حكمة الملك وسياسة الإتجاه شرقاً
عادل حواتمة
22-09-2013 02:40 PM
يبدو أن تطبيق العبارة الإستراتيجية " الإتجاه شرقاً " لم يعد حكراً على الألمان الذين كانوا أول من استخدم هذه العبارة في اوائل القرن العشرين للتدليل على أن مصالحهم تكمن في الشرق وليس في الغرب. بل إن استشرافاً اردنيًا وجد أهمية لتشبيك المصالح الأردنية الإقتصادية والسياسية مع الشرق كافة، وبالأخص مع الصين و التي زارها جلالة الملك مؤخراً.
الزيارة الملكية للصين تشكل حلقة وثيقة في صياغة الأردن لمعادلة صداقاته وتحالفاته الدولية، سيما وأن الشرق نهض سياسياً واقتصادياً فيما يعرف "بالمعجزة الآسيوية" و"النمور الآسيوية" ومن ثم" المعجزة الصينية" ويبحث عن موطئ قدم في العالم العربي وافريقيا واللاتينية حتى في الغرب. فالسياسة الخارجية لأي دولة تبنى على أساس المصلحة ففي عالم السياسة لا يوجد أصدقاء دائمون ولا أعداء دائمون ولكن توجد المصلحة التي تدفع باتجاه دون آخر.
تكمن اهمية الزيارة في توقيتها بالتوازي مع ضبابية المشهد السوري، وفوضى العلاقات الدولية التي لم تعد منضبطة في ظل ما يطلق عليه الربيع العربي وبالتالي تنشأ أهمية لتدعيم العلاقات مع حلفاء واصدقاء جدد دونما الإقتصار على الغرب، والذي أثبت مؤخرا أن مواقفه تجاه دول المنطقة تأخذ في حسبانها الأول أمن اسرائيل. كما أن معاناة الإقتصاد الأردني الذي يبحث عن إعادة تحفيز لا شك سوف ينتعش نتيجة الإتفاقيات الموقعة والتي تسعى الصين من خلالها لزيادة استثماراتها في المملكة ما من شأنه تحريك الإقتصاد الراكد.
فتحقيق المصلحة الأردنية يكون في الإنفتاح على كل المكونات السياسية والإقتصادية المؤثرة في عالم اليوم والصين احداها بل من أهمها وذلك للإعتبارات التالية :
أولاً: الصين دولة دائمة العضوية في مجلس الأمن، وتملك حق النقض الفيتو وتعتبر الدولة الأقل استخداماً للفيتو في مجلس الأمن، الإ أن استخدامها لهذا الحق مرتين مؤخراً فيما يخص سوريا يفتح باب التساؤلات حول طبيعة مستقبل السياسة الخارجية الصينية في المنطقة.
ثانياً: تسعى الصين إلى لعب أدوار أكثر حيوية في العالم وبالذات في المنطقة العربية لأهميتها في الطاقة والممرات البحرية، ولعل الدور الأردني في القضية الفلسطينية الأكثر إثارة في المنطقة، يصاحبه الآن الدور المهم سواءً الإنساني أو السياسي للأردن في الأزمة السورية، يضاف لهما موقع الأردن الجغرافي تجعل منه موضع اهتمام صيني.
ثالثاً: الإقتصاد الصيني العظيم محرك أساسي للإقتصاديات الناشئة من حيث الإستثمارات والمساعدات ودورالصين في مجال الطاقة البديلة الآمنة والتي يحتاج الأردن الإنتقال لها تدريجياً للتخفيف من النزف الذي يستهدف الإقتصاد الأردني والذي يعتمد بشكل أساسي على مصادر الطاقة التقليدية.