حتى بلغة الإشارة يكون التعبير أبلغ من حوار الطرشان والنداءات المرسلة في الفراغ الدائرة على أثير العلاقة (المقطوعة) بين المواطن والحكومة..
تعدُ الحكومة بمراجعة قراراتها الجدلية المفاجئة كل صباح.. ثم تراها لا تُراجع الا بعضاً من مشاريع قراراتها الجديدة والمثيرة أيضاً.. فلا وقت للتراجع أو الاعتذار.. ثم ترفع ما ترفعه من أسعار وتقنعنا بأن ذلك لن يمس الا "الزنغيلة"..
تعود فترفع ضريبة الاتصالات وتخسر عوائدها الضريبية والتشغيلية بشكل سافر، وتمارس تعنتها، بأن القرار صائب من أجل البلد وأولاده.. و"حتى يتعلم الأردنيون أن لا يكثروا في الكلام والاتصالات التي لا معنى ولا جدوى منها"، ثم ترفع ضرائب الملبوسات ويخيل لها أنها أقنعتنا أن القرار ما هو الا لصالح المواطن، وتطمئننا أنها لن تمس البالة..!
يقول الرئيس بملء فمه.. "نتخذ القرارات الصعبة من أجل الأجيال القادمة ولراحتها" ثم ينسى أن الأجيال القادمة التي تبدأ حياتها تعبة مرهقة يغشاها نعاس التوقيت الشتوي.. ويلفها إحباط الأب وتعب الأم وحكايات الحياة التي أصبحت "نار" بسبب الأسعار لن تعرف الراحة يوماً..!!
دعم مالي آخر من أجل الخبز أم بطاقات ذكية تَصرف لنا أرغفة يومنا من مخابز الصرف الآلي.. لا أحد يعرف حتى الحكومة نفسها المحتارة في أمرها، وفي قرارها القادم الذي لن تتراجع عنه.. لسان حالها "صحيح لا تقسم ومقسوم لا تاكل.. وكل حتى تشبع"..
يوضح لنا الرئيس (حتى نفهم ونتفهم الرفع).. أن الدولة تدفع مليار دينار كرواتب تقاعدية ولا ينبس بحرف، أمام قرار النواب برفع رواتبهم التقاعدية وأحقيتهم في الجمع بين راتبين.. بل لعله يباركه..!!
ثم يصر على أن يبقي ملايين المواطنين مشدودين على خطوط الليل والخطر و"الزحلقات" الشتوية والحوادث المرورية التي تقع بسبب ترشيد استهلاك الحكومة في إنارة الشوارع، وتعب قلب الأمهات العاملات على خط البيت- المدرسة وبالعكس.. ويكاد يصدق أننا صدقنا أن التوقيت قد أتى بخير على خزينة الدولة.. لعلهم لم يسألوا شركات التأمين عن حوادث السيارات المتضخمة في عام التوقيت..!!
عند العالم يلجأ المواطن الى ممثله في البرلمان ليستحيل صوتاً له في مواجهة الحكومة.. وعندنا، يكتشف المواطن في طريقه متوجهاً للعبدلي أن الحكومة والنائب وجهان لعملة واحدة تجمعهما اتفاقات التمرير وصفقات الصمت أيضاً.. اللهم الا ببعض الاستثناءات من النواب الذين تسجل لهم مواقف محترمة ومغايرة وسلوك برلماني نأى بنفسه عن مهاترات الأسلحة والقذائف والشتائم..
حتى ولو أضحينا شعباً كاملاً من ذوي الاحتياجات الخاصة يمكن للحكومة أن تفهم وبلغة الإشارة.. أن التوقيت الشتوي وإشارات شارع مكة والملابس وضريبة الخلوي وأشياء أخرى عديدة ما هي الا سقطات حكومية..
(الغد)