دعم المنتخب وصندوق النقد الدولي
حسام عايش
23-09-2013 01:24 PM
بغض النظر عن مدى استدامة الفوز الكروي الأردني من عدمه، فإن منتخب الأردن قد حقق فرحة نحن احوج ما نكون اليها في هذه الظروف العصيبة حتى لو جاء بركلات الحظ، التي نقلت منتخبنا ليكون ممثلا لوطنه وأمته ولجميع الآسيويين في المواجهة التي ستجمعه مع ممثل أمريكا اللاتينية، لحسم المقعد الشاغر عن القارتين للوصول الى كأس العالم.
إن دخول المعترك العالمي كروياً والتأهل الى الكأس العالمية ان حدث، سيكون اعلى مردودا في عوائده من الإنفاق الحكومي على الترويج السياحي والاستثماري وغيرهما، والذي لايحمل في طياته أية صدمة إيجابية مؤثرة تدفع متلقيه لتغيير أفكاره المسبقة خاصة وأنه موجه للمواطن العربي، فيما تاهل الاردن لكاس العالم ان حدث سيكون رسالة ترويجية راقية متحضرة وغير تقليدية لكل العالم لذلك سيكون المردود منه اكبر.
هذا يعني أن دعم الحكومة للمنتخب ليس منّة، بل واجب اقتصادي وتسويقي واجتماعي ايضا، فادخال الفرحة الى قلوب الناس ورفع روحهم المعنوية ولو من باب الرياضة يقوي عزيمتهم ويشحذ هممهم فيحسن من انتاجيتهم ويرتقي بانجازاتهم، لذلك فالمصلحة تملي ضرورة تجنيد الدعم لهذا الحدث الفريد في تاريخ البلاد لاستثماره في الترويج العملي للاردن، فالرياضة قوة ناعمة علينا استغلالها مع كامل التفهم للمشكلات الاقتصادية القائمة والتي لم تكن الرياضة سببها،وبالتأكيد فان هذا الدعم لن يثير اعتراض صندوق النقد الدولي لانه يقع تحت باب الدعم الاخضر المسموح به،وعدمه او قلته لن يحل مشكلات الاردن الاقتصادية لان اسبابها في مكان آخر.
إن من اقترح مبلغ الدعم الحكومي الهزيل (وهو 15 ألف دينار والذي يقل بالتاكيد عن نفقة ضيافة لمسؤول واحد ابتهاجا بتعيينه في احد المناصب) إما أنه غير مقتنع بالفوز بركلات الجزاء،أو أنه لا يهتم بالرياضة،أو غير معني بدعم لا طائل منه (كما يظن)، أو أنه لا يرى في الرياضة نافذة لإبراز الأردن، أو أنه لا يؤمن بصناعة الرياضة والاستثمار فيها واستثمارها، أو أنه وهذا هو الأهم يرى الدعم للمنتخب هدراً للمال العام في بلد ليس في قاموسه الاقتصادي مصطلح الهدر.
الرياضة ايها السادة لم تعد لعبة بل صناعة متكاملة والفوز فيها ليس عفويا وان حدث احيانا بل يحتاج إلى سياسات تدعمها، والأهم توطين الانجاز الرياضي كثقافة مجتمعية لتكون حافزاً لمزيد من التقدم والنمو في هذه الصناعة التي أصبحت خدمة ومنتجا وسلعة لها سوقها ومستهلكوها ومستثمروها.
إن الشعب الأردني وامام ضيق يد الحكومة رياضيا لقادر على تقديم الدعم للمنتخب ليكمل معروفه بادامة الافراح في ديار الاردنيين لرسم البهجة على وجوههم، في زمن تعمل فيه الحكومات على تجهم تلك الوجوه وهي تحملهم صباحا ومساء مسؤولية هزائمها الاقتصادية، فتعاقبهم برفع الاسعاروالمزيد من الضرائب، وتتوعدهم بالقادم من اجراءات مشابهة،لأنها تفكر بنفس الطريقة التقليدية العاجزة عن تحقيق انتصار واحد.
هذا زمن المبادرات الشعبية فلماذا لا يتاح المجال امام كل مواطن مهتم للتبرع ولو بدينار واحد في حسابات مصرفية تفتح للاتحاد الأردني في البنوك،أو من خلال صناديق تبرع توضع في المؤسسات والشركات وغيرها، ليكون الرد على هزالة الدعم الحكومي، كثافة التبرع الشعبي، فلقمة عيش المواطنين هي التي ستحدث الفرق الايجابي حتى لو كانت جيوبهم خاوية تطاردها الحكومة.