تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب
د. هايل ودعان الدعجة
28-09-2013 03:19 PM
جاءت انطلاقة مجلس النواب الحالي على وقع العديد من التطورات والتحديات التي شهدتها المنطقة في السنوات الاخيرة ، والتي انعكست اثارها على المشهد الوطني بصورة وضعت المجلس امام تحدي اثبات وجوده في التعاطي مع هذه المرحلة الجديدة بابعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية بعد ان برز على سطح هذا المشهد ما يؤكد وجود نوايا اردنية اصلاحية حقيقية للسير بالاتجاه الديمقراطي ، عززتها التعديلات الدستورية غير المسبوقة التي مست كافة مكونات النظام السياسي الاردني ومؤسساته ، تأكيدا على النهج الاصلاحي الذي احتل الاولوية المطلقة على الاجندة الملكية. ما وضع مجلس النواب امام مسؤولياته الوطنية والتاريخية وحتم عليه التقاط الاشارة بضرورة مواكبة عجلة الاصلاحات السياسية التي فرضت نفسها على المشهد الوطني ، الامر الذي دفعه لاعادة التفكير بترتيب بيته الداخلي ، بما يضمن تفعيل ادائه والارتقاء به الى مستوى متطلبات المرحلة ، ليكون مواكبا ومتوافقا مع هذه التعديلات ، بصورة تجعله قادرا على اثبات حضوره وهيبته واسترداد ثقة الشارع بهذه المؤسسة الدستورية ، التي اعترى مسيرتها الكثير من السلبيات والعثرات خلال السنوات القليلة الماضية
ولأن هذا الامر يتوقف في جزء كبير منه على النظام الداخلي لمجلس النواب الذي يجسد الاداة القانونية والشرعية التي تضبط اليات عمل المجلس وتتحكم بادائه ، فلا عجب ان يكون تعديل هذا النظام على سلم اولويات النواب من اجل تطوير هذه الاليات وتفعيلها بصورة تضمن اداءا نيابيا مميزا وفاعلا. وبدا ان مأسسة العمل النيابي هي بداية الطريق المؤدي الى تحقيق هذا الهدف ، خاصة ان هذا المجلس يؤسس لمرحلة سياسية جديدة يعول عليهاكثيرا في تمهيد الطريق لتشكيل الحكومات البرلمانية ، اتساقا مع ما اكده جلالة الملك عبد الله الثاني في خطاب العرش السامي خلال افتتاحه الدورة غير العادية لمجلس الامة ، بان دور مجلس النواب في الحكومات البرلمانية ، يتطلب منه الاسراع في تطوير نظامه الداخلي ، لمأسسة عمل الكتل النيابية ، ودعم فاعلية المجلس. الامر الذي تمت ترجمته على ارض الواقع استجابة لهذا التوجيه الملكي السامي ، حيث قام المجلس باضافة فصلا خاصا بالكتل والائتلافات النيابية في نظامه الداخلي ، يجيز لكل مجموعة من النواب لا يقل عددها عن 10% من اعضاء المجلس تشكيل كتلة نيابية. كذلك فقد انطوى التعديل على تشكيل مكتب تنفيذي يضم في عضويته ، اضافة الى أعضاء المكتب الدائم ، رؤساء الكتل النيابية أو من يمثلها في اشارة الى اهمية العمل النيابي الكتلوي المؤسسي الذي يعول عليه كثيرا في اثراء الحياة البرلمانية بالافكار والتوجهات البرامجية ، تأكيدا على نقل الممارسات النيابية الى مستوى العمل المؤسسي ، ما يعني ان لا مستقبل للعمل الفردي تحت قبة البرلمان ولا حتى خوض الانتخابات النيابية على شكل فردي ، ما يعزز من فرص التنظيمات والمؤسسات الحزبية مستقبلا بالتواجد في البرلمان بعد ان تكون قد استعدت لخوض الانتخابات على اسس تنظيمية برامجية.
وعلى الجانب السلوكي ( والتأديبي ) قام اعضاء مجلس النواب بادخال تعديل نوعي على نظامه الداخلي يجيز للمجلس تجميد عضوية او رفع الحصانة عن كل من يحاول الاساءة الى مجلس النواب بالقول او الفعل او يحمل السلاح تحت القبة او في اروقة المجلس بالمدة التي يراها المجلس مناسبة وبالنظر الى جسامة كل فعل على حده. اضافة الى اقرار المجلس نصا يعتبر مدونة السلوك الصادرة والمصادق عليها من قبل المجلس جزءا من نظامه الداخلي. ما يشكل قوة دفع جديدة كفيلة بالحفاظ على هيبة المجلس ومكانته كمؤسسة دستورية لها كيانها وحضورها الفاعل في النظام السياسي الاردني. (الراي)