يثير الانتباه أن أولئك الذين لديهم ما يقدمونه لا يرشحون أنفسهم في الانتخابات البلدية أو البرلمانية، واللذين يرشحون أنفسهم ويفوزون بالمقعد قد لا يملكون رؤية مستقبلية، أو برنامجا للعمل، أو هدفاً عاما يراد تحقيقه، الهدف في هذه الحالة هو النجاح بحد ذاته، والحصول على المقعد.
ليس غريباً والحالة هذه أن يحتفل الفائزون في الانتخابات بإطلاق العيارات النارية وتقديم الحلويات بمجرد إعلان النتائج وقبل ممارسة أي عمل، فقد تحقق الهدف، وما زاد عن ذلك يعتبر من الكماليات.
لا يتوقف الأمر عند الأفراد الذين يبحثون عن الوجاهة والشهرة، بل يمتد أيضاً ليصل بعض الجماعات والأحزاب، حيث يهمهم الفوز في الانتخابات واستلام الكراسي وهم لا يعرفون ماذا يصنعون بها.
جماعة الإخوان المسلمين في مصر على سبيل المثال حققت فوزاً، وحصلت على مقعد رئاسة الجمهورية، وبدأت بأخونة مصر وإحلال أعضائها محل المسؤولين في المستويات الإدارية العليا والمتوسطة، ولكن بعد سنة كاملة لم تقدم الجماعة شيئاً، ولم تحقق إنجازا، ولم تحل مشكلة، ولم تقل لنا لماذا تكالبت على الكرسي وما تزال لدرجة التهديد بحرق مصر إذا لم يكن لديها برنامج معين وخطة محددة بحيث تريد السلطة لتحقيق تلك الخطة.
تجربة مصر ليست الوحيدة في هذا المجال، فقد قامت حماس بانقلاب مليشياوي بالقوة المسلحة فأدى ذلك إلى شق الصف الفلسطيني، وإلحاق الضرر بالقضية الفلسطينية على الصعيد العالمي، ولم يحقق نتيجة إيجابية واحدة، وحتى شعار المقاومة الذي يستخدم لتبرير الإنقلاب تحول تحت أيدي حماس إلى (تهدئة)، بل الضغط على الفصائل الأخرى للالتزام بالتهدئة ووقف المقاومة بحثاً عن هدنة طويلة الاجل.
استلمت حماس السلطة في غزة وحولتها إلى إمارة إسلامية من حيث الشكل لا المضمون ومن ابرز إنجازاتها فرض الحجاب على الطالبات، وتصفية أنصار فتح، فهل هذه مبررات الإنقلاب الحماسي، أم أن لدى حماس خطة عمل مؤجلة لم يأت ِ الوقت للإفصاح عنها.
وفي الأردن حقق الإخوان فوزا ساحقاً في نقابة المعلمين ولكنهم لم يسألوا أنفسهم لماذا نحن هنا، وماذا نريد غير إقصاء الآخرين، وتسخير المدارس لخدمة الحزب، وتوظيف الطلاب كرهائن لابتزاز الحكومة، والحصول على منافع مادية على حساب موازنة مكدودة ومثقلة بالديون.
المنافسة في الانتخابات يجب أن يكون لها هدف وليس مجرد الحصول على الكرسي كهدف نهائي.
(الرأي)