قرار محكمة القضايا المستعجلة، في القاهر، الاثنين 23/تموز/2013، بحظر نشاط جماعة الاخوان المسلمين وكل مؤسساتها، والتحفظ على كل اموالها ومقراتها، تطور تاريخي هام يؤشر نحو برنامج سياسي يستهدف تعميق ما ألحق بحركة الاخوان، على الساحة المصرية، من إصابات، وربما إخراجها، في النهاية، لا من مصر وحدها، بل من الدول العربية حولها.
وقد أوضح المصريون، في نقاشاتهم لهذا التطور، أنه لا يوجد، أصلا، أي وضع قانوني لجماعة الاخوان المسلمين في مصر منذ حلها سنة/1954؛ وأن الجمعية التي حلت، بالقرار الأخير، كان قد أشهرها الإخوان تحت حكم محمد مرسي كجمعية أهلية باسم «جمعية الاخوان المسلمين،» ثم أتبعوها بعد 25 كانون الثاني/2011 بتأسيس «حزب الحرية والعدالة» الذي يعتقد بعضهم أن قرار القضاء المشار إليه يستهدفه، كمؤسسة وكأعضاء.
يبدو، لكل الحسابات العملية النافذة، أن حكم المحكمة، ذاك، سيكون نهائيا. فهو، ولو من حيث الشكل، قد صدر ضد سياسة حكومية تناست وضع الجمعية القانوني، وسمحت لها بالعمل؛ ولذلك فإن الاستئناف ضده يجب أن يكون من الحكومة؛ وهذا، كما هو واضح، لن يحدث؛ وإن حدث فسيكون تمهيدا لتبني القرار وتنفيذه.
مشكلة الإخوان المسلمين في مصر، الآن، ليست مشكلة مع القانون، بل مع الشعب المصري نفسه. لقد نجحوا، فيما مضى، لأن الشعب المصري، المتدين بطبيعته، لم يكن يكترث بقانون حضر نشاطهم أيام عبد الناصر ووفر لهم الحماية والأمن بالتعامل معهم كمظلومين. أما اليوم فلم يعد الشعب يحميهم، بل صار يتصدى لنشاطهم كرديف للجيش والأمن العام.
لقد استعدوه بلجوئهم للعنف واستهدافهم الجيش والأمن العام، كأعداء وقتلهم وتدمير مرافق مصرية هامة ثقافية وسياسية واقتصادية وأمنية؛ وتعريض مصر كلها للخطر بتحويلها أو محاولة تحويلها إلى دولة فاشلة وهو ما يصيب كل مصري في الصميم، فحاربهم المصريون، وكشفوا الغطاء عنهم.
ولقد تم حتى الآن اعتقال قياداتهم من الصف الأول والثاني والثالث، بالإضافة إلى مصادرة كل أموالهم سواء منها العائدة لمؤسساتهم والمؤسسات المنبثقة عنها، أو العائدة لأشخاص منتسبيها، ولو مؤقتا، بانتظار صدور قرارات قضائية لاحقة.
فهل يستطيع الإخوان الاستمرار في التعايش مع مثل هذا الفضاء؟
لن يفيدهم أي تبرير لمواقفهم بعد أن اصطبغت بالدم؛ كما لن يفيدهم الحديث الفكري حول عدم شرعية الإقصاء. لقد فند أحد مثقفي مصر مثل هذا الاتجاه باللجوء للمواقف العامة، في السياسة، في جهد ظاهر لإبعاد الناس، عن حسابات الواقع القائم، بالقول أن السجون خلقت، أصلا، لإقصاء الخارجين على المجتمع، وهو قول حاسم كاد يغلق النقاش.
يحتاج الإخوان لشجاعة غير عادية للاستماع لعقلائهم، أو للعقلاء، حيثما كانوا، ومواجهة الأمر بشجاعة؛ فهم، مازال لديهم منفذ للتراجع عن أخطائهم بالرجوع للشعب، وربما الاعتذار منه؛ فلا وجود، إنسانيا، ولا فرص لأحد، فردا كان، أم حزبا، خارج الدولة وقانونها ونظامها ومصلحة شعبها بالأمن والاستقرار.
عليهم أن يعرفوا أن مصر، لهذه الغاية، ليست مصر الدولة والجغرافيا، كما نعرفها، وحسب، بل هي الأمة بكاملها تتحرك عبر كل أقطارها بحركة واحدة، وربما لغاية سياسية واحدة؛ وهي تحقيق الأمن والاستقرار، في ظل سيادة القانون، والحياة الحرة الكريمة.
(الرأي)