مدير الأمن العام ومهمة إرساء الأمن
د.رحيل الغرايبة
25-09-2013 03:49 AM
مدير الأمن العام الجديد رجل مختص مليء بالحيوية والنشاط، وهو يجمع بين الاختصاص والخبرة العملية الطويلة، وهو مطالب بالحفاظ على مستوى الأمن والاستقرار النسبي الذي يتمتع به الأردن من زمن، وينبغي أن يلتفت بجدية الى بعض الظواهر المقلقة، التي بدأت تتسع وتتعمق في العاصمة وفي بعض المحافظات، وتأخذ مسارات خطيرة؛ سوف تؤدي الى تداعيات بالغة السوء على المجتمع وعلى أمنه واستقراره، لأنها سوف تتطور الى أشكال أخرى اشد خطورة، والسكوت عليها سوف يغري الاخرين بالتقليد، ويؤدي الى ابداع ظواهر أخرى تنسج على الموال نفسه.
الظاهرة صاحبة الأولوية بالمعالجة الصارمة والحاسمة هي قضية سرقة السيارات بطريقة منهجية محترفة، حيث يوجد هناك عصابة مختصة لها زعيمها المتنفذ، وله رجاله وطاقمه المختص بإدارة عمليات سرقة السيارات، وتأمينها في مكان محروس، وبعد ذلك تبدأ عملية الاتصال مع صاحب السيارة ومساومته على المبلغ المطلوب، الذي ينبغي دفعه بطريقة مرسومه، وفي مكان معلوم، وزمن محدود، مع التهديد الجدي باختفاء السيارة الى الأبد، أن لم يتم دفع المبلغ المطلوب، أو في حالة تبليغ رجال الأمن بمجريات إتمام المعاملة.
هذه العصابة المتنفذة أصبحت تمتلك الخبرة بتقدير ثمن السيارة المسروقة، مما يترتب عليه تقدير المبلغ المطلوب الذي يتراوح بين 10-20% من ثمن السيارة المقدر، وعندما يتم تأمين المبلغ ويتم الاتفاق على كيفية التسليم والاستلام يتم ارجاع السيارة، وقد تم تجريدها من كثير من الإضافات والتوابع، مثل المسجل والراديو والعجلة الاحتياطية وأمور أخرى.
عندما يقوم الشخص المنكوب (صاحب السيارة) بابلاغ مركز الأمن والشرطة، يتم نصيحته بدفع المبلغ من أجل استعادة سيارته، و يعتذرون عن عدم القدرة على استنقاذها وإرجاعها، وأحياناً يقوم رجال الشرطة مشكورين بإخباره بموقع السيارة ، أو التفضل عليه بإخباره برقم الهاتف الذي يمكن الاتصال به من أجل المساومة.
تكمن الخطورة في الظاهرة السابقة أنها تؤدي الى شيوع احساس عام بالاستسلام والإذعان الى هذا السطو المنظم، وشيوع إحساس مرّ ومؤلم بعجز قوات الأمن عن محاربة هذه الظاهرة واستئصالها، خاصة في ظل أن المكان معروف، ورجاله معروفين، ويتم استخدام السلاح واستعمال القوة الغير المشروعة في تأمين هذا العمل العصابي المنظم.
لا يجوز مطلقاً السكوت عمن يسطو على أملاك الأخرين، ولو للحظة واحدة، ولا يجوز السماح باستمرار هذه الظواهر المفزعة، التي تؤدي الى تقويض الأمن بشكل فعلي، وتشكل مقدمة حتمية لشيوع الفوضى المجتمعية المرعبة، وهي أشد خطورة من ظاهرة الحديث والنقد الجريء لتصرفات رجال الحكم والسياسة، أو ظاهرة تخطي الخطوط الحمراء والصفراء،وتجاوز الحدود بنقد السياسات العامة، أو التعرض بالإساءة الى بعض المقامات، حيث يتم توجيه التهم اليهم بالعمل على تقويض النظام، وتعكير صفو الأمن! ومن ثم التحويل الى محكمة امن الدولة؛ واصدار احكام قاسية ! فهذه الظاهرة اولى بالمتابعة الحثيثة، وبذل الجهود الزائدة من رجال الامن، والمحاكمة ، واصدار العقوبات الرادعة.
(الدستور)