أساتذة في الجامعات يمارسون تجارة الكتب على طلابهم
29-09-2013 02:22 PM
عمون - محمود كريشان- عندما فكّرت بتكليف الزميل المحترم محمود كريشان، بإجراء هذا التحقيق، واتفقت معه على المحاور الرئيسية لإجرائه، راودتني الكثير من الحساسيات، التي ربما تنتج عن كشف الحقيقة المرّة، بعد إجراء المسح المطلوب. ولكنني اندفعت نحوالفكرة من جديد، عندما شعرت متأكداً أن الوضع لم يعد من الممكن السكوت عنه، حيث تحول معظم أساتذتنا في الجامعات الأردنية، إلى تجار أبحاث وكتب، ويا ليتها كتب في معظمها ذات قيمة، أو ذات فائدة، فهي عبارة عن تجميع معلومات أقل من عادية، سواءً من مراجع قديمة، أو من الشبكة العنكبوتية، وفرضها على طلبتهم في المساقات بمختلف الجامعات، وهذا سبب رئيسي في الظاهرة التي نعاني منها، وهي الخريج نصف الأمّي، الذي بِتنا نراه بأم أعيننا في السنوات الأخيرة.
وهنا لا نُحمّل الأستاذ فقط المسؤولية، بل إننا نُحمّلها أيضا للجهات الرسمية ذات العلاقة كافة، وفي مقدمتها مجالس الأمناء في الجامعات، ومجالس العمداء، ورئاسات الجامعات، إذ كيف يصمتون على هذه الظاهرة، التي استشرت بشكل لم يعد السكوت عنها إلا خيانة للأمانة العلمية؟.
نحن في الدستور، عندما نشير إلى هذه الظاهرة، فإننا نُنبه كل صاحب قرار في هذا الشأن، أن يدرك الأمور قبل أن يندم الجميع، حيث لا ينفع الندم، أمام جيوش الخريجين شبه الأميين، خصوصاً من الكليات الإنسانية.
لقد وصل الأمر ببعض الأساتذة، الذين سموا أساتذة زوراً وبهتاناً، أن يكونوا شركاء في بعض الأكشاك المحيطة في الجامعات، ومع هذا فإننا إذ نشير إلى هذه الممارسات السلبية، التي يقوم بها كثير من الأساتذة، الذين حصلوا على الدكتوراه من جامعات غير معروفة في بلدان إفريقية، طريق الدكتوراه فيها معبّد، فإننا أيضاً من واجبنا أن نشير إلى أن جامعاتنا لا يزال بها أساتذة يقدّسون رسالتهم، ويفهمون مهمتهم بشكلها الصحيح، ويعملون على تنمية قدرات الطالب بمختلف الطرق العلميّة المحترمة، ولكننا نخشى على هؤلاء أن يضيعوا في دوامة الفوضى في التدريس الجامعي، الذي أصبح مفتوحاً في السنوات الأخيرة لمن هبّ ودبّ.
وستظل جامعاتنا الرسمية مهما طالت مسيرتها الاكاديمية والعلمية من شوائب منارات علم نعتز بها ومن واجبنا الحفاظ عليها وابعاد كل عابث عنها.
رئيس التحرير المسؤول
* * *
بعيدا عن مع اعتاد عليه المسؤولون من تصريحات كلامية مستهلكة في النفي والتأكيد والعبارات المجانية التي تنفي صحة اي معلومة سلبية وتهرب من حقائق ومشاهد سلبية تعشش بالمفاصل المتعددة.. فإننا نقف امام حقيقة الفوضى التي تجتاح الجامعات وفي ظل غياب الرقابة راح بعض الأساتذة يتوجهون نحو التجارة والبزنس وهم يحولون الكتاب الجامعي إلى سلعة تجارية بتضمينه مجموعة من الأوراق والأبحاث وطباعتها في كتب ودوسيهات وبيعها للطلبة باسعار كبيرة!.
حيث يتحوَّل الاستاذ الجامعي الى مخالف لاخلاقيات مهنة التدريس والقوانين عندما يقوم بسرقة وانتزاع أجزاء من كتب عبر الانترنت وتضمينها في ملخصات لمساقات دراسية، وهذا ما يعد خرقاً لقانون حماية حق المؤلف والملكية الفكرية يعاقب عليه القانون باعتبار ان كل من أقدم على نسخ وإعادة تصوير أو استغلال أجزاء من كتاب من دون موافقة الناشر فهو مخالف لقوانين حماية الملكية الفكرية.
اما الصفقات التجارية التي تتم بين اصحاب محال الـ»بوك شوب» وبعض اساتذة الجامعات فحدث ولا حرج حيث ان عائدات أرباح بيع الكتاب الجامعي والدوسيهات للطلبة تتوزع غالباً بين اصحاب البوك شوب وبين أساتذة جامعات قاموا بتأليف تلك الكتب او فرضوا على الطلبة شراء كتب بعينها بعد اتفاق مسبق بين صاحب البوك شوب والاستاذ الجامعي في مشهد اسود لا يرتقي لأدنى درجات اخلاقيات مهنة التعليم المقدسة!.
هذا الفعل الصارخ لم يكن الغرض منه رفع المستوى التعليمي للطلبة انما ملء جيوبهم على حساب الطلبة فلا أحد ينفي أن هناك من الأساتذة من يفرض على الطلبة اقتناء كتاب المادة ويخيرونهم بين اقتناء الكتاب أو السقوط في المادة فيختارون أخف الضررين باقتناء الكتاب مهما بلغ سعره خوفا من الرسوب في المادة!.
الصفقة المربحة لمن «يدعون» انهم اساتذة جامعات، بحيث يقوم بعضهم بطبع مطبوعات تشمل المقرر الدراسي وبيعه بأثمان لا تتوافق وقدرات الطلبة، ناهيك عن الإجبار الذي يتعرضون له من طرف بعض الأساتذة الذين تشتمل موادهم على كتب، بحيث يشترطون من أجل النجاح في المادة التي يشرفون عليها، شراء كتبهم من طرف الطلبة ومن «بوك شوب» محدد مهما بلغت أسعارها، حيث يتم تقاسم الارباح تباعا بين الاستاذ الجامعي ومالك البوك شوب، والضحية في جميع الاحوال الطلبة الذين يتخرجون من جامعاتهم بمستوى تعليمي ضئيل!.
ايضا فإن المشهد الذي تسلط الضوء عليه «الدستور» مليء بالسوداوية وابرزها تهديدات يتعرض لها الطلبة والخوف من الرسوب في المادة، وهي العادة التي انتهجها الكثير من الأساتذة الجامعيين ذلك ما أكده لنا مجموعة متنوعة من طلبة الجامعات وهم يشيرون صراحة إن ما هو جار بالجامعات يندى له الجبين فمعظمها تحولت إلى صروح تجارية بدل أن تكون صروحا علمية بدليل عملية البيع والشراء الحاصلة بين الأستاذ والطالب، ناهيك عن الشروط التعجيزية التي يتعرض إليها الطالب وتخييره بين اقتناء الكتب أو الرسوب في المادة فينصاع كرها للأمر الواقع عليه ويفضل اقتناء الكتاب مهما بلغ سعره وارتفع، على أن يعيد المادة وتتبعه كدين في السنة القادمة ليعيد نفس السيناريو في حالة ما إذا ما
أشرف نفس الأستاذ على المادة، وذلك ما أشارت إليه سناء طالبة في الأدب العربي بحيث قالت إن هنالك أستاذا في ذات الجامعة يفرض على الطلبة اقتناء كتابه من بوك شوب بعينه او شراء كتاب من مكتبة محددة.
واكدت الطالبة ان لجوء بعض الأساتذة إلى التجارة في الكتب وجعلها الصفقة التجارية التي تعود عليهم بالربح بعيدا عن المعاني السامية في تلقين العلوم بحكم الأمانة العلمية التي من الأجدر أن يتحلى بها الأساتذة، ونفع الغير بما انعم الله عليهم من علم حتى دون مقابل مادي إن اقتضى الأمر خاصة وأن العلم لا يباع ولا يشترى.
وبين ولي امر طالبة نظم المعلومات ان ابنته تشكو هي الأخرى من هذه الظاهرة، مشيرا الى أن المؤسف في الأمر ان الطالب ملزم بشراء الكتاب الجامعي إذا كان معداً من قبل مدرس المساق نفسه، ومؤكدا أن بعضها لا يرتقي في مضمونه إلى درجة التأليف لافتا أن أوراق «دوسيهات» تضاعف من قبل أساتذة، سعياً منهم وراء زيادة قيمتها المادية، رغم أنهم يحذفون أكثر من نصفها في نهاية الفصل الدراسي، ليكون غير شامل في مادة الامتحان النهائي.
وفي نفس الصدد قال طالب كلية التربية الرياضية كمال محمد إن النقطة المثارة للنقاش يقال فيها الكثير خاصة وأنها أضحت من الظواهر المخجلة في الجامعات الاردنية وأضحت العلاقة بين الاستاذ والتلميذ علاقة تجارية بحتة بدل أن تكون علاقة علم وتعلم، فماذا بقي بعد أن أصبح الأستاذ يفرض على الطالب اقتناء الكتاب في الامتحانات كونها تلعب دورا في النتيجة النهائية بالرسوب أو بالنجاح وتسارع البعض إلى طبع مطبوعات موقعة بأسمائهم وبيعها باسعار مرتفعة على أن تكون الأسئلة متمحورة حولها ولا يجد الطالب بديلا عن اقتنائها مهما بلغ سعرها.
اما احد خريجي الجامعات علي حسن البير فيقول ان معظم المراجع طيلة أربعة أعوام من التعليم الجامعي كانت تحتوي كتبا تضم أوراقا مختلفة حول مواضيع تدرس للطلبة أعدت من قبل الاساتذة، بعيداً عن التوثيق العلمي كانت تؤكد سوء المنظومة التعليمية التي تنتهي بطلبة جامعيين يشكون أمّيّة المعرفة.
واضاف البير: انه من المؤسف ان ترى الدكتور الجامعي يحمل الدوسيهات ويدخل المحاضرة ويقرأ منها والطلبة يتبعون له مؤكدا ان حل المشكلة يقع على عاتق الاستاذ الجامعي وذلك بملء الفراغ لدى الطلبة بالرجوع للمكتبة وتحفيزهم على البحث العلمي والمطالعة من المراجع العلمية القيمة لرفع مستوى المعرفة لدى الطالب الجامعي.
من جهته شكا طالب كلية الحقوق في احدى الجامعات معن عبدالكريم هو الأخر من الظاهرة، مبينا «أن الطالب ملزم بشراء الكتاب الجامعي إذا كان معداً من قبل مدرس المساق نفسه»، رغم ان معظمها لا يرتقي في مضمونه إلى درجة التأليف والبحث العلمي ولا يصلح ان يكون مرجعا للطلبة.
ويؤشر طالب الدراسات العليا محمود عبدالله الى خطورة هذه الظاهرة المستفحلة في كافة الجامعات الاردنية دون ان تحرك الحكومة ممثلة بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي ساكنا لردع هذه الممارسات الشائهة التي من شأنها ان تسهم في تدني مستويات الخريجين بدلا من رفعها.
ويضيف «ان كافة اشكال الرقابة غائبة عن هذا المشهد المأساوي الذي يقترفه عدد كبير من اساتذة الجامعات جهارا نهارا حيث تضيع حقوق التأليف والملكية الفكرية ايضا جراء قرصنة عدد كبير من الاساتذة على جهد غيرهم وتضمين مختارات من عدة كتب ليتم طباعتها في كتاب يحمل اسم الاستاذ الجامعي الذي يفرض على الطلبة شراء كتابه واعتباره مرجعا للمساق او المادة بصورة حصرية. ويشير براء اللوباني طالب نظم المعلومات أن بيع هذه الكتب والدوسيهات أمر يحصره مدرّس المساق في بوك شوب دون غيره، وفقاً لسعر متفق عليه بين المدرس والبائع، لافتا إلى أن غالبية أسئلة الامتحانات تأتي منها، ما يشجع على اقتنائها رغم انها كتب تم اعدادها على عجل وانها لم تكلف ذلك الاستاذ الجامعي اي جهد نظرا لكونها مسروقة عن الانترنت.
تلفت الطالبة سامية محمد إلى أن أوراق دوسيهات تضاعف من قبل أساتذة، سعياً منهم وراء زيادة قيمتها المادية، رغم أنهم يحذفون أكثر من نصفها في نهاية الفصل الدراسي، ليكون غير شامل في مادة الامتحان النهائي.
ويؤكد معين المبيضين الطالب في كلية الهندسة الزراعية أن بعض أعضاء هيئة التدريس يفرضون على الطلبة دخول محاضرات المساق الدراسي وهم يصطحبون الكتاب الجامعي الذي قام بتأليفه ذات الاستاذ، وبعد أن يضمنوا أن الطلاب اشتروا الكتاب لا يسألون عنه مرة أخرى.
وبين المبيضين انه لا يجرؤ على الشكوى الى رئاسة الجامعة لانه يخشى الرسوب في المساقات الدراسية، إذا ما أخذ بالاعتبار أن كثيراً من الأساتذة يعدون كتبا ودوسيهات خاصة بهم ويفرضونها على الطلبة لشرائها باسعار عالية رغم انها كتب ركيكة تم تأليفها على عجل مما يجعل الطالب بمستوى معرفي ضئيل جدا ومتدن.
ويحمل الطالب الجامعي عقبة علوان المسؤولية لبعض الأساتذة الذين امتهنوا إعداد الكتب والدوسيهات الجامعية وفرضها على الطلبة لشرائها، باعتبارها منهاجاً دراسياً يجب الالتزام به، بحثاً عن عائد مالي دون النظر او الاكتراث بقدسية مهنة التعليم التي تلاشت امام جشع بعض الاساتذة بحسب وصفه.
في غضون ذلك اكد أحد طلبة العلوم السياسية يزيد المجالي أن محل «بوك شوب» يقع بالقرب من الجامعة التي يدرس بها، تعود ملكيته إلى قريب مدرس جامعي، حيث يلزم الطلبة بشراء الملخصات التي يقررها في الدراسة من ذلك المحل بصورة حصرية.
فيما يقول طارق النوباني خريج كلية الحقوق انه فعلاً ما يقوم به بعض اساتذة الجامعات لا يرتقي الى أخلاق المهنة، مطالبا إدارة الجامعات بتشكيل لجان تحقيق في الكتب والدوسيهات التي تعد من قبل مدرسين في ذات الجامعة لتباع بأسعار مرتفعة ويجبرون الطلبة على شرائها ومن يخالف يكون مصيره الرسوب في تلك المادة مما يفرض على الطالب السكوت وعدم التقدم بشكوى ضد الاستاذ الى رئاسة الجامعة.
ويلفت النوباني ان بعض الاساتذة يقومون بتسجيل أسماء الطلبة الذين يشترون الكتاب الذي قام الاستاذ بتأليفه ويشترط عليهم إحضاره معهم، وإلا فإنه لن يسمح لهم بدخول المحاضرة وهي تبدو طريقة مليئة بالابتزاز لضمان شراء الكتاب الذي يحمل اسم الاستاذ الجامعي كمؤلف وبسعر مرتفع دون اي اعتبار لأي ظرف او اخلاق!.
ويقول طالب الماجستير خالد الحكيم إلى أن أساتذة يشجعون الطلبة على اقتناء كتب ألّفوها، من خلال قيام الاستاذ المؤلف بوضع أسئلة الامتحانات من صلب تلك الكتب والدوسيهات وبشكل واضح ودون ان تحرك رئاسة الجامعة ساكنا رغم ورود شكاوى عديدة بهذا الخصوص.
وأكد صاحب محل بوك شوب في احدى الجامعات أن نسبة من أرباح بيع كثير من الكتب والدوسيهات تعود لمعديها وهم من اساتذة الجامعة مشيرا الى ان عائدات أرباح بيع الكتاب الجامعي والدوسيهات للطلبة تتوزع غالباً بين اصحاب البوك شوب وبين أساتذة جامعيين قاموا بتأليف تلك الكتب او فرضوا على الطلبة شراء كتب بعينها بعد اتفاق مسبق بين صاحب البوك شوب والاستاذ الجامعي.
الطالب الجامعي محمد الزعبي اكد ان ما يقوم به بعض اساتذة الجامعات من عملية ابتزاز وتجارة في فرض الكتب التي يقوم بتأليفها ذات الاستاذ يسهم في «تجهيل» وليس تعليم الطلبة الذين يتعين عليهم زيارة المكتبة ومطالعة المراجع العلمية ذات الصلة بالمساق الأكاديمي، والاستفادة من الساعات المكتبية التي يخصصها مدرّس المساق في حال أراد الطالب الاستفهام عن أي موضوع متصل في بالمساق الدراسي. ويكشف الزعبي قيام بعض المدرسين بانتزاع أجزاء من كتب عبر الانترنت وتضمينها في ملخصات لمساقات دراسية، ويعدّه خرقاً لقانون حماية حق المؤلف، وهو ما يعاقب عليه القانون باعتبار ان كل من أقدم على نسخ وإعادة تصوير أو استغلال أجزاء من كتاب من دون موافقة الناشر فهو مخالف لقوانين حماية الملكية الفكرية.
من جانبه افضى استاذ الاداب الدكتور بسام الخولي إلى أن المشكلة التي تواجه المدرس الجامعي تكمن في الطالب نفسه الذي يعزف عن اقتناء المراجع العلمية أو مطالعتها، رافضاً في الوقت نفسه مبدأ إلزام الطلبة بشراء كتاب دون غيره، معتبرا ان الطالب الجامعي، هو الذي يطلب من أستاذه إعداد المصورات والملخصات الخاصة بالمساق الدراسي، بدلاً من البحث عن المعلومة ضمن أمهات الكتب.
وعلل الخولي ان لجوء بعض المدرسين إلى إعداد ملخصات لمساقات دراسية، بسعيهم لإراحة الطلبة عند مطالعة المنهاج الجامعي، ولكنه لا ينفي أن بعضهم اتخذ من هذه الملخصات وسيلة للحصول على عائد مالي باهداف تجارية بحتة لا تتناسب مع اخلاقيات مهنة التدريس وقدسيتها.
ورفض احد الخريجين اسامة الشمايلة أن يتحوَّل الكتاب الجامعي إلى سلعة تجارية بأن يتضمن مجموعة من الأوراق والأبحاث التي تجمع في كتاب واحد يتم بيعها، مؤكداً أن الأستاذ الجامعي مهمته التدريس وليس بيع الكتب والتجارة مما يفقد مهنة التعليم قدسيتها وجوهرها الحقيقي ليتم تخريج اجيال بلا اي معرفة خاصة وان بيع الكتب التي يتم سرقة معظمها من الانترنت لطلبة الجامعات نقيض صارخ لمفهوم البحث العلمي مؤكدا ان هذا السلوك الذي يعد خداعا وسرقة وتجارة غير شرعية مطالبا ضرورة ايجاد حلول جذرية ومعالجة لها من قبل المعنيين خاصة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي .
من جانبه قال رئيس جامعة مؤتة الدكتور رضا شبلي الخوالدة ان طرح هذا الموضوع يمثل أهمية خاصة لا سيما وهو يتعلق بحقل إبداعي محوري يجسد المادة الخام للانجاز العلمي في جامعاتنا الأردنية ، فالجميع يدرك قيمة التأليف العلمي باعتباره سلاحا ذو حدين فأما أن يكون ايجابياً يدفع الجامعات أو سلبي يؤثر على مخرجاتها التعليمية.
ولفت الخوالدة لـ»الدستور» إن تأليف الكتب الجامعية ظاهرة ايجابية بحد ذاتها ، وهي إشارة على حراك علمي ونشاط فكري يعود بالفائدة على الطالب بشكل مباشر ، ولكن لابد من الاهتمام بسوية المؤلفات التي تدرس في الجامعات حتى تصل لدرجة عالية من الدقة والضبط ، والسلامة من الأخطاء العلمية التي تضعف قيمة المؤلفات فالتأليف على عجل له سلبيات كثيرة منها على سبيل المثال لا الحصر ندرة النقد العلمي للكتب العلمية لكي يتمكن المؤلف من تنقية كتابه وإخراجه بصورة مثالية ومحكمة.
ويرى الخوالدة انه من «غير المناسب» أن يقوم مدرس المادة بتأليف كتاب معين بهدف اعتماده كمرجع لطلابه ، وبالتالي تحقيق مكاسب مالية وتحقيق الأرباح من خلال بيعه على الطلبة وهذا يحدث لدى البعض ولكنه تصرف غير مبرر ويضر بالعملية التعليمية برمتها مشيرا الى انه على المؤلف أن يضع نصب عينيه إضافة قيمة علمية من خلال تأليفه لكتاب معين وان تكون هذه الإضافة هي الهدف من التأليف وليس بهدف الشهرة او تحقيق الأرباح. ويضيف «من هنا تأتي مسؤولية الجامعة في ضبط ومراقبة كل ما يقدم للطلبة من مؤلفات وأن تخضعها للتدقيق والتقييم والمراجعة وأن لا تترك موضوع تحديد المراجع المعتمدة للمدرس فقط .
ومن السلبيات كذلك عدم وجود مراجع يتولى مهمة ملاحظة الأخطاء العلمية رغبة في تحقيق المؤلفات لمعايير الجودة والتي تجعل منها مؤلفات معتبرة وذات قيمة علمية .
وشدد الخوالدة بأن ترك الحرية للمتلقي في اختيار المراجع التي يريد ، شريطة أن تكون متناسقة مع موضوعات المادة العلمية تحقق له اطلاعاً لا يصل إليه في حالة الاعتماد على مرجع واحد ، ولا أفضل تدريس الأكاديمي لمؤلفه ، فعليه مهمة علمية مفادها اللجوء لمؤلفات أجنبية حققت مكانة علمية وأثبتت قدرتها على تقديم المعلومة الخالية من الأخطاء للطلبة وبالإمكان الاطلاع على هذه المؤلفات من خلال البحث الذاتي للطالب واستخدامه قواعد البيانات الالكترونية والذي يساهم في ترسيخ المعلومة ورفع سوية الطالب العلمية ، واتساع أفقه . ودعا الخوالدة إلى أن يكون استخدام المراجع الأجنبية جزء من الخطط الموضوعة مسبقاً للمادة الدراسية ، وكذلك أرى أن تفعيل دور المكتبة الجامعية يساهم أيما اسهام في تنمية رغبة الطالب صوب الاطلاع والتحصيل وبشكل أكثر اتساعاً من اعتماده على مرجع واحد لمدرس قد اخرج مؤلفاً لم يأخذ نصيبه من التدقيق والمراجعة ، لا أنكر حق المؤلف المتميز في إعطاء ثمار جهده لطلبته لكني مع إيجاد لجان متخصصة في الجامعات ينحصر واجبها بنقد الكتب العلمية والأفكار والنظريات الواردة فيها للوقوف على مطابقتها لمعايير الجودة للمؤلفات التي تدرس في الجامعات المرموقة رغبة في تحقيق جامعاتنا رسالتها الوطنية في إخراج جيل مسلح بالعلم والمعرفة ، فالقضية مهمة للغاية لا سيما وهي تتعلق بمستقبل أجيال نتطلع لان تكون عامل قوة لمؤسساتنا العلمية ومفردات انجاز تضاف إلى منجزاتها مبينا ان المرجع العلمي يستمد شرعيته من خلال مطابقته لمعايير الجودة ، ومن خلال إقراره من لدن لجان علمية متخصصة تتصدى لهذه الغاية.
الدستور