أعلن كأردني من هذا الوطن العربي ، و كعربي من هذا القطر الأردني ، أنني مقهور ومحبط وحزين ، واشعر بخجل أتمنى معه لو التزم بيتي واجلس صامتا بلا صحف وبلا فضائيات وبلا إذاعات ، لان بعض القرارات التي يتخذها بعض المسؤولين الأشاوس في بلدنا ، وأحيانا باسمنا ، تنطلق من الشك في كل مواطن ، والحذر من كل مواطن والتعامل مع الأردنيين كإرهابيين ومخربين ومندسين ومستعدين لتهديد الأمن الوطني ووضع الألغام والمتفجرات في كل الأزقة والطرق والشوارع .نتحدث صباح مساء عن العروبة وعن انتمائنا القومي ، ولكننا نمارس أبشع أنواع الكراهية والحقد على هذه العروبة ، وهذا أمر طبيعي ، فحين لا تحترم مشاعر الأردنيين فان من المستحيل أن تقيم وزنا لمشاعر العرب ، وهنا أقف مع قرار عطوفة محافظ العاصمة الدكتور سعد الوادي المناصير ، والذي رفض بموجبه الموافقة على خروج مسيرة أردنية تعلن وقوف بلدنا وشعبنا مع أشقائنا الفلسطينيين ووقوفهما ضد المجازر الصهيونية المتواصلة في غزة والضفة الغربية ، وضد المجاهدين والنساء والأطفال والبيوت والشجر ، وأرجو ألا تفهم مقالتي على أنها ضد عطوفة المحافظ ، ذلك أن ترتيبه في قائمة متخذي مثل هذا القرار قد يكون الثلاثين أو الأربعين ، إذ تهبط عليه المكالمات الهاتفية ورسائل الفاكس والتعليمات الواضحة التي تقول ( نحن لا علاقة لنا بالفلسطينيين ) وإذا كان الصهاينة يواصلون قتلهم وتجويعهم وحرمانهم من الغذاء والدواء ، فهذا أمر لا شأن لنا به ، وفخار يكسر بعضه وبلاد العرب أوطاني والقضية الفلسطينية هي قضيتنا الأولى والمصيرية .
اتصل بي احدهم محاولا إقناعي بان موقف رئيس وزراء العدو لا يختلف عن موقف محافظ العاصمة ، على قاعدة أن اولمرت يقتل ويرتكب الفظائع وان المحافظ يرفض إدانة الفظائع وربما قراءة الفاتحة على الشهداء ، وعندما قلت له هذا افتراء أردني على المسؤولين ، اخذ يتحدث عن منطق أرسطو وعن أن صديق عدوي عدوي وعدو شقيقي عدوي وأن... وأن... وأن.
ليست هذه المرة الأولى ولا الخمسين التي يقدم بها عطوفة المحافظ على منع ندوات أو مؤتمرات أو مسيرات ، وهذا يستند إلى قانون الاجتماعات العامة الموغل في التسلط وفي ازدراء المواطن وفي التعامل معه كعدو ، مع أنني أتمنى أن يتعامل بعض المسؤولين مع مواطننا كما يتعامل مع العدو باحترام وحذر وتسامح ، مبرر عطوفته هو المادة رقم 7 لسنة 2004 من قانون الاجتماعات العامة ، ويضيف عبارته إياها ( أعلمكم بعدم الموافقة على إجابة الطلب ) وشهادة لله انه لا يقدم لهذه الجملة المفيدة بكلمة ( يسعدني أن أعلمكم .... الخ ) ولهذا لا نعرف ما إذا كان يشعر بالحزن أو بالسعادة لاتخاذه القرار الشؤم المسيء لشعبنا ولمشاعرنا الوطنية والقومية والمشكك بحرصنا على امن الوطن .
يفترض أن أعضاء مجلس النواب الذين يمثلون الشعب الأردني وانتخبهم هذا الشعب أن يلتزموا هم أيضا بقانون الاجتماعات العامة ، وعندما يجتمعون وينددون بالمجازر الصهيونية ويطالبون بطرد السفير الصهيوني من عمان ، فإنهم يعبرون عن الموقف المشرف للشعب الأردني مع كل قضايا وطنه العربي وأمته العظيمة .
لا ارغب في لوم المحافظ ، فهو يؤدي واجبه في استفزازنا واحتقار مشاعرنا وعدم تمكيننا في أن نقول للفلسطينيين أننا معهم ضد العدو الصهيوني ، وأننا مع شهدائهم ضد القتلة الصهاينة . وهي الحقيقة التي يعرفها الفلسطينيون عن أشقائهم في هذا البلد وفي كل قطر عربي ، وليس في وسع مسؤول أن يشوهها ، ولكنني أيضا أتساءل هل رفض المسيرة تم بموافقة الأخ وزير الداخلية ؟ وهل لدى رئيس الوزراء علم بان الكثير مما يقوله بصراحة ووضوح يتلقاه وزراء وموظفون بالإهمال والتطنيش .
يا عطوفة المحافظ احترم مشاعر شعبنا ولا تنظر إلى كل فرد فيه كعدو ومتربص بأمنه ، ويا ريت يا ريت يا عطوفة المحافظ يعود إلينا الزمن الذي كان فيه المحافظون يبادلون شعبهم الاحترام ، ويرون في أداء واجبهم الوطني والوظيفي أكثر أهمية بإلف مرة من الخوف على مواقعهم ولا حول ولا قوة إلا بالله .
kmahadin@hotmail.com