آخر كلام .. عن الخريف الأردني
حمزة مروان الرشيد
24-09-2013 01:29 PM
إذا فقد اعتدل المناخ إلى الخريف لهذا العام، ويسجل المراقبون إذ يعتدل المناخ إلى الخريف ولوج درجات حرارة منخفضة في ساعات المساء فكل عام وانتم بخير. ويسجل المراقبون فوق ذلك زيادة أسعار مرتقبة على الملابس الجاهزة أدت الى ولوج حالة من الاستياء الشعبي متزايدة لا تزال وسخط على الأداء الحكومي تارة وعلى زيادة أعباء المعيشة تارة أخرى.
ولكن ماذا يمكن أن نفعل؟ ماذا يمكن لأي سياسي مهما بلغ من الحرفية والنزاهة أن يفعل في ظل ربيع عربي أحمر اللون لا تظهر له ملامح اعتدال؟ أليست السياسة فن الممكن؟ أليس الاقتصاد والسياسة وجهين لعملة واحدة؟
جميعها أسئلة يحاجج بها صانعوا القرار الحكومي في تبريرهم للحالة الاقتصادية والاجتماعية التي تمر بها البلاد، فيما يبدوا أن الشارع الأردني قد سئم هذا الخطاب المخيب للآمال في عيون الكثيرين فنحن شعب لا ينسى. لن ننسى الأموال المنهوبة! لن ننسى الأفاقين والفاسدين والمفسدين والمستغِلين والمستغَلين والمعتدين على حرمة المال العام. أعيدوا الأموال المنهوبة ولنبدأ معاً صفحة جديدة بقواعد سليمة وإلا فأفسحوا المجال لغيركم، فويل لأمة طبيبها مريض.
لا يمكن لأي اقتصادي محايد أن يفند التبريرات الحكومية هكذا جزافاً، كما لا يمكن لأي باحث اجتماعي أن يفعل ذلك فكلها تبريرات مشروعة. فالمدعو الربيع العربي قد جلب معه –فيما جلب- أعباء اقتصادية متزايدة لا تزال ترتبط بأعباء أخرى تتعلق بحرية القرار السياسي، يضاف هذا وذاك إلى بعد اجتماعي ممزوج بارتفاع تكاليف المعيشة، أدت في مجملها إلى وضع الحكومة أمام مشكلة اجتماعية سياسية اقتصادية في آن معاً. وبالتناظر لا يمكن لأي مراقب مهما كانت ملته أن يلوم مواطناً مستاءً من الأداء الحكومي أو ربما يتذمر بسبب ازدياد كلف المعيشة وأعباءها، أو منهكاً بين مطرقة الغلاء وسنديان الوقود. وبين أولئك وهؤلاء جميعاً... يتعثر الوطن.
لا تزمع هذه المقالة توجيه أي اتهامات أو أصابع لوم أو حتى منح صكوك غفران لأي مسؤول عن أي مسؤولية وعن أي دور في أي موقع فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، ولكن حواسي وجوارحي تتجه بفطرتها نحو الوطن، هذا الوطن، قبلة النور ومهبط الأفئدة.
من يقرأ التاريخ بعيون المستقبل والمستقبل بعيون التاريخ يدرك بلحظة بأن التاريخ لا يعترف بمبررات. إما أن تكون ناجحاً أو فاشلاً. إما أن تكون ثميناً أو رخيصاً. لا عبرة لمبررات الفشل ولا اعتبار لمن فشل؛ إما أن تكون عزيزاً أو أن تكون.. بلا وطن.
دعونا ننحي خلافاتنا جانباً ونحمل هذا الوطن يداً بيد كما بناه آباءنا أول مرة. فليسجل التاريخ أننا بنينا وطناً في إثر أزمة، وصنعنا مجداً من صلب محنة. دعونا نتغلب على آلامنا. لا مجال للحزن ولا طاقة لنا بيأس ولا جدوى من ندم. تخف الأحمال إذا تكاتف الفرقاء، ويتراجع الخوف أمام مثقال ذرة من إيمان ويتلاشى اليأس أمام مثقال ذرة أخرى من عزيمة. دعونا نحمل هذا الوطن في فيافي الجفون، وبين شغاف القلب. فلنربأ بوطننا إلى القمم بعيداً عن المهاترات. فلنصنع وطناً عزيزاً، فالحر لا يرضى في لحظة من العمر أن يعيش رخيصاً في عيون وطن عزيز في عيونه، تماماً كما لا يرضى في لحظة أخرى من العمر أن يعيش رخيصاً في عيون وطن رخيصٍ في عيون الآخرين.
حمزة مروان الرشيد
ماجستير قانون البنوك والتمويل الدولي