أهمية وجود نقابة للمحاسـبين الأردنيين على الاقتصاد الأردني
د. عادل محمد القطاونة
29-09-2013 02:43 AM
تعتبر مهنة المحاسبة من المهن ذات الريادة في الوقت الحاضر وتشكل عصباً رئيساً في عمل المنظمات والمنشآت بكافة أنواعها وأوضاعها القانونية فلا تكاد تخلو أي منظمة أو منشأة حكومية كانت أم خاصة من وجود قسم للمحاسبة ، أما على المستوى الأكاديمي فأقسام المحاسبة في جامعاتنا الأردنية تخرج سنوياً ما لا يقل عن (4000) طالب من تخصص المحاسبة ، وإستطاع تخصص المحاسبة في جامعاتنا الأردنية أن يحقق المرتبة الخامسة من حيث معدل القبول الجامعي بعد تخصصات الطب وطب الأسنان والصيدلة والهندسة ولمن لا يعلم فإن معدل القبول لتخصص المحاسبة في الجامعة الأردنية للعام الدراسي الحالي قد قارب ال(95) مئوي مما يعطي دلالة لا تحمل الشك على أن هذا التخصص بات يشكل مفصلاً في عمليات القبول الجامعي.
يقدر عدد المحاسبين العاملين في المملكة حسب الإحصائيات الرسمية ب(70000) محاسب يعمل معظمهم في القطاع العام والخاص وهذا العدد قابل للتزايد خلال الأعوام القليلة القادمة حيث من المقدر أن يتجاوز الرقم (100.000) محاسب بحلول العام 2020 .
لقد كفلت التعديلات الدستورية الأخيرة إنشاء نقابة للمحاسبين الأردنيين ، حيث نصت المادة السادسة عشر من الدستور الأردني في أحقية الأردنيين في تأسيس الجمعيات والنقابات والاحزاب السياسية على ان تكون غايتها مشروعة ووسائلها سلمية وذات نظم لا تخالف احكام الدستور.
إن عملية تطوير مهنة المحاسبة ومتابعة آخر التطورات في عالم المحاسبة على المستوى الدولي يعتبر من الأهمية بمكان على الاقتصاد الأردني وخاصة إذا ما أخذنا بعين الإعتبار أن الأردن هو عضو في الاتحاد الدولي للمحاسبين وأن الأردن يعتبر من الدول المصدرة للكفاءات المحاسبية لكثير من الدول الشقيقة والصديقة .
إن أهمية نقابة المحاسبين الأردنيين تكمن في تنظيم مهنة المحاسبة في الأردن والإرتقاء بالمستوى العلمي والمهني للمحاسبين وضمان الإلتزام بمعايير المحاسبة بما يساهم في حماية الاقتصاد الأردني وتعزيز دور المحاسب وتحسين المستوى المعيشي للمحاسبين والحفاظ على حقوقهم ومكتسباتهم وإنشاء الصناديق الاستثمارية أسوة بالنقابات المهنية الأخرى بما ينعكس إيجاباً على المحاسبين وعلى الإقتصاد الأردني .
إن الإستمرار في إغفال الدور الحيوي لنقابة المحاسبين الأردنيين قد يكبد الاقتصاد الأردني خسائر كبيرة فليس من المنطق أن يبقى المحاسب أداة بيد أصحاب العمل يتعرض للضغوطات النفسية والمادية وهو الأقدر على كشف مواطن القوة والضعف لأي منِشأة كانت ، وأن من الضرورة القصوى أن يدرك الجميع أن إستقلالية أعمال المحاسبة لا يمكن أن تكون دون وجود جهة تضمن حقوقه وتمكنه من أداء عمله دون أي ضغوطات.
إن أهمية نقابة المحاسبين تكمن في نشر المعلومات المتعلقة بالمحاسبة وإصدار المجلات والنشرات ذات الصلة بمهنة المحاسبة وعقد المؤتمرات العلمية والمهنية والإجتماعات والندوات والدورات التدريبية والتعاون مع الجامعات والمؤسسات التعليمية والإنضمام إلى الهيئات الإقليمية والدولية ذات الصلة بمهنة المحاسبة مما يشكل لبنة من لبنات الإصلاح الاقتصادي المنشود والقدرة على مواكبة آخر التطورات التي يشهدها قطاع المال والأعمال في العالم.
في خضم ذلك يظهر على السطح قانون تظيم مهنة المحاسبة القانونية رقم 73 لسنة 2003 والمنشور في الجريدة الرسمية بالعدد رقم 4606 بتاريخ 16/6/2003 حيث جاء هذا القانون لينظم مهنة المحاسبة القانونية في المملكة وجاء في المادة الثانية من هذا القانون تعريف المهنة على أنها مهنة المحاسبة القانونية بفرعيها المحاسبة والتدقيق كما جاء فيها أن المحاسب القانوني هو الشخص الطبيعي المجاز لمزاولة مهنة المحاسبة وفقاً لأحكام القانون ، أما المادة رقم (22) فقد أشارت إلى أن الشهادة الجامعية في تخصص المحاسبة هي من شروط الحصول على إجازة المحاسبة القانونية ، وهنا يتساءل البعض عن مدى قانونية وجود قانونين يحكمان أعمال المحاسبة والمحاسبة القانونية وبين مؤيد ومعارض يرى البعض من ذوي الإختصاص أن من الحكمة أن تدرج مهنة المحاسبة تحت قانون واحد وأن تضم نقابة المحاسبين تحت أذرعها المحاسبين والمحاسبين القانونيين وتحت مظلة نقابة واحدة ، بينما يرى البعض الآخر أن التوجه الأمثل يكمن في ضرورة وجود قانونيين مختلفين يضم الأول مهنة المحاسبة أما الثاني فيضم المحاسبة القانونية مما ينبثق عنه وجود نقابتين تعنى الأولى بالمحاسبين والأخرى بالمحاسبين القانونيين ، وبين هذا الرأي وذاك يرى طرف ثالث أهمية أن يكون هنالك قانون للمحاسبين وقانون للمدققين الخارجيين !! وفي خضم تجاذب الآراء والأفكار يبقى الرهان على ديوان التشريع والرأي والسلطة التشريعيىة في الفصل في هذه الإجتهادات !!
أخيراً وليس آخراً فإن جل ما يهم المحاسبين في هذا الوقت يكمن في وجود نقابة جامعة تكفل الأهداف الحيوية لمهنة المحاسبة من تطوير وتحسين على المستوى المهني والعلمي وتبقى هذه الأهداف أسيرة الأدراج بإنتظار أن يتم إدارجها ضمن القوانين التي ستعرض للمناقشة على السلطة التشريعية حتى ترى النور والإنطلاق لما فيه خير الوطن والإقتصاد الأردني.
qatawneh@yahoo.com