في ذكرى رحيل الزعيم جمال عبدالناصر ..
28-09-2013 11:09 PM
أنها لسعة توظقنا كلما حلت ذكرى رحيل الزعيم جمال عبدالناصر ، رجل لم يمر عابرا في تاريخنا العربي المعاصر ، رغم تكاتف المؤامرات ضده من كل حدب و صوب ، يقال أن فلانا عاش في زمن عبدالناصر ، لليوم كثيرون لا يستطعيوا تذكره دون أن ترجف عيونهم بالدموع .
معركة عبدالناصر ضد الرجعية و التبعية ماتزال معالمها واضحة في السياسة العربية ، أعداء عبدالناصر مازالوا أيضا يخوضوا حرب مواجهة ضد مشروعه الاصلاحي التنويري " الاشتراكي -الاجتماعي " ، مازال رجالا مشروعه يتوقد في وجدان المصريين و العرب ، ويستعاد تقويم شعبية مشروعه ثورة بعد ثورة في عالمنا العربي المريض ...
مازالت قوى الظلام و التجهيل و التفكير تصفي حساباتها مع مشروع عبدالناصر "الحرية و العدالة و الكرامة " بعد مرور 43 عاما على وفاته ، ركبوا الثورات و القوا بظلال مالهم على أكثر من منطقة عربية ، زرعوا الفتن و الجهل و التكفير ، قسموا الاوطان و باعوها ، و سلبوا أرادة الشعوب و جهلوها ، رزعوا في عقولنا أفيون الاديان ليحاربوا لحظة " التنوير الناصرية " .
الكثير من تصنفيات ما بعد ثورات الربيع العربي تعود الى قاموس تصنيفاته ، حالة عربية مازالت تمثل
أملا عربيا بانعاش الكبرياء و العزة العربية ، و بناء الدولة الوطنية الحديثة ، حب الناس له لم يكن الا عفويا لا يشتبك بالمال و "البزنس " و ولاءات السلطة وأطماعها ، الفقراء و المهمشين و الضعفاء هم من يدعون صور عبدالناصر ليحملوها على قلوبهم في مسيرات نقض سرقة الاوطان وهوياتها .
أنصار و مؤيدو جمال عبدالناصر في العالم العربي لم ينتظروا يوما هطول الاموال عليهم ، كي يقوموا بواجبهم الوجداني العفوي و الفطري لاستذكار أيقونات الناصرية العربية في السياسة و الاقتصاد والاجتماع و بناء الدولة ... نذكر قريبا كيف تقارطت الجماهير في مصر عفويا لحماية ثورتهم الاولى التي سرقها الاخوان المسلمين ، ونذكر كيف ظهرت جمال عبدالناصر تمليء الشوارع و الدواوير و الميادين بكل عفوية كوجدان عربي مقاوم للتكفير و الظلم و العمالة ... يبكون بحرقة وخوف على مصر .
بالفعل أنها زعامة عربية أستثنائية وغير عادية ، خطابه لم يكن مشابها لمن سبقوه وخلفوه ، حملات الدعائية و التحريض و التشوية و تهشيم صورة عبدالناصر لم تنجح حتى اليوم ، مازالت الجماهير تحن الى الزعيم ، عودة أفلشت كل محاولات التشويه و التقزيم و الاستخفاف في المشروع الناصري العربي ...قوى الاسلام السياسي الرجعية التي التحقت بحربها ضد عبدالناصر بمعسكر النفط ، ذرفت دموع التماسيح على أكاذيب و أدعاءات الاقصاء و التهميش في عهد عبدالناصر ، وعاد لها "الزعيم " بكل عفوية و فطرية شعبية محضة طائر أسطوري يقوض على تيارات الاسلام السياسي حلمها بسرقة الدولة المصرية .
لا يذكر في السياسة العربية السائدة أن رئيسا عربيا قاوم الرجعية الدينية و سخر من مشروعها كما فعل عبدالناصر ، و لم يكن مهادنا في دفاعه في الفقراء و المهمشين ، وكيف بنى سياسية أقتصادية مركزية عمادها الاستراتيجي حماية رغيف الخيز و صحن الفول ، تغيير جذري للاقتصاديات العربية التي أنجرت وراء تشوهات الليبرالية الحرة و الرأسمالية المتوحشة .
حتى الشوعيين العرب لم يلتفوا في أدبياتهم الى العمال و الفلاحين و الفثراء كما هو سائد في الخطاب الناصري ، رغم ما حملت تجربة السلطة من أخطاء كبرى لا يمكن التغاضي أو السكوت عنها ، الا أن الدولة المصرية ورثت من العهد الناصري تحولا أجتماعيا تنويرا تقدميا أنتج نسقا كان من الصعب محوه
من الذاكرة المصرية .
عناصر الخطاب الناصري التحرري و التنويري مازالت فاعلة اليوم في الحياة السياسية المصرية و العربية ، هناك أدانة و قلق واضح من الانجرار رواء مشاريع الاسلام السياسي ، ومشاريع الليبرالية الجديدة ، مشاريع ولاءات النفط في المنطقة العربية .
سحر و كاريزما لزعيم عربي ، لم يكن مغرورا ولم تقوده محبة الجماهير الى التهور و الاصابة بانفصام بالشخصية ، لم تقود مصر الى التهلكة و الدمار ، بل أنها عنوان للحضارة و العمران وبناء مصر الدعالة و الحرية و الكرامة ، مصر الجديدة ... وما هو لافت ومثير للاستغراب أن أزمات العالم العربي الكبرى " فلسطين و أراضي عربية أخرى مسلوبة " مازالت عالقة ، الا أن الوجدان العربي لم يلتقط زعيما بحجم وحضور جمال عبدالناصر...
ما بال حالنا اليوم أن قارنا دولا عربيةوضعت نفسها على الخريطة بمشاريع فضائيات ، وأصيبت بهواجس و أمراض القوة و اندفعت لتكون لاعبا مدمرا و قاتلا ومحرضا على الفتن و التقسيم و العنف و تدمير و تفكيك الوطنيات الكبرى في عالمنا العربي . زعماء عرب أنفقوا مليارات الدولارات لاصطناع شخصية كارزمية و ساحرة ، يتقود بداخلها تقليد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر بانتاج الكارزيما و سحر الجماهير ...ولكنهم للاسف تحولوا الى شخصيات شوفانية ضيقة في الامل و الافق و الطموح