بلاد السيبة , بلاد شنقيط , أرض المنارة و الرباط , صحراء الملثمين , بلاد لمتونة , تعددت المسميات على مر التاريخ و المسمى واحد , موريتانيا .ذلك القطر العربي القابع في أقاصي الغرب و الذي على مر التاريخ كان بوابة العرب في أفريقيا , و الرباط الحيوي ما بين حضارتين مختلفتين اختلافا كلايا , عرقيا و ثقافيا , ذلك القطر الذي يعتبر سفيرا عربيا في أقاصي القارة السمراء و مارس دورا سياسيا و عسكريا و دبلوماسيا منذ مدة طويلة خصوصا في التاريخ الاسلامي و الفتوحات الاسلامية و انتهاءا بالعصر الحالي .
إن الجمهورية الموريتانية لها طبيعة خاصة و تركيبة فريدة من نوعها سواءا على المستوى السياسي أو الاقتصادي أو الاجتماعي أو الثقافي , نتيجة العديد من العوامل الاجتماعية و السياسية التي تتميز بها موريتانيا , كل هذا يجعل الباحث في الشأن السياسي الموريتاني سواءا الداخلي أو الخارجي , يرتبك نتيجة التركيبة التي تكون الطبقات السياسية الفاعلة في موريتانيا مما ينعكس بكل تأكيد على السياسة الخارجية للدولة الموريتانية .
إن حجر الزاوية في العلاقات الموريتانية و تغيرها يكمن في آخر إنتخابات رئاسية جرت في البلاد , حيث أنها كانت فاصلا حاسما في التاريخ السياسي الموريتاني و في العلاقات الدولية الموريتانية .2009 , الجمهورية تشهد انتخابات رئاسية كانت حاسمة و لفتت نحوها انظار العالم , إنتخابات رئاسية في ظروف خاصة تعيشها موريتانيا على صعيدها الإقليمي و الدولي , فكما هو معلوم , قبل هذه الانتخابات , في السادس من أغسطس 2008 , قاد قادة الأجهزة العسكرية و الامنية في موريتانيا بقيادة محمد ولد عبد العزيز رئيس موريتانيا الحالي الذي كان يومها جنرالا و كان قائدا للقوات الحرس الرئاسي , قادوا إنقلابا عسكريا أبيضا على رئيس الجمهورية سيدي ولد الشيخ عبدالله مستغلين الأزمة بينه و أغلبيته البرلمانية. الانقلاب العسكري وضع موريتانيا في وضع لا تحسد عليه خصوصا من طرف القوى الغربية التي أدانت بشدة وصول العسكر الى الحكم و الإنقلاب على رئيس منتخب و أكدت على ضرورة رجوع العسكر الى ثكناتهم و ارجاع الحكم الى النظام المدني المنتخب و أيضا كون موريتانيا تواجه ضغطا دوليا نتيجة تنامي نشاطات الجماعات الإرهابية في منطقة أزواد أو الشمال المالي التي تلقي بظلالها على موريتانيا نتيجة تعرض موريتانيا لعدة هجمات انتحارية و هجمات على ثكنات عسكرية تابعة للجيش الموريتاني . أيضا كانت موريتانيا كما هو معهود في خضم مشكلاتها المتعلقة بما يعرف إصطلاحا لدى السياسيين الموريتانين و المغاربة بالمعسكر الشمالي و الجنوبي , أي مشاكل موريتانيا في العلاقات الدبلوماسية مع المملكة المغربية و ما يتعلق بموقف موريتانيا من الصحراء الغربية و موضوع الجزائر. كانت الفترة التي تلت أنقلاب السادس من أغسطس 2008 فترة حاسمة جدا في تاريخ العلاقات الدولية للجمهورية الموريتانية , حيث تغيرت السياسة الخارجية الموريتانية تغيرات كبيرة جدا مما بدى جليا و واضحا في العلاقات الخارجية الموريتانية , حيث أن إدارة محمد ولد عبد العزيز أتخذت قرارا حاسما كان له أثر كبير و حاسم على الجمهورية سواءا داخليا أو خارجيا حيث تقرر تجميد العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل إبان الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة , و الذي تلاه قطع العلاقات مع إسرائيل و طرد السفير الإسرائيلي من نواكشوط و الذي كان صاعقا لعدة بعثات دبلوماسية غربية في موريتانيا , كالسفارة الفرنسية و السفارة الأمريكية و اللتان تعتبران اللاعب الأساسي في المنطقة حيث أن منطقة شمال غرب و غرب أفريقيا متأثرتين تأثرا شديدا بالسياسات الخارجية الأمريكية و الفرنسية نتيجة أن المنطقة الجيو سياسية منطقة صراع على النفوذ و المصالح الدولية.
نجح المجلس العسكري الذي كان يدير موريتانيا طيلة الفترة الانتقالية التي تلت انقلاب السادس من أغسطس في التماشي مع الضغوط الخارجية و المشكلات الإقليمية بطريقة أشبه ما تشبه الإنسلال و المماشاه نتيجة أن الدولة لم تكن في وضعية تسمح لها بفرض سياسات أو أجندات نتيجة أنها أساسا تقبع هي الأخرى تحت تأثيرات خارجية كثيرة , لكن كان هناك نوع من اقتناص الفرص حيث أن موريتانيا حينما وقع العدوان على غزة 2007 إغتنمت الحاجة الشعبية الداخلية لقطع العلاقات مع أسرائيل فكان قطع العلاقات نوع من إثبات الوجود للقوة الموريتانية و أن الحكومة الموريتانية بالرغم من حاجتها لحلفائها سواءا القدامى كفرنسا أو الحديثين كالولايات المتحدة الأمريكية و ضغطهم عليها إلآ أنها لا تزال تملك زمام أمرها نوعا ما , و أيضا كانت ضربة قاسمة للقوى المعارضة للإنقلاب , حيث أن المعارضين للإنقلاب خصوصا بعد إتفاق داكار كانوا يعولون على الانتخابات الا أن ولد عبد العزيز بقطعه للعلاقات مع إسرائيل يعتبر قد اكتسح الشارع الموريتاني و ضمن أصواته.
لكن هذا النجاح النسبي في التماشي مع الوضع الدولي السلبي بالنسبة للحكومة الموريتانية و أزمتها السياسية الداخلية حتم عليها سلوك نهج آخر في علاقاتها الدولية حيث أن موريتانيا و بعد رفضها للتدخلات الفرنسية و الامريكية و محاولات رأب الصدع السياسي المتواصل , لجأت المعارضة الموريتانية للإنقلاب الى داكار عاصمة السنيغال لتحدث وساطة من طرف الرئيس السنيغالي السابق عبدالله واد الذي كان نظامه من النظم التي كانت تعارض انقلاب السادس من اغسطس , حصلت الوساطة التي لعب فيها الدبلوماسيون الموريتانيون دورا هاما حيث كان هناك تنسيق ليبي أيام نظام العقيد معمر القداقي و تنسيق موريتاني حكومي ممثل للسلطة العسكرية الحاكمة و آخر ممثل للمعارضة.
هنا كانت العلاقات الخارجة الموريتانية الليبية قد أخذت منحى جديدا و هو التقارب و التعاون الذي جسد بالكثير , حيث أن نظام العقيد القدافي كان معارضا للمسار الديموقراطي الذي كانت تعيشه موريتانيا و من قبل ذلك كان معارضا شديدا لنظام ولد الطايع الذي ناصب النظام الليبي العداء طيلة أيام وجوده , و بعد حصول الانقلاب العسكري الأخير حلت الفرصة التي إنتظرتها طويلا السياسة الخارجية الليبية , حيث أن موريتانيا ووضعها الدولي المتأزم و عدم جدوائية العلاقات مع الدول الأخرى سواءا دول المغرب العربي و بقية الدول العربية في حل الأزمة الموريتانية , كل ذلك جعل السياسة الخارجية الليبية تركز على موريتانيا ليصل طرفا النزاع السياسي الموريتاني الى حل و هو حل الانتخابات التي أجريت عام 2009 و أكتسحها الرئيس الموريتاني الحالي بالاغلبية و ذلك بعد استقالته من قيادة الحرس الرئاسي و من منصب رئيس الجمهورية في انتخابات نزيهة و شفافة بإشراف و أشادة دوليين..
بعد انتخابات 2009 تحولت الحالة السياسية الداخلية و الخارجية للجمهورية الموريتانية حيث ولد ما يعرف حاليا بالجمهورية الثالثة . و بعد استلام الرئيس ولد عبد العزيز لمقاليد الحكم و تشكيل الحكومة كان من الحاسم تشكيل حكومة تستطيع مجابهة الوضع السياسي الدولي و الداخلي . و مع الظروف الموريتانية , تماشت الحكومة بسياسة خارجية جديدة , بدأت بتعيين أول وزيرة للشؤون الخارجية في الوطن العربي , الوزيرة الناهة بنت مكناس , و التي في أحد تصريحاتها قالت أن السياسة الخارجية الموريتانية تخضع لإعادة تقييم و ستأخد منحى جديدا , و هذا ما أكد عليه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بأن العلاقات الخرجية هي علاقات مبنية على مبدأ المعاملة بالمثل . تغير العديد من السفراء و القناصل و أصبحت موريتانيا دبلوماسيا بوجه جديد.
إن أبرز ما ميز الفترة التي تلت الإنتخابات , كان معالجة الاجهزة الامنية و العسكرية لمشكلة الإرهاب و مشكلة القاعدة في ما يعرف ببلاد المغرب الاسلامي , حيث قامت موريتانيا بتجهيز مقاربات و خطط أمنية و عسكرية و سياسة من أجل القضاء على ظاهرة الارهاب التي عانت منها موريتانيا معاناه كبيرة , فها هي موريتانيا تبدأ بنوع جديد من التعاون العسكري المشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية و بدأت موريتانيا تنوع من وارداتها العسكرية مما خلق نوعا جديدا من العلاقات الموريتانية الخارجية. كما بدأت موريثتانيا بتدويل موضوع مكافحة الارهاب و ذلك في العديد من المحافل الدولية سواءا على الساحة العربية أو الافريقية أو الأوروبية و تلى ذلك مشاركة موريتانيا الفعالة في انشاء القوة العسكرية المشتركة الموريتانية الجزائرية بالتعاون مع الجيش الفرنسي الذي وفر الدعم اللوجستي و الجوي.كما أن موريتانيا و طبقا لتقرير وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون نجحت بشكل ممتاز و ملحوظ في القضاء على الجماعات الإرهابية في موريتانيا .
كما أن الحكومة قامت بمراجعة سياساتها الخارجية المتعلقة بالتجارة و التبادل الإقتصادي و انفتحت بشكل كبير خصوصا على دولة الامارات العربية المتحدة و يبدوا ذلك جليا في المشاريع التي اوكلت الى شركات عملاقة من دولة الامارات مند 2009 حتى العام الحالي 2013 . و قد كان ذلك جليا أيضا في أن موريتاينا اسندت أيضا العديد من الانشطة لشركات عربية و متعددة جنسيات أخرى مما ينبه الى تغيرات جذرية في السياسة الاقتصادية الموريتانية و التي كانت في السابق محصورة في التعاون الاقتصادي مع الصين و الشركات الفرنسية و الاسبانية العملاقة. يبدوا ذلك أيضا جليا في أن موريتانيا في فترة 3 أعوام الأخيرة منعت الأساطيل البحرية الأوروبية من الصيد في المياه الإقليميه الموريتانية و تركت المجال للقوات البحرية الموريتانية للتعامل مع أي خروقات للقرار. نتيجة لذلك جرت العديد من المفاوضات الماراثونية في أوروبا ما بين المسؤولين و الدبلوماسيين الموريتانيين من جهة و ممثلي الدول الأوروبية و الشركات الدولية من أجل عودة الأساطيل , الا أن الحكومة الموريتانية بقيت متصلبة على رأيها و لم تشأ الا ان يوافق الأوروبيون على شروطها او تلغى كافة العقود , لتصل العديد من الوفود الحكومية الأوروبية و الروسية الى العاصمة نواكشوط في ما سماه أحد الكتاب الموريتانيين موسم الهجرة جنوبا , ليتفاوضوا من جهة مع وزارة الخارجية و من جهة أخرى مع وزارة الاقتصاد , و كل هذا كان نتيجة عزم الحكومة الموريتانية إنشاء شركات و مؤسسات وطنية بالتعاون مع الحكومة الصينية و إنشاء مصانع و جلب أساطيل أخرى غير الأوروبية لتتولى الشأن الاقتصادي البحري.
في ما يتعلق بالجانب السياسي الخارجي لموريتانيا في الآونة الأخيرة , خصوصا التطورات على الساحة الدولية سياسيا , كانت موريتانيا متأثرا في أغلب الاحيان و مؤثرا في بعض الاحيان الأخرى , فبحلول الربيع العربي الذي جاء بما جاء , كانت موريتانيا أحد اللاعبين الدوليين و الدبلوماسيين المهمين في الأزمة الليبية و حيث كانت رأس الحربة في موضوع الوساطة من أجل حل الازمة الليبية ذلك أن موريتانيا في تلك الفترة كانت رئيسة مجلس السلم و الحرب الأفريقي , و كان وزير الخارجية الموريتاني حمادي ولد حمدي يدير ملف الأزمة ما بين تونس و ليبيا و مصر , لينتج عن ذلك اتفاقا ما بين بنغازي و طرابلس ليتم نقضه من طرف طرابلس مما أدى الى ترك موريتانيا للملف الليبي و تغير السياسة الموريتانية تجاه ليبيا و ذلك بإجلاء الرعايا الموريتانيين من ليبيا و معارضة نظام ولد عبد العزيز لنظام القذافي.
كان موقف الحكومة الموريتانية و التي لم تطلها رياح الربيع العربي , موقفا متزنا من الاحداث الجارية فالحكومة الموريتانية و نظامها يتربعان على عرش تصنيف الحريات الصحافية و المدنية في العالم العربي طبقا للعديد من التقارير و الاحصائيات الدولية كان آخرها تقرير منظمة مراسلون بلا حدود , فلم ترد الحكومة الموريتانية أن تضع نفسها محل انتقاد شعبي او اتهام بازدواجية المعايير في تحليل الربيع العربي , فنجد الحكومة الموريتانية تلتزم الصمت أحيانا كثيرة و تكتفي أن تقول انها تحرص على سلامة رعاياها في الدول التي عصفت بها رياح التغيير و تجلي رعاياها منها كما حل في تونس و ليبيا و مصر و سوريا, و تتعامل بمبدأ الأمر الواقع في النهاية. و في لقاء الشعب الذي ينظمه الرئيس الموريتاني مع الشعب قبل حوالي شهر و نصف من الآن صرح الرئيس محمد ولد عبد العزيز في رد له على أحد المواطنين حينما سأله عن موقفه و نظامه عن الربيع العربي ب " احمد الله أن جنبيني الربيع العربي و جنبه شعبي " و أكمل بما معناه " انه كان لا بد منه , الا ان الدول التي جرى فيها آلت الى مآلات أسوء".
كما كان الدور الدبلوماسي و السياسي الخارجي الموريتاني واضحا جليا في أزمة ساحل العاج عام 2011 و ذلك باحتضان العاصمة نواكشوط لإجتماع خمس من رؤساء الدول الافريقية لحل الازمة العاجية , كما أن الرئيس الموريتاني قام بزيارة الى ساحل العاج و توافد العديد من الدبلوماسيين الموريتانيين من أجل حل الازمة العاجية التي انتهت لاحقا بالقبض على الرئيس العاجي السابق.
في الآونة الاخيرة أي المدة الممتدة الى سنتين قبل الفترة الحالية , أتخدت موريتانيا مناح جديدة في تعاملاتها الخارجية و يبدوا ذلك جليا في أزمة أزواد "شمال مالي" حيث أن موريتانيا اخذت بزمام المبادرة و ذلك يعكس نوعا من الثقة في العلاقات الخارجية و أن الحكومة الموريتانية لم تعد كالسابق و أصيحت لديها مواطن قوة معينة نتيجة عدة تطورات و تكاملات قامت بها الحكومة و نجد ذلك جليا حينما صرحت الحكومة الموريتانية أنها قد وضعت 12000 جندي أهبة الإستعاد للتدخل بحملة عسكرية شاملة في الشمال المالي من أجل القضاء على الجماعات الإرهابية و هو ما قوبل بالرفض في مجلس الأمن من قبل فرنسا و هو ما ألقى بظلاله لاحقا على العلاقات الموريتانية الفرنسية , فها هي فرنسا تبدأ حملة عسكرية موسعة في مالي بمساعدة و تمويل حلفائها في الخارج من الشرق و الغرب و ها هي الدول المحيطة بمالي تشارك في احكام الحصار و الدعم اللوجستي و فتح للأجواء كالجزائر و ها هي المغرب تعرض المساعدة , و كان كل ذلك خلاف موقف الحكومة الموريتانية التي اغلقت حدودها في وجه العبور الفرنسي العسكري و اغلقت أجوائها و امتنعت عن التدخل و هو ما جاء على لسان الناطق العسكري باسم القيادة العامة للجيوش في نواكشوط الذي قال أن موريتانيا معنية بحماية حوزتها الترابية فقط و أنها لم و لن تتدخل خارج أراضيها إلا بالشروط التي تضعها موريتانيا و تراها مناسبة و ليست الشروط الفرنسية , و ذلك هو السبب الذي لا يزال يجعل موريتانيا ترفض حتى الآن الإنخراط في قوات حفظ السلام الدولية في مالي.
كما أنه يلاحظ و بشكل جلي أن موقف العلاقات الخارجية لموريتانيا من قضية الصحراء أصبح أكثر صرامة ووضوحا و ذلك بأن موريتانيا و ان كانت تحتضن و تدعم العديد من الصحراويين الذين يعتبرون امتدادا ثقافيا و عرقيا لموريتانيا الا انها تقف على الحياد و هو ما يجعلها نقطة محورية و استراتيجية في موضوع النزاع على الصحراء الغربية .
كل ما سبق دليل على أن موريتانيا بدأت بإظهار السياسة الخارجية بشكل جديد بعد أن كانت تمارس السياسة الخارجية الإعتيادية المتأثرة الغير مؤثرة أو سياسة امتصاص الفعل دونما رد فعل يظهر سياسة معينة , لتنتقل الى مرحلة النشاط الاقليمي في دول الجوار و ذلك بالتعاطي مع المعطيات الاقليمية و مع المحيط الدولي سواءا أكانت الامور سياسية أو كانت اقتصادية .
مع كل الجدل السياسي الداخلي الموريتاني المنقسم الى قسمين , الأول و هو القسم الذي يرى أن الواقع ديموقراطي و ان البلاد تحقق فعلا المبادئ الديموقراطية و الثاني الذي لا يزال يعيش في موضوع ان البلاد لا تزال تدار من قبل العسكر و هم المعارضة .إلا ان الناظر للواقع السياسي الموريتاني يرى أن موريتانيا قد تقدمت خطوات كبيرة نحو الديمقوراطية ابتداءا بالانتخابات الرئاسية الاخيرة و الممارسات الديموقراطية التي مارستها الحكومة الموريتانية من تحرير للفضاء السمعي البصري و ترسيخ لمبادئ المساواة و تمكين و حفظ الحريات العامة سواءا الدينية او الاقتصادية او الاجتماعية و حتى السياسية , حيث أن البلاد أصبحت و للمرة الأولى مند استقلالها تعيش تعددية حزبية فعلية و حرية سياسية مكفولة لكل الاطراف و أن موريتانيا و بالعمل مع شركائها الدوليين في العمليات التنموية و التطويرية بدأت تشق الطريق نحو التطوير و البناء و هو ما نعكسا بشكل كبير على السياسات الخارجية الموريتانية من انفتاح كبير على جذب المستثمرين في كافة المجالات سواءا الاجانب او العرب .
و من ما يحسب للحكومة الموريتانية , المصادقة على قانون تجريم الانقلابات العسكرية و اعتبارها جريمة و اعتداء على أمن الدولة و هو ما سيلعب دورا حاسما في موضوع التداول السلمي للسلطة في بلد عانا كثيرا من تبعات الانقلابات العسكرية على المستوى المحلي نتيجة الضغوط الدولية الممارسة على الحكومات الموريتانية المتعاقبة, مما سيؤدي الى تكريس الديموقراطية و هو ما انعكس على علاقات موريتانيا الخارجية خصوصا مع غرب اوروبا , حيث أنه بالاستقرار السياسي النسبي الذي شهدته موريتانيا في الآونة الاخيرة و بتوسع علاقاتها الخارجية و تعاطيها ضمن مبدأ الاتزان مع الواقع الدولي الراهن , ازدات الفوائد التي تجنيها موريتانيا من هذه العلاقات و أصبحت تتمتع بالعديد من المزايا التي لا يتمتع بها غيرها من دول المنطقة.
رئيس نادي العلاقات الدولية - جامعة الشارقة
moh.limam@gmail.com