلبية بشكل عام والأمريكية بشكل خاص نحو منطقتنا و شعوبنا أدت إلى انعكاسها سلبيا على قضايانا العربية , وخاصة القضية الفلسطينية وقضيه تدمير الاسلحه الكيمايئيه السورية وأسلحة الدمار الشامل العراقية, في حين ان الكيان الصهيوني يمتلك ترسانة نوويه وكيميائيه هي الأشد فتكا والأكثر ضررا على شعوبنا ,إننا كآمة عربية مسؤولة مسؤولية مباشرة عن واقعنا المزري سواء كان سياسيا او اجتماعيا أو اقتصاديا , فأصبحنا أكثر شعوب الأرض تأمرا على بعضنا البعض ,لا بل ان بعضا من أبناء جلدتنا ممن فقدو الانتماء والولاء والضمير والأخلاق يتطوع إلى تنفيذ الأجندة الصهيونية في أماكن كثيرة من وطننا العربي المنكوب بفعل أبناءه , والكيان الصهيوني هو المستفيد الوحيد من كل هذه المؤامرات.
ان واقعنا العربي الحالي واقع مزري وبأس, فالفقر والجهل ينخران عظام شعوبنا ونحن مصابون بداء الفساد Corruption Disease, فأصبح الفاسد له مكانه وقيمه اجتماعيه عاليه لا بل يكافأ بين فترة وأخرى (بتمليكه) و ( توسيده) أعلى المناصب وأكثرها حساسية بإيحاءات من قوى الظلام خارجية كانت أم داخلية . وأصبح المواطن الصالح Good citizen محارب في رزقه وعمله ومستقبله حتى افقدوه ثقته بنفسه وبمن حوله ( فانتبذ له مكاناً شرقيا) وينتظر مستسلما حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا .