تعتبر أرقام الناتج المحلي الإجمالي أهم المعلومات الإحصائية التي تلخص الصورة العامة لحالة الاقتصاد الوطني، وتنشر هذه الإحصاءات في الأردن على أساس ربع سنوي بعد شهرين ونصف من انتهاء الربع، أي بعد أن تكون أميركا قد نشرت إحصاءاتها القومية بمدة شهر.
حتى بعد هذا البطء النسبي في إعداد ونشر هذه البيانات الهامة لا يتم الالتزام بالموعد المقرر، وعلى سبيل المثال فإن إحصاءات الناتج المحلي الإجمالي الخاصة بالربع الثاني من هذه السنة لم تصدر بعد، بالرغم من أننا دخلنا (أو سندخل) الربع الرابع (حسب تاريخ نشر هذا التعليق).
يعود التأخير في إصدار ونشر هذه البيانات إلى عدم توفر المعلومات من الجهات المختلفة التي لا يلتزم بعضها بالمواعيد المقررة، وعلى ضرورة اطلاع وموافقة وزير التخطيط على البيانات قبل نشرها، هذا التأخير يقلل الفائدة من الإحصاءات لأنها تصبح متقادمة، تخص المؤرخين أكثر مما تخص صنـّاع القرار الاقتصادي ورجال الأعمال.
أغلب الظن أن إحصاءات الربع الثاني ستدل على أن النمو الاقتصادي بالأسعار الثابتة كان في حدود 2%، الأمر الذي يوحي بأن هذه النتائج إدارية أكثر منها حسابية، وأن إعدادها ربما يبدأ بالسطر الاخير، خاصة وأن هناك بنوداً تقديرية عديدة تسمح مرونتها بالتوصل إلى النتائج المرغوب فيها.
لكن بعض التوقعات تشير إلى أن النمو الحقيقي هذه السنة سيكون قريباً من الصفر إذا لم يكن سالباً، ذلك أن قطاع التعدين في حالة تراجع مريع، وقطاع الصناعة التحويلية لا يحقـق إلا نمواً رمزياً من حيث الكميات، وحصيلة السياحة تراجعت بنسبة 7%، اما حوالات المغتربين فهي تراوح مكانها، وقد انخفضت الصادرات الوطنية حتى بالأسعار الجارية واستمر نمو المستوردات.
وإذا لم يكن هذا كافياً لشطب النمو الإيجابي، فهناك عبء اللاجئين السوريين الذين يعملون في جانب الاستهلاك دون أن يسهموا في الإنتاج.
تحت هـذه الظروف فإن الحظ سيكون إلى جانبنا إذا لم يحدث نمو سالب، وهي حالة مخيبة للآمال.
في العادة تفتخر الحكومات وتدّعي الفضل في حالة نمو الاقتصاد الوطني بنسبة عالية، وتعمد إلى تقديم الأعذار في حالة التراجع أو ضعف النمو، لكننا نرجح أن ظروفاً محلية وإقليمية بعضها خارج عن سيطرة الحكومة هي التي أدت إلى هذه النتيجة البائسة.
ما يهمنا الآن أن نتطلـع إلى المستقبل، فكيف سـيكون الحال في العام القـادم؟
(الرأي)