جامعاتنا والمتهافتون على إداراتها *الدكتور محمد الشريفين
23-09-2013 01:57 PM
إدارات متعاقبة وعود مخملية على مستوى التنظير في بداية عهود أصحاب العطوفة، وساطات ومحسوبيات على مستوى التطبيق، تزايد للعنف المجتمعي داخل أسوار جامعاتنا، تراجع في المستوى، تخلف تردي هذا هو حال جامعاتنا.
والسؤال الذي يتبادر الى الأذهان هو: لماذا وصلنا إلى هذا الحال؟ ومن المسؤول عن هذا الحال المتحرك نحو الأسوأ وبشكل متسارع؟
يروق للكثير ان يجعل الحكومة كبش الفداء في تحمل المسؤولية، كما يروق لآخرين ان يجعلوا لإدارات الجامعات المتعاقبة ذات الوزر، ويتحدث آخرون عن الهيئة التدريسية والإدارية في الجامعات ومسؤوليتها المباشرة عن الحال المتردي، ويرى آخرون ان مخرجات وزارة التربية والتعليم هي المحرك الأساس لتخلف الحال في جامعاتنا، ولكل وجهته.
من الإنصاف أن يتحمل جميع المذكورين المسؤولية عن الوضع الراهن في جامعاتنا وذلك إذا ما أردنا الوصول لحل جذري للأزمة التي نعيش، ذلك أن تقاذف الإتهامات من شأنه تكريس حالة العجز، وفي هذه العجالة سأبين سهمة كل طرف من الأطراف المذكورة في الأزمة وكنت أتمنى أن أذكر إسهام كل من الأطراف في قيادة الجامعات لحركة التمدن والتحضر.
سأبدأ بالحكومة باعتبارها رب البيت وباعتبارها الموعز الأول لحالة الترقي والتحضر أو حالة التردي والتخلف وهي التي تختار لا غيرها وسأتحدث عنها ممثلة بمجلس التعليم العالي الذي أطلق نظرية جديدة راقية في اختيار رؤساء الجامعات وفق منظوره وجاء التطبيق على أسوأ حال حيث تبنى أس الفساد: الوساطات والمحسوبيات في تعيين رؤساء الجامعات، والدليل على ذلك لا يخفى، ومخرجات المجلس تحكي واقعه.
وأنا هنا اقترح آلية جديدة في تعيين رؤساء الجامعات وهي آلية متبعة في بعض دول العالم إلا وهي انتخاب رئيس الجامعة من داخل الجامعة دون تدخل أي طرف خارجي وفق آلية مدروسة والآليات في ذلك كثيرة وتكون النتيجة التخلص من الوصاية الخارجية على الجامعات وإراحة مجلس التعليم العالي من وزر اختيار رؤساء وفق أهواء ورغبات ونزوات لا يراعى فيها سوى ميزان المحسوبية والواسطة، ومن جاء بالانتخاب أجدى بالتهمم بمصلحة الجامعة.
أما الطرف الثاني في معادلة التردي فهي إدارات الجامعات ومن اعجب العجب ان يجنح أستاذ جامعي بلغ رتبة الأستاذية وتعني قمة هرم حماة القيم ان بجنح لانتهاك القيم إنها لموبقة من أعظم الموبقات، أن يستخدم الجامعة كمحطة لإيصاله إلى رتبة أعلى وذلك باختراق جميع الأعراف الجامعية وتقديم الجامعة ككبش فداء لإيصاله الى مبتغاه، ولقد اعانتهم الحكومات المتعاقبة على ذلك وطبقت المثل القائل: (إذا طلع صيتك غطي رأسك) ، فرئيس الجامعة عضو في كل لجنة واسمه مطروح لجميع المناصب المتاحة.
وللهيئتين التدريسية والإدارية نصيب وافر في صناعة حالة التردي فالشللية ومقاولو المناصب والمتمحورون حول ذواتهم كانوا وما زالوا أس فساد الجامعات.
وتبقى وزارة التربية والتعليم التي ظلت الطريق وتحتاج الى جيش من المرشدين والتي اشتغلت بكل شئ إلا بالتربية والتعليم والتي تعاقب عليها عجزة تلو عجزة تخرج الى الجامعات جيلا عاجزا وما أحوجنا الى ان تشتغل هذه الوزارة بالتربية والتعليم.
إن إصلاح التعليم العالي في الاردن يحتاج الى عدة أمور منها: إرادة التغيير ثم إرادة التغير وأخيرا إرادة التغيير، قال تعالى: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}
نسأل الله العظيم ان يصلح حالنا وحال ولاة أمورنا وأن يحفظ بلدنا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، آمين.