الأزمة السورية .. بين لعبة السياسة والمسؤولية الأخلاقية للأمم
د.خالد الشقران
22-09-2013 05:23 PM
خفف التفاهم الأمريكي الروسي حول السلاح الكيماوي والأزمة السورية بشكل عام من درجة حدة التوتر والترقب في المنطقة والتي تبعت إعلان الولايات المتحدة عن نيتها توجيه ضربة عسكرية لقوات النظام السوري عقابا لها على استخدام السلاح الكيماوي ضد الشعب السوري في منطقة الغوطة.
ظاهر الأمر يوحي أن ثمة بوادر حل سياسي تلوح في الأفق برعاية اللاعبين الأساسيين الولايات المتحدة وروسيا، لكن ثمة شعور عام في المنطقة بأن التوصل الى هذه النتيجة يحتاج الى وقت قد يطول خاصة وان روسيا والولايات المتحدة يبدو انهما ليسا في عجلة من امرهما ولا يبديان أهمية قصوى لعامل الوقت، الامر الذي يعطي النظام شعورا بعدم جدية او صرامة الموقف الدولي من القضية السورية برمتها.
وخلال ذلك كله لا يوجد ما يشير الى ان الالة العسكرية السورية وما يلحق بها من مليشيات طائفية مسلحة عن ارتكاب مزيد من عمليات القتل والتشريد والدمار اليومي بحق الشعب السوري بل على العكس تماما، حيث اعطى تراخي المجتمع الدولى للنظام السوري انطباعا مفاده انه يجوز لك ان تفعل ما تشاء من قتل ودمار طالما انك لن تستخدم السلاح الكيماوي مجددا.
على ان الولايات المتحدة التي يبدو أنها قد أخذت الى حد ما برواية النظام السوري حول وجود الجماعات الإرهابية تبدو متخبطة في موافقها من الثورة السورية حتى باتت تبدو وكانها ليس لديها استراتيجية واضحة للتعامل مع معطياتها على الارض رغم تجاوز عدد ضحايا النظام السوري لحاجز المايتي الف مواطن ورغم ضخامة حجم الدمار الذي احدثه هذا النظام بشكل لم يسبق له مثيل للمدن والقرى في مختلف انحاء سوريا.
وعلى النقيض من ذلك يعتقد كثيرون في الشرق الاوسط ان الولايات المتحدة تهدف من خلال اطالة امد الازمة السورية تحقيق عدة اهداف في ان معا حيث تتطلع عبر استمرار النزاع المسحلة الى انهاك قوة النظام السوري وكذلك إضعاف حزب الله والتخلص من جبهة النصرة وما شابهها من حركات دينية متطرفة تعمل على الارض السورية وفي المحصلة انتاج سورية ضعيفة في المستقبل دون ادخالها ضمن مفهوم الدولة الفاشلة
وايا كانت الاهداف التي تدفع القوى العظمى وعلى راسها الولايات المتحدة الى اطالة امد الصراع وعدم حسم الامر لصالح رغبة الشعب السوري في اسقاط نظام الاسد فإنه لم يعد من المقبول لا سياسيا ولا انسانيا وحتى اخلاقيا استمرار الصمت الدولي على جرائم النظام السوري بعد تأكيد تقرير اللأمم المتحدة استخدام أسلحة كيماوية في هجوم في سوريا في 21 اغسطس اب الذي يدعم يدعم الحجج الأمريكية بشأن مسؤولية الحكومة السورية عن الهجوم، خاصة وان الأدلة الفنية في التقرير - بما في ذلك أن غاز السارين المستخدم كان عالي الجودة وأن الأسلحة التي استخدمت في الهجوم لا يملكها الا النظام، وانما ينبغي على المجمتع الدولي الاضطلاع بمسؤولياته الاخلاقية عبر ايلاء اهمية قصوى لوقف النزيف المتواصل لدم الشعب السوري الذي يواجه في كل يوم اصنافا عديدة من اساليب القتل والدمار والتشريد.وعلى العكس من كل الحسابات الأمريكية والروسية ومعها الدولية فإن كل يوم زيادة في امد ألازمة السورية يعني ان هناك مزيدا من الأسر والمواطنين السوريين الذين سيتعرضون للمعاناه وفقدانهم لأحبتهم بسبب القتل ودمار ممتلكاتهم الأمر الذي يزيد من نقمة هذا الشعب على كل الأطراف التي تشارك بشكل مباشر او غير مباشر في هذه الجريمة الانسانية، وعليه يبرز تساؤل مهم يحتاج الى وقفة وتأمل من الجميع وهو من يستطيع منع شخص او مجموعة أشخاص تولدت لديهم الرغبة الشديدة في الانتقام ممن قتل ذويهم او ساعد على ذلك بأي شكل من الأشكال، عبر الانضمام الى جبهة النصرة أو أي مجموعات متطرفة اذا كانت ستساعد في تمكينهم من تحقيق هذا الهدف وإشباع رغبتهم في الانتقام.
(الرأي)