قراءة جديدة في المشاعر بقلم الروائية سناء ابو شرار
22-09-2013 02:23 PM
عمون - يقع كتاب The heart of the soul" " للكاتبان غاري زوكاف وليندا فرانسيس2002- على 291 صفحة ويستعرض بشكل متعمق المشاعر الإنسانية التي تعتري أي انسان في مرحلة طويلة أو قصيرة من حياته . ما يميز الكتاب هو تحليله الدقيق لهذه المشاعر وأن كل شعور له جذور عميقة في النفس ولا توجد مشاعر عشوائية ، وتكمن أهمية تحليل المشاعر في انعكاسها القوي على تصرفات الانسان وردود أفعاله تجاه ذاته أو تجاه الآخرين ، والمشاعر بهذا الكتاب ليست مشاعر الحب بين رجل وامرأة بل جميع المشاعر التي تعتري الذات البشرية بمفومها الانساني الأشمل والأوسع.
• الألفة :
نقص الألفة مؤلم لأنك لا تصل للآخرين والآخرين لا يصلون إليك، الآخرين يبدون كأشياء لا تهتم بما يشعرون ولا تهتم سوى بإنهاء شيء ما يخصك : الألفة تتطلب شيء من الضعف والضعف لا يعني مشاركة ضعفك مع الآخرين بل ادراك نقاط الضعف الذاتية وتقبلها ثم التعامل بوجودها.
• الغضب:
يبدو الغضب مثل جبل جليدي لا نرى سوى قمته الصغيرة وما تحت القمة ألم دفين تم اخفاؤه ؛ الغضب لا يستمع لا أحد ، لا يحترم أحد ، يهتم بنفسه فقط يريد ما يريد الآن وفي عمق الغضب يكمن نقص التقدير للذات والرؤية الواضحة.
• إدمان العمل:
إدمان العمل هرب من المشاعر، إنه علاج أقوى من أي مخدر ولكنه مثل أي مخدر يخفف الألم ولكنه لا يعالجه ولابد من أخذه بشكل دائم كي يتوقف الألم . يشعر مدمنو العمل بالضيق إن دخل أحد ما حيزهم الضيق أو حين لا يتم تقدير ما يقومون به ، إدمان العمل وسيلة لإخفاء المشاعر المؤلمة والسلبية حين لا يستطيع الشخص مواجهتها أو لا يرغب بذلك ولكنه صعب لأنه يستنفذ كل طاقة الانسان.
• استرضاء الآخرون:
محاولة استرضاء الآخرون ديناميكية قوية ونابعة من عدم الثقة بالنفس، يعتقد صاحبها أنه لا يستطيع العيش دون رضاء الآخرين ودون اعجابهم واهتمامهم ورضاهم وحين يتجاهلونه يشعر بالغضب . استرضاء الآخرون تمنع الشخص من فهم مشاعره لأنه في محاولة دائمة لإستشعار مشاعر الآخرين وليس مشاعره.
• الكحول والمخدرات:
سبب ادمانهما هو مشاعر قوية ومؤلمة بالدونية وعدم الثقة ، معرفة ومعالجة هذه المشاعر هو اساس العلاج النفسي. الإدمان يخبيء الغضب ثم يأتي الشعور بالخجل من الذات ، تهديء الكحول والمخدرات هذه المشاعر مؤقتاً ولكنها لا تجعلها تختفي ، أنها تجعل الشخص يتجاهل النداء الداخلي المؤلم ليوم لشهر لسنة أو العمر كله ولكنها لا تحل جذر المشكلة.
• الأكل:
حجم الجسم ليس الموضوع ، ولكن الأكل هو الموضوع ، حين يأكل الشخص لإشباع جوع لا يُشبعه الطعام يصبح الجسد أكبر ولكن الروح تبقى فارغة ، الطعام يعالج معاناة معينة ولكنه علاج سطحي لأن المشكلة تبقى قائمة والوزن يزيد.
• الحكم على الآخرين:
حين يكرس الشخص وقته للحكم على الآخرين وانتقادهم ينسى من هو ، ما هو هدفه ورغباته وأولوياته وبذات الوقت الإندفاع للحكم على الآخرين اشارة إلى أن هذا الشخص توجد لديه أمور لم يحلها مع ذاته وحلها لابد أن يكون محور اهتمامه لا حياة الأشخاص الآخرين.
الكتاب يتطرق لمشاعر عديدة لا مجال لعرضها جميعها ولكن أهم ما ورد بهذا الكتاب هو الجملة التاليه:
( المشاعر المؤلمة تقول لك ماذا يجب أن تغير في ذاتك وليس في الآخرين وأساس كل تغيير ايجابي هو الثقة والمحبة).
وفي مجتمعنا الشرقي المحكوم بتقاليد تفرض نفسها على الشعور لابد من الإعتراف بأن المشاعر ليست شيء كمالي في الوجود بل هي محرك أو مدمر. تنقية الشعور تبدأ بتنقية الأفكار وإسقاط كل ما يقلل من شأن النفس ؛ وتكمن خطورة إسقاط شأن النفس أن من يرى ذاته أقل من الآخرين أو من يعتقد بأنه لن يكون بالمستوى الذي يرغب به تتفاعل كل الأشياء والأشخاص من حوله ليكون كذلك . نحن جميعاً إنعكاس لأفكارنا وهذه الأفكار يراها الآخرين حتى ولو كانت مختبئة وصامتة لذا ومثلما نهتم بما نأكل وبما نلبس لا بد أن نهتم بما نفكر أو بالأحرى أن نراقب أفكارنا لأنها تتحول إلى نهج حياة وإلى حقيقة لا مفر منها. وفي مجتمع شرقي يهتم بما هوسلبي أكثر من تشجيعه لما هو إيجابي لابد أن نُعيد بناء تربية الإيجابية والتشجيع ليس بأسلوب المبالغة الذي تنادي به بعض التيارات الغربية ، بل بأسلوب المنطق العلمي و كذلك الدين ، وليس أبلغ من الحديث الشريف الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وأقسم به :" أن لن تناولوا خير الدنيا والآخرة إلا بحسن الظن بالله" والله أخبرنا بأنه الكريم واللطيف والجميل والرحمن الرحيم